19 - 07 - 2025

مقال لجوروزاليم بوست: نفوذ قطر المتعاظم إقليميا وعالميا أصبح مثار قلق

مقال لجوروزاليم بوست: نفوذ قطر المتعاظم إقليميا وعالميا أصبح مثار قلق

- تزايد نفوذ قطر في الإقليم يطرح أسئلة بشأن حركة القوى الإقليمية في المنطقة 

في أعقاب وقف إطلاق النار مباشرة، لم تضيع قطر أي وقت في استئناف إرسال المساعدات إلى غزة - بموافقة إسرائيل - تمامًا كما كانت تفعل قبل الحرب، وأطلقت الدوحة يوم الاثنين ممرًا بريًا لتزويد غزة بـ 12.5 مليون لتر من الوقود خلال الأيام العشرة الأولى من وقف إطلاق النار.  

هذه الاستجابة السريعة، إلى جانب الاعتراف الدولي بدور قطر كوسيط ناجح في التوصل إلى الاتفاق بين إسرائيل وحماس، بما في ذلك شكر الرئيس (الصهيوني) إسحاق هرتسوغ لرئيس الوزراء القطري على هامش مؤتمر دافوس، قد يعزز دور قطر كلاعب مركزي في غزة.  

مثل هذا السيناريو يطرح تحديات لإسرائيل، خاصةً بالنظر إلى الدعم القطري الموثق جيدًا لحركة حماس، على الرغم من الآمال والتصريحات الإسرائيلية بعد هجمات السابع من أكتوبر المدمرة. 

 إذا استمر وقف إطلاق النار وتم حل قضية الرهائن، قد تجد إسرائيل نفسها أقل اعتمادًا على الوساطة القطرية، ولكن في غياب خطة متماسكة لـ"ما بعد اليوم" لغزة، من غير المرجح أن يتقدم أي لاعب آخر غير الدوحة لتحمل المهمة الضخمة المتمثلة في إعادة بناء البنية التحتية المدمرة في غزة، ويشمل ذلك توفير الاحتياجات الأساسية لسكانها، خاصةً بينما تستمر حماس في ممارسة نفوذ كبير داخل المنطقة.  

دور قطر مع الإدارة الأمريكية 

وضعت قطر نفسها كلاعب لا غنى عنه، ليس فقط في الشرق الأوسط ولكن أيضًا في حسابات السياسة الخارجية الأمريكية، وقد كانت قدرة الإمارة على تحقيق رغبة ترامب بالإفراج عن الرهائن في غزة قبل تنصيبه بداية جيدة بشكل خاص لعلاقاتها مع الإدارة الجديدة.  

هذا التوافق عزز علاقاتها مع واشنطن بشكل أكبر، خاصةً في ضوء التقارير التي تشير إلى أن ستيف ويتكوف، مبعوث الشرق الأوسط في الإدارة الجديدة، لديه مصالح اقتصادية في قطر. مثل هذه الروابط قد تسهل تعاونًا سياسيًا أعمق، مما يجعل نفوذ قطر في غزة مصدر قلق لإسرائيل.  

موطئ قدم استراتيجي 

تستخدم قطر مساعداتها المالية لغزة كأداة دبلوماسية للحصول على نفوذ دولي، وتعتبر شحنات الوقود بالنسبة للدوحة مجرد خطوة أولى في جهود إعادة الإعمار الأوسع، مما يشير إلى نهاية النزاع الأخير.  

قال المسؤولون القطريون إنهم "يأملون ان لا يضطروا الى تبني موقفًا أكثر وضوحًا مؤيدًا لإسرائيل ومعاديًا لحماس وايران بعد عودة إدارة ترمب" عند سؤالهم عن ذلك.  

نفوذ عالمي متنامٍ 

جاءت هجمات السابع من أكتوبر وقطر في ذروة مكانتها الدولية، حيث زاد الاعتماد العالمي على قطر، باعتبارها مصدرًا رئيسيًا للغاز الطبيعي المسال، حيث تمتلك حوالي 10% من احتياطات العالم - المطلوبة بشدة من الصين وأوروبا، خاصةً في ضوء العقوبات المفروضة على روسيا.  

يمتد نفوذ قطر "القوة الناعمة" في العالم الغربي إلى مستويات غير مسبوقة، مع تمويل واسع وعلاقات مؤسسية في مجالات الأكاديمية، والثقافة والفنون، والرياضة، وغيرها. 

تعرضت العلاقات الغربية مع قطر الى التدقيق لفترة وجيزة بعد هجوم حماس  بسبب الدعم القطري للحركة، وأُثيرت مزاعم - بما في ذلك في جلسة استماع في الكونغرس الأمريكي - تفيد بأن التمويل القطري الضخم للجامعات الأمريكية يساهم في زيادة معاداة السامية في الحرم الجامعي وسط الاحتجاجات المؤيدة لفلسطين أثناء حرب غزة.  

هذه الاتهامات، التي روّجت لها بشكل كبير مجموعات مؤيدة لإسرائيل، كانت على الأرجح وراء قرار جامعة تكساس إيه آند إم في أوائل 2024 بإغلاق حرمها في مدينة التعليم في الدوحة بعد عقدين من الزمن.  

ومع ذلك، سرعان ما بدا أن هذه الانتكاسة معزولة: حيث استمرت جميع المؤسسات المرموقة الأخرى في شراكاتها مع قطر دون انقطاع.  

الأحداث الدولية التي تستضيفها قطر 

استمرت المنتديات الدولية التي تستضيفها قطر، مثل منتدى الدوحة لـ"الدبلوماسية، والحوار، والتنوع"، ومنتدى قطر الاقتصادي، كالمعتاد بمشاركة ضيوف رفيعي المستوى من جميع أنحاء العالم.  الرسالة واضحة: إن قطر باقية.  

التحديات أمام السياسة الإسرائيلية 

أبرزت الحرب الأخيرة النفوذ الدولي لقطر، والذي لا تستطيع إسرائيل مواجهته وحدها أو عزله دبلوماسيًا.  يجب على إسرائيل الانخراط بفعالية مع الإدارة الأمريكية لتوضيح أين تشكل الإجراءات القطرية تهديدًا مباشرًا للمصالح الإسرائيلية - سواء في غزة أو على نطاق جيوسياسي أوسع، كما يتعين على إسرائيل مواجهة معضلة استراتيجية حاسمة: هل من الممكن قطع علاقات قطر مع حماس، نظرًا لنفوذ الأخيرة المستمر في غزة؟ إذا لم يكن ذلك ممكنًا، فقد يكمن البديل في تحديد مجالات تعاون محدودة مع قطر، طالما أن هذه الجهود تتماشى مع الأهداف الأمنية والسياسية الأوسع لإسرائيل.  

نظرة إلى المستقبل 

بينما يتشكل مستقبل غزة بعد الحرب، يبدو أن دور قطر سيتعاظم، مما يثير أسئلة حاسمة حول تأثيره على ديناميكيات القوة في المنطقة.  بالنسبة لإسرائيل، فإن التعامل مع هذا الواقع يتطلب موازنة التعاون العملي مع اتخاذ تدابير حازمة لحماية مصالحها الأمنية الوطنية، ويمكن لإسرائيل إدارة دور قطر في غزة بشكل أفضل من خلال العمل بشكل وثيق مع الولايات المتحدة وشركاء دوليين آخرين، مع السعي للحد من المخاطر المرتبطة بدعمها المستمر لحماس.  
--------------------------------------
ليويل غوزانيسكي وايلان زلايات
جوروزاليم بوست - والكاتبان باحثان في معهد دراسات الأمن القومي بجامعة تل أبيب.