الوطن كلمة ما إن تسمعها حتى تثار عندك كل مشاعر الحب والولاء والتضحية، هكذا ربينا صغاراً وكبرت معنا الحكاية، لكن حين نما العقل والفكر ألفنا واقعاً أخر، وخاصة فى كل بلدان العرب، فالوطن هو الزعيم المفدى والمؤسسات التى تُخدم عليه من قضاء وشرطة وجيش وإعلام، وملايين الموالى والمغيبين الذين يهتفون بالروح بالدم نفديك يا زعيم، وهم بلا روح ولا دم، وزعيمهم مجرد خادم ذليل ، صبى الكاوبوى أو خادم الدب الروسى.
والعجب أن تتحول مؤسسات الحكم الى مربعات بيانية مقدسة، فإن إقتربت منها بالنقد صرت خائناً خارجاً عن الجماعة الوطنية، وربما إتهموك بالإرهاب، وإن كان الحكم دينياً صرت كافراً خارجا عن جماعة المسلمين، ومن سوء حظنا نحن العرب أن الحكم مراوحة ما بين الفاشية الدنيية والفاشية العسكرية (فأختر ما شئت فأمورك أحلاها مر) وفى كل الأحوال أنت عبد للوطن الذى أستولى عليه كل أولئك اللصوص، وغادر الشرف أصحاب المقامات الرفيعة، فرأينا القاضى المرتشى والقاضى المسيس وضابط الشرطة المنحرف، وحاد أصحاب الرسالات الكبرى عن واجبهم وصاروا يمارسون البيزنس بشراهة لم ترها البلاد والعباد من قبل.
وفى خضم المهزلة لم تتوقف الجوقة عن معزوفة الوطن الكاذب، وسط كفر الملايين بالوطن الزعيم قدر إيمانهم بالوطن الحرية والكرامة والعزة، وطن السواعد لا وطن القواعد والموالى واصحاب المصالح.
وتعالوا نصحح مفاهيم عديدة فهيبة القاضى منبعها أنه منوط بتحقيق العدالة فإن حاد عنها فلا قيمة له بل يحاكم إذا شاب عمله شبهة تواطؤ أو تقصير، ورجل الشرطة هو من يسهرعلى أمن المواطن وحمايته ، فإن فعل فله كل التقدير وإن حاد وأصبح ممن يستبيحون كرامة المواطن وماله صار لصاً يجب محاسبته أشد أنواع الحساب، وهكذا ، أما أن نعبد الزعيم وجيش الزعيم وقضاء الزعيم وشرطة الزعيم، فهذا بله عفا عليه الزمن، وآن للوقت أن يتوقف ليصير الوطن حقيقة لا وهما كاذبا أو كلمة ماكرة لكنها مقدسة لإرهاب أصحاب الحق والمنطق .....
وإلى الشعر
صباح الذل يا وطنى ....... يا واقع وسط كماشة وهباشة
ويرحم عمنا الباشا وكرباجه ..... ويرحم عمنا عرابى ويم التل
وأيه الحل ؟
قالها سعد مشهورة مفيش فايدة
تصدق إنى باستهبل على نفسى ...... وانا عارف مفيش فايدة
وعامل فيها واد وطنى ............ وعايشها حقيقى بجد
لا نابنى م البلح شامى ......... ولا طايل عنب يمنى
وأنا زمنى غايظنى بجد
-------------------------------------
بقلم: سعيد صابر