صدر حديثا عن دار كنوز المعرفة بالأردن كتاب تحليل الخطاب القرآني: مقاربة لسانية عرفانية للدكتور راشد بلال الزيودي، ويناقش الكتاب اللسانيات العَرفانية "الإدراكية" (Cognitive Linguistics) كعلم بيني يتصل بعلم النفس والحاسوب والأنثروبولوجيا والفلسفة والذكاء الاصطناعي وغيرها، وهو علم يسعى إلى دراسة العلاقة بين التركيب والدلالة وعلاقتهما بالذهن/الدماغ، فتهدفُ إلى إدراك المعنى ومستويات إنتاجه. ومن هذا المنطلق بدأ هذا الكتاب بفكرة مركزية محورها البحث داخل اللغة عن تفسير لخارجها؛ وذلك بربط معاني التراكيب اللغوية بالمعرفة الخارجية للمتلقي.
طُبّقت الدراسة وفق مقاربة تأويليَّة تداوليَّة في ضوء اللسانيات العَرفانيَّة (الإدراكية)، فسعتْ المقاربة في نظرية الأفضية الذهنية إلى الكشف عن آليات إدراك المتلقي للمعنى بالتحليل والتفسير للوظيفة الإدراكية والتداولية والإحالية في الخطاب، وصولا لتشكل المسار الذهني للمعنى فيه، وبناء شبكة الأفضية الذهنية. أمَّا مقاربة الحجاج وآلياته الذهنية فهدفتْ لفهم أسلوب الحجاج، وآليات الإقناع التي تنتظم الخطاب القرآني، والكشف عن النسق الحجاجي العرفاني ونظام التفاعل الذهني فيه. فاشتمل الكتابُ فصلا تمهيديا وأربعة فصول فخاتمة، وأربعة عشر مبحثا فرعيا يتّصل كلّ واحد منهم بالموضوع الرئيس في الفصل، فاتّسم الكتابُ بالتسلسل المنطقي في موضوعاته، وقد أضاف في نهاية كل فصل مراجع إضافية لأوراق بحثية تنظيرية وتطبيقية، أو كتب علمية منشورة، أو أطروحات جامعية، أو مقابلات، ومحاضرات ومجالس علمية، يمكن الاستعانة بها للاستزادة في موضوعات فصول الكتاب ومباحثه، مرفقا رمز الاستجابة الخاص بها الذي يمكن الوصول إليه عبر المسح الضوئي لرمز الـ(QR) بالهاتف.
ويهدف الكتاب إلى قراءة النَّصّ قراءة إدراكية؛ وذلك بتتبع بناء المعنى وتمثيله انطلاقا من تحليل المبنى (اللغة) إلى بناء المعنى (الذهن) وتأويله، فكان من الضروري الانطلاق من الوظيفة الإدراكية والتداولية والإحالية لتحليل الخطاب القرآني، بما فيه من تراكيب لغوية وغير لغوية مكونة له؛ أي إدراك المعنى بدءا من التحليل بوصفه الفضاء الذي تتشكل فيه شبكة تواصلية مترابطة وفق بنيات تصورية للمعنى، والبحث في كيفية بناء المعنى وإنتاجه، وفق قرائن النص التركيبية والثقافية والمقامية والسياقية والتداولية والاجتماعية وغيرها.