06 - 05 - 2025

لماذا يحتقر الإخوان الشعب المصري؟!

لماذا يحتقر الإخوان الشعب المصري؟!

عندما غضب الناس أمس من السرف الشديد في القصر الباذخ الذي بناه السيسي من قوت الشعب الفقير، خرج بعض نشطاء "الإخوان" ـ كالعادة ـ لتوبيخ الشعب المصري الذي باع الرئيس الذي كان يسكن في شقة بالإيجار، واستبدل به من يتنعم في القصور، وأن الشعب يدفع ثمن خذلانه، في لغة تستعيد روح الشماتة في الشعب، في كل مرة يضطرنا هؤلاء لتذكيرهم بأن الشعب أدى كل ما عليه تجاههم، وأوصلهم للسلطة والحكم، وسلمهم مفاتيح القرار، لكنهم أضاعوها، وعجزوا عن إدارتها بحنكة ودهاء السلطة، فأضاعوها، لأنهم كانوا فاشلين وغير مؤهلين للحكم، هم أنفسهم اكتشفوا ذلك، والناس جميعا ترى تلك الحقيقة، أنهم فاشلون، فشلوا في إدارة الدولة، وفشلوا في تجربة الحكم، وفشلوا في مواجهة خصومهم، وفشلوا في فهم عدوهم من صديقهم، وفشلوا في تقدير المخاطر فظنوا أن الخطر على حكمهم هو عبد المنعم أبو الفتوح وباسم يوسف وليس من (العسكر) الذين تغزلوا فيهم وقالوا أنهم رجال من ذهب، وفشلوا في عمل إنقاذ لمركبهم وهي تغرق، وفشلوا في مواجهة (العسكر) عندما وضحت لعبتهم، وفشلوا في احتواء غضب الناس، وفشلوا في احتواء قلق دول المحيط، وفشلوا في صناعة جبهة وطنية قوية تحمي مكتسبات ثورة يناير بفعل الطمع، وفشلوا في اختيار الكفاءات لقيادة الدولة في المرحلة الحرجة وفضلوا اختيار أهل السمع والطاعة، وفشلوا في استيعاب نصيحة دهاة السياسة مثل اردوغان وسخروا منه وأهانوه وقالوا له اهتم ببلدك، ثم فشلوا في إدارة حوار سياسي مثمر عقب الانقلاب، وفشلوا في العمل على خطة سياسية واضحة تقلل الخسائر وتحمي الدماء، ثم فشلوا بعد ذلك في إيجاد معارضة سياسية جادة وقوية ومؤثرة محليا وإقليميا ودوليا تواجه (الانقلاب العسكري) والحكم الجديد، باختصار، فشلوا في إدارة الفرصة، وفشلوا في إدارة الأزمة.

فشلوا في كل شيء يتصل بالسياسة والإدارة، لكنهم لا يريدون الاعتراف بأنهم فشلوا، لذلك في كل مرة يحاولون أن يبحثوا عن شماعة يعلقون عليها فشلهم، ويجدون أن "الشعب المصري" هو "الحيطة المايلة"، التي يسهل تحميلها فاتورة فشلهم وعجزهم وضعفهم وهوانهم، فيهينون الشعب المصري، ويحقرون الشعب المصري، ويسبون الشعب المصري، ويشمتون في معاناة الشعب المصري، وهو الشعب الذي حملهم إلى رئاسة الجمهورية وحملهم إلى رئاسة البرلمان، ووقف في ظهرهم خمس مرات في استحقاقات انتخابية ودستورية، ووقف لهم في حر الشمس ساعات طويلة في طوابير أمام اللجان مصرا على منحهم الفرصة وتوصيلهم للحكم، لكن الشعب خاب أمله فيهم، وفوجئ بأنهم ضعفاء وفارغون وعاجزون وبلا خبرات حقيقية ويسهل التلاعب بهم، فانفض من حولهم وتركهم لمصيرهم.

لم تستوعب الجماعة أنها قوة سياسية واجتماعية من بين القوى التي تعيش بين الشعب، يمكن أن يقبل بها أو يرفضها ولا كرامة، أو يدير لكم ظهره إذا رأى أن لا خير فيكم له، أنت لستم أنبياء الله أو رسله، يكفر بالله أو بالوطن من يختلف معكم أو يرفض مشروعكم أو لا يثق بكم، لستم أبناء الله وأحباءه، لكي يكون الشعب المصري ملزما بكم وبمشروعكم وقادتكم، خاصة عندما يكون فشلكم صارخا وواضحا للعيان رغم أي مكابرة أو مراوغة.

ودع عنك ذلك السلوك غير المسؤول بالتهرب من مسؤولية الاعتراف بالخطأ ، وتحمل مسؤولية الفشل بشجاعة ونبل، ومحاسبة النفس بأمانة وإحساس عال بالمسؤولية، ودع عنك تفكيرهم دائما في إلقاء "بلاويهم" على الشعب، أفلا يفكر هؤلاء في أن هذا السلوك يمثل ضررا فادحا بمشروعهم السياسي، إن كان قد بقي لهم مشروع سياسي، ألا يفهمون أن هذا الهجاء المستمر للشعب والتحقير له والشماتة فيه تضعهم تلقائيا في خندق "أعداء الشعب" وخصوم الشعب، وأن هذا الشعب سيفكر ألف مرة بعد ذلك قبل أن يضع يده في أيديهم أو يتحمل أي جهد أو تضحية من أجل مساعدتهم ؟ ألا يفكرون في ألف باء السياسة؟.

أما آن للإخوان أن يمتلكوا الشجاعة الأخلاقية ويعترفوا بأنهم فشلوا في تجربتهم، وأنهم أخطأوا التقدير؟ وأنهم مسؤولون ـ وحدهم أو مع الآخرين ـ عن ضياع الثورة وتسليم البلد للعسكر؟، أما آن لهم أن يعتذروا للشعب الذي خيبوا آماله فيهم، وخذلوه، وضيعوا عليه فرصة تاريخية لبناء دولة عادلة راشدة، وأما آن لهم أن يتوقفوا عن هجاء الشعب المصري وتحقيره؟ أو أن يبحثوا لهم عن شعب آخر ينتمون إليه ويتحدثون باسمه.
------------------------
بقلم: جمال سلطان
* المقال نقلا عن صفحة الكاتب على فيس بوك

مقالات اخرى للكاتب

لماذا يحتقر الإخوان الشعب المصري؟!