من وظائف النحو، توضيح المعنى وإزالة اللبس الذي قد يغير المقصود
جاء في مُحكم التنزيلِ (أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ) التوبة/ 3، هل لاحظنا كيف ضُبطتْ (ورسولُه) في الآية الكريمة؟
يقينًا فهمنا من ضبطها أن المعنى المقصودَ «أن اللهَ بريءٌ من المشركين، ورسوله بريء أيضًا منهم»..
تحليل نحْوي:
قراءة هذه الكلمة (ورسولُه) بالضم على أنها مبتدأ، وخبره محذوف، والتقدير: «وَرَسُولُهُ بَرِيءٌ مِنْهُمْ».
كذلك هناك مَن قرأها (ورسولَه) بالفتح، عطفًا على لفظِ الجلالة المنصوب بـ(أنّ)، أي إن اللهَ ورسولَه بريئان من المشركين..
السؤال هنا، ماذا لو قرأناها و(رسولِه) بالجر- عطفًا على المشركين،
هل يمكن الاعتقاد بأن الله بريء من المشركين وبريء من رسوله؟
حاشا لِلَّهِ أن يكون المعنى كذلك؟
ودعْك ممن يرى أن لها قراءةً شاذةً (ورسولِه) بالخفض؛ على إرادة القسم، أو المجاورة، هذه القراءةُ لا تجوز عند العلماء؛ كونها توهم بأن الله بريء من المشركين، ومن رسوله، والعقلُ لا يقبل أن يتبرأ الله، جل في علاه، من أي رسول كلّفه، فهذا باطل محال، فضلاً عن أن في القول بالخفض هنا على الجوار، أو القسم تكلّفًا واضحًا، لا حاجة إليه.
ولا ننسى أن العطف من التوابع أي المعطوف يتبع المعطوف عليه رفعا ونصبا وجرا..
إذًا، وظيفة النحو لا تكمن في ضبط الكلام بالنص أو الجملة، وإنما بيان المعنى وتوضيحه، وإزالة اللبس الذي قد يغير المقصود، ومن ثم يحب تعقُّل النحو قبل أن النطق.