06 - 05 - 2025

حوار معى

حوار معى

أعرف حتماً أنى سأموت وهذه ليست فرضية بل حقيقة، أعرف أنكم جبناء لكنى لن أكف عن الصراخ عل بينكم من يسمع ، وحدى الذى يعرف كما أنا مجنون قدر قناعة الأخرين بعقلى وحكمتى ، ما أعظم أن تتمرد على خوفك والمألوف ، كل من مضوا عكس الجاذبية إرتقوا وصعدوا إلى عنان السماء لا تُخضع عقلك إلى قوانين الحساب والنسب، أنسف كل المقامات لتكن رقماً صحيحاً فى معادلة الغضب الجميل، كن ملكاً صعلوكاً لا تلوى على شئ فى عالم أنانى حقير، يا أيها المتوحد من لك غير أنت ، ومن لغيرك غيرك؟. 

قالت لى أمى يوماً أنى شقى لذا أسمتنى سعيداً وأنا لا تملكنى أحزانى ، كثيراً ما أسخر منها أو أغنى لها، أمضى ولا أسأل عن الدرب يملؤنى إيمانى بأنى خلقت هكذا، وأن كل الدروب ستقودك إلى المصير. 

الذى أعرفه تماماً أن ذهب المعز لا يغرينى كما لا أخاف سيفه، كل ما أخشاه فى رحلتى أن يعبث الأوغاد بمملكة الكلمات ( أشعارى ) جيوش الخير فى مواجهة جيوش العتمة والظلام ، أعظم ما جنيت فى رحلتى أننى أحرزت لقب شاعر، حتى وإن كان يهذى ببعض الكلمات التى لا تصلح لهذا العالم الفوضوى. 

أعلم أنى لست تقياً لدرجة الصالحين، ولكنى أحب النقاء والصفاء، وأغنى للطيور العائدة من كل مواسم الهجرة، وأعشق قوس قزح حين يزين جبين السماء وحين تعبر الأمطار بوادينا ، نعم أنا ذا الطفل الذى لم يبرح صدر أمه رغم كل تلك الغزوات وإدعاءات البطولة ، أبكى إن أنتزعت زهرة من غصنها، أو أخفق طير محاولاته الأولى فسقط شهيداً ، ربما كنت أنانياً بعض الشئ لأنى جعلت أولادى على نفس الدرب، فيبدون بين أقرانهم غرباء فى عالم موحش بالقبح، لكنى فخور بذلك رغم كل عذابات النفس.

ما أعظم الحقيقة كن أنت يارجل ولا تكن غيرك، هتاف لم يفارقنى حتى في لحظات الإنكسار ، كثيرة هى الدموع، قليلة تلك أيام المسرة، لا يهم فقد قاربت الرحلة على الإنتهاء، أحس بأسراب النورس ألتى طالما عشقتها ترفرف حول سفينتى المبحرة، وتقودنى إلى مرافئ العشق والتجلى فى رحلة العودة عكس الجاذبية، بعيداً بعيداً عن كل المدارات .. ربما.
--------------------------------
بقلم: سعيد صابر


مقالات اخرى للكاتب