تمر مصر والمنطقة والاقليم بل العالم كله بمتغيرات أستراتيجية سيكون الجميع بعدها غير ما قبلها، وبحكم الجغرافيا ونتائج التاريخ، فمصر دائما هى مفتاح التغيير، وذلك لموقع مصر المكان والمكانة تاريخيا وحضاريا حتى قال نابليون (عندما احتل مصر سأحتل العالم كله).
فالاستهدافات الاستعمارية دائما تصوب انظارها إلى مصر، هنا لانستطيع تجاهل ما تمر به المنطقة من أحداث دراماتيكية لها أهداف استراتيجية، بعيدا عن مصر.
والان وبكل صراحة ووضوح، لم يقتصر الأمر على المؤامرات الاستعمارية الخارجية، ولكن الأهم هو اختراق تلك المؤامرات للداخل المصرى واللحمة الوطنية عن طريق استغلال المشاكل الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية التى لايخلو منها مجتمع من المجتمعات، وبالتوافق المصلحى مع جماعات داخلية تريد تحقيق أهدافها السياسية عن طريق تأجيح العاطفة الدينية وتسخير الدينى لصالح السياسى.
وقد رأينا وشاهدنا وعانينا من تلك المؤامرات المشتركة بين قوى الخارج وبين تلك الجماعات التى لاتريد خيرا للوطن بل لا تؤمن بمقولة الوطن وقيمته (الوطن حفنة عفنه من التراب!!) . واستغلال ٢٥ يناير ليس ببعيد .
كما أن السيناريو لهدم دول المنطقة مكرر وبنفس المواصفات بداية من مصر قبل ٣٠ يونيو مرورا بليبيا واليمن والسودان وغزة ولبنان انتهاء حتى الآن بسوريا. هنا من الطبيعى أن ندرك ونعى ماهو المخطط والمستهدف لمصر، خاصة أن الأمور واضحة وضوح الشمس ومنذ ٣٠ يونيو. فالضغوط الاقتصادية يعانى منها المواطن وعلى كل المستويات، ومحاصرة مصر بخطوط نارية نتيجة لحروب طائفية وقبلية فى ليبيا والسودان واليمن (محاصرة باب المندب كعبء اقتصادي)، مساندة ومساعدة اثيوبيا للتحكم فى حصة مصر المائية وهى قضية وجود. ناهيك عن تحمل مصر لتلك النتائج العسكرية والاقتصادية والسياسية لما حدث ويحدث من سحق وتدمير لغزة، ومن السعى الجاد لوأد القضية الفلسطينية لصالح الكيان الصهيونى رغم أنه بدون حل عادل لها لن يكون هناك استقرار للمنطقة. كما أن مفتاح السر لتنفيذ تلك المخططات وتحقيق تلك الأهداف هو إشعال الحروب النفسية ونشر الشائعات التى تروج لخلق مناخ ينسف مصداقية الأنظمة الحاكمة.
ولذا لابد أن ندرك جيدا ونعى الأمور بموضوعية خوفا على الوطن وسلامته بأن نحافظ على مصرنا العزيزة، ولابد لنظام الحكم أن يعى أن المصداقية الجماهيرية هى صمام الأمن والامان للنظام وللوطن والمواطن . كما أن المصداقية الجماهيرية هى الأهم والأجدى والاسبق من المصداقية الدستورية والقانونية. فلا حماية لوطن بغير تلك المصداقية . وبداية وجود وخلق تلك المصداقية هى حرية الرأى والراى الاخر، فالجميع يتحدث عن سقوط الدولة السورية نتيجة لحصار الرأى الآخر . فهل يمكن أن نفتح الباب للرأى الآخر دون توزيع الاتهامات بالخيانة حيث أن الرأى الآخر هذا هو الضمان لصحة وتصحيح وترشيد القرار، وهذا غير محاولة هدم الوطن تحت زعم المعارضة. حفظ الله مصر وشعبها العظيم . يتبع.
--------------------------
بقلم: جمال أسعد