05 - 05 - 2025

ماذا يريد الشعب (٢٥) أحزاب تحت الطلب

ماذا يريد الشعب (٢٥) أحزاب تحت الطلب

من المعروف أن الدستور المصرى حدد النظام السياسى فى إطار التعددية السياسية، فلا ديمقراطية دون تعددية ولا تعددية بدون أحزاب. وهذا يعنى أن الأحزاب والحياة الحزبية هى حجر الزاوية فى إيجاد وتنشيط الحياة السياسية، والتى تعنى المشاركة الجماهيرية فى اتخاذ القرار من خلال طرح البرامج الحزبية التى تحمل رؤى سياسية تختار الجماهير من بينها ما يتوافق مع آمالها وطموحاتها وتحقيق مصالحها، وهذه ميزت وفلسفة التعددية الحزبية التى تتلخص فى تعبير (إعطاء الفرصة والافساح للرأى والرأي الآخر).

فهل الحياة الحزبية تؤكد هذا ؟ لاشك أن مصر لم تعرف الأحزاب بالمعنى المعروف إلا فى أوائل القرن العشرين تأثرا بالممارسات السياسية والحزبية الأوروبية. وكان من الطبيعى أن تختلف التجربة المصرية عن سواها من الأحزاب الأوربية، نتيجة لاختلاف الأرضية النقابية والسياسية والثقافية التى نتجت عن الثورة الصناعية. فكانت أحزاب ذات برامج وتوجهات سياسية مختلفة تعبر عن التوجهات الجماهيرية. أما المناخ السياسى المصرى فكان ومازال يعتمد على الفردانية الذاتية والزعامية التى تتخذها الجماهير المثل والقدوة، بل فى أحيان يكون هو المخلص أو المسيح المنتظر. ومن الطبيعى أن تكون هناك صراعات شخصية وذاتية بين زعامة وزعامة أخرى نظرا لسيطرة النظرة الذاتية وغياب النظرة الموضوعية. ما جعل الأحزاب ترتبط شكلا وموضوعا بالشخص والزعيم، وذلك لغياب الارتباط الحزبى والسياسى بالبرنامج السياسى!

فكان عرابى زعيما جاء مصطفى كامل فتم إهالة التراب على عرابى (صغار فى الذهاب وفى الإياب هذا هو قدرك ياعرابى)

جاء سعد زغلول فرفض قبول أعضاء الحرب الوطنى (حزب مصطفى كامل) فى حزب الوفد. حدث صراع شخصى وليس سياسى بين سعد زغلول وعدلى يكن تم التعبير عنه من جماعة سعد بمقولة (الاحتلال على يد سعد أحسن من الاستقلال على يد عدلى!). جاءت يوليو وألغيت الأحزاب، وكان الحزب الواحد تحت قيادة وزعامة عبد الناصر (الزعيم الأوحد). عادت الأحزاب على مقاس وحسب رؤية السادات فكان حزب الوسط هو حزب النظام والسلطة، وأعلن السادات رئاسته للحزب البديل (الوطنى) فهرول الجميع من حزب الوسط بقيادة ممدوح سالم (كان رئيس وزراء) إلى حزب السادات. جاء مبارك فورث الحكم والحزب. وفى كل هذه الحالات لم يكن هناك أحزاب ذات برامج سياسية غير حزب التجمع والوفد والعمل، لكن لسيطرة الحزب الوطنى على مجمل الحياة السياسية ، كانت ولا زالت شكلية وديكوربة انتهاء باحزاب مابعد ٢٥ يناير، حيث انفجرت بلاعة الأحزاب التى كانت عائلية وشكلية ومظهرية بهدف التواجد والمنظرة الاجتماعية، والأهم الحصول على مكسب ما أو مقعد فى البرلمان. بعد ٣٠ يونيو ولأسباب تتصل بالممارسات الإرهابية التى اجتاحت الوطن من جماعة الإخوان، كانت فكرة تكوين حزب مستقبل وطن كبديل ومثيل للحزب الوطنى الديمقراطي، وبنفس الطريقة الحزبية التى لا تعتمد على البرنامج الحزبى والسياسى. فكان وغيره يعمل من خلال تعليمات لا علاقة لها بالأحزاب والسياسة. 

والآن نقول بعد تلك الظروف التى يعيشها الوطن وتعيشها المنطقة والتى تمثل الخطر كل الخطر على الوطن العزيز، فالمؤامرة معلنة وليس خافية، كما أن أحداث سوريا تجعلنا نأخذ العبرة، حتى ولو كانت مصر بتاريخها وحضارتها، والمصرى بشخصيته الحضارية المصرية غير سوريا. نقول الآن لابد من التلاحم المصرى الحقيقى دون إقصاء لغير من لايريد للوطن خيرا وهؤلاء لهم القانون. 

فلابد من فتح المجال للرأى والرأي الآخر، وهذا فى صالح النظام الذى يجب أن يكون فى صالح الوطن والمواطن. فهل فى هذا الإطار يتم إعلان حرب يسمى الجبهة الوطنية؟ فهل هذه جبهة ذات برنامج حزبى وسياسى له هوية يمكن مناقشتها والاتفاق والاختلاف معها؟ هل الجبهة حزب أم تجمع؟ وما هويته السياسية التى تميزه عن باقى الأحزاب؟، هل هذه الشخصيات المؤسسة مع كل الاحترام للجميع، فكلنا مصريون، لهم تجاربهم السياسية والحزبية التى تجعلهم أصحاب مصداقية حقيقية؟ أى أنهم مؤمنون بالهدف بعيدا عن المكاسب الشخصية؟. 

الأهم ياسادة، هو اختصار ذلك العدد الحزبى الذى لايفيد ولن يفيد، على أن تكون هناك أحزاب لها برامجها المميزة كل منها عن الآخر. كما يجب أن تكون هناك فرصة للعمل الحزبى فى إطار جماهيرى حتى يتم الاختيار الانتخابى على أساس سياسي، وليس اختيارا طائفيا وقبليا وجهويا ...الخ. 

مصر تستحق الكثير من التضحية والنضال والعطاء، أجلوا المنافع الشخصية حتى ينجو الوطن مما يحاك له، ويظل وطنا يعيش فى سلام واستقرار، وطنا لكل المصريين. حمى الله مصر وشعبها العظيم .
----------------------------
بقلم: جمال أسعد


مقالات اخرى للكاتب

الفكر الديني والمؤسسات الدينية