صدر أول أمس الجمعة 24 يناير بيان عن شرطة منطقة الرياض بالسعودية حينما تطالعه يذهب يعقلك ويجعلك تصاب بنوبة هيستيريا الضحك الباكي، أو البكاء الضاحك، فالبيان حول استدعاء شخصين خالفا لائحة المحافظة على الذوق العام خلال فعالية بالعاصمة السعودية الرياض. الشخصان هما المطرب السعودي عبد المجيد عبد الله، والمطربة المصرية أنغام، والسلوك المخالف للذوق العام هو أن المطرب قبّل المطربة بحماسة، وظهر ذلك في لقطة فيديو جري تداولها على مواقع التواصل.
البيان صدر في أعقاب حفل حدث بحاضريه وصخبه وما جرى فيه من لهو ومتعة، في الدولة التي نزل بها الوحي، ويحمل ملكها لقب خادم الحرمين، هذا من ناحية الجغرافيا والعقيدة والدين والأخلاق.
أما من ناحية الزمن فحدث في وقت تقف فيه أرض الحرم الثالث " أرض الأقصى" على أطراف أصابعها في مشهد مهيب، على وقع 50 ألف شهيد وأكثر من 100 ألف مصاب وأكثر من مليون نازح، يصارعون من اجل الحصول علي نسمة من هواء الحرية والكرامة والدفاع عن الحرم الثالث، ضد الصهاينة العنصريين المحتلين القتلة الكذابين المتاجرين بدماء الأنبياء.
تقديري أن كل شخص لديه شيء من الدين والإنسانية والعقل، يقرأ البيان ويمن الله عليه بالشفاء من نوبة هيستيريا الضحك الباكي أو البكاء الضاحك، سيكون من فرض العين عليه أن يسأل شرطة الرياض الأسئلة التالية:
ـ هل من الذوق والأخلاق أن تنفذ بلد الحرمين عن تخطيط مسبق وعن عمد سلسلة من حفلات اللهو والمتعة والترفيه، طوال فترة قاربت العام ونصف العام، وصعدت خلالها النفوس الذكية لـ 50 ألف بريء إلي بارئها تحت بطش الصهاينة القتلة الاوغاد؟
ــ هل من الذوق والأخلاق أن تترك شرطة الرياض المساحات الكبيرة من الأجساد الأنثوية غير المستورة في حفلات لهو وترفيه الرياض، دون أن تتولاها بالرصد والقياس الدقيق وتعلنها، لنعرف نحن هل مساحات الانكشاف ومساحات القبلات الظاهرة والباطنة، تتجاوز مساحة ما بقي تحت الاحتلال من أرض غزة، في شارع صلاح الدين وفي محور نتساريم وفيلاديلفيا ام تقل عنها؟
ـ هل من الذوق والأخلاق ألا تقوم شرطة الرياض بإحصاء عدد الصهاينة الأقحاح، الذين تغص بهم حفلات الترفيه واللهو في الرياض، وكذلك أعداد العرب الصهاينة الذين يفوق عددهم عدد الصهاينة الاقحاح، ممن يغمرون شوارع الرياض وليس فقط أماكن حفلات الترفيه واللهو، وتصدر بعد ذلك بيانا يحصي هؤلاء وهؤلاء، ليقوم كل من لديه ذرة من إنسانية بالمقارنة بين عدد الصهاينة في حفلات الرياض، وعدد من أزهقت أنفسهم الذكية تحت جنازير دبابات الصهاينة في بيت حانون وجباليا وبيت لاهيا وغزة وخان يونس ورفح؟
ـــ هل من الذوق والأخلاق ألا تعلن بلد الحرمين عن إيقاف ولو مؤقت، او تغيير ولو طارئ عارض، في حفلات اللهو والترفيه احتراما لدماء من استشهدوا وآلام من أصيبوا ومعاناة من فقدوا الأحبة والأهل والأرض والسكن والمستقبل؟
ــ هل من الذوق والأخلاق أن يعلن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان يوم الخميس 23 يناير، أي قبل قبلة المطرب على خد المطربة، عن استثمار 600 مليار دولار في أمريكا ويتعهد بذلك لترامب، فيزايد عليه ترامب في حديثه أمام منتدي دافوس ويطلب تريليون دولار، ثم يوافق ترامب في اليوم نفسه على الإفراج عن صفقة القنابل فائقة القدرة زنة الف رطل للجيش الصهيوني، وهي الصفقة التي أوقفها بايدن قبل عدة اشهر، وكأن ترامب قد اطمأن إلى أن المال السعودي ستكفل بتمويل صادرات السلاح الأمريكي للصهاينة للفتك بإخوة لنا في الدين والإنسانية والعروبة؟
ــ هل من الذوق والأخلاق ألا تصدر شرطة الرياض بيانا دفاعا عن الذوق والأخلاق، بعدما عقد ولي العهد اجتماعا مع مايك إيفان مؤسس متحف أصدقاء إسرائيل، والمقرب من ترامب، ثم يخرج هذا الشخص ليقول علنا يوم الأربعاء 22 يناير (قال لي ولي العهد إن الفلسطينيين الأغبياء أضاعوا أموال المساعدات، وبدلاً من أن يقلدوا نجاح إسرائيل حاربوا ضدها)، وأضاف ذلك الصهيوني:( ولي العهد السعودي محمد بن سلمان يكره طريقة حماس وتعليم الفلسطينيين الكراهية. هو يريد تغيير ذلك من خلال إصلاح النظام التعليمي، وقال لي هذا شخصيًا في محادثة بيننا).
ــ هل من الذوق والأخلاق ألا يحرك حديث هذا الصهيوني ساكنا لدى شرطة الرياض، ولو من باب درء السوء عن وجه الأمير ولى العهد؟
.................
تحرك شرطة الرياض للدفاع عن الذوق والأخلاق بعد قبلة المطرب علي خد المطربة، وعدم تحركها للدفاع عن الذوق والأخلاق في الوقائع الأخرى المذكورة سابقا قبل وبعد هذه القبلة، يقول إنها شرطة تقع كليا تحت مقولة (تقتلون الحسين وتسألون عن دم البعوض)، أو على الأقل تحت مقولة: إذا لم تستح فافعل ما شئت.
---------------------------------
بقلم: جمال غيطاس
(نقلا عن صفحة الكاتب على فيس بوك)