ذكرت فى غير مقالة لى أن (الكيان) كالطفل الصغير لا يقوم بنفسه بل بمن يرعاه ويعضده، وأنه لا يعيث فسادًا بأرضنا إلا بفضل المدد الأمريكى المتصل المتعاظم، وذكرت أن الولايات المتحدة لولا فائض السلاح والثراء والمَنْعة عندها ما كانت لتجد السعة والقدرة والتفرغ لإمداد (الكيان) بهذه الأكداس المكدسة من الذخائر والأسلحة والأموال، فمحاربة (الكيان) هى تضييع للدماء والرجال والمال والسلاح فيما لا يجدى، فكل شيكل يخسره يرجع إليه دولارًا، وكل طلقة يطلقها ترجع إليه عشرًا، وكل قنبلة يقذفها يُعَوَّض مكانها بمائة، والأمر كذلك فى بحر الصين، فالصين تجمع السلاح والجند لاسترداد تايوان، فيأتى الأمريكان إليها بالجند وبالأساطيل ليحولوا بينها وبين أرضها، وهذه سياسة الأمريكان فى أوكرانيا، تبعث بالسلاح والخبراء ليحولوا بين الروس وحماية تخومهم!
فهذه ثلاث أمم كبرى تناصبهم أمريكا العداء جهرة على أرضهم أو على تخوم أرضهم!
فماذا لو فطن أهل هذه الأمم أن الأمريكى ما يناوئهم إلا لخلوه من الأشغال التى ينبغى أن تستهلك منه فوائض القوة والمال والفراغ؟! وماذا لو اجتمع الروس والصينيون والمظلومون فعزموا أن يُحدثوا فى حديقة أمريكا الخلفية والأمامية ما يشغلها ويصرفها عنهم؟!
ماذا لو رأت الصين أن الطريق إلى تايوان ليس عبر مضيق تايوان بل عبر أريزونا المكسيكية؟! وماذا لو رأت روسيا أن الطريق إلى أوكرانيا ليس بأخذ الدونباس بل باسترداد ألاسكا الروسية؟! وماذا لو رأى المسلمون أن الطريق إلى بيت المقدس ليس بفتح فلسطين بل بفتح كاليفورنيا؟!
وماذا لو أنهم جميعًا بعد أن عزموا أمرهم قد انطلقوا فأبحرت بوارج أسطول الشمال الروسى تحاصر ألاسكا لاستردادها وقطع الأمداد بينها وبين البر الأمريكى المتباعد، وإشغالًا للأمريكى بحديقته الأمامية الجليدية عن التخوم الروسية؟! وماذا لو ذهب الصينيون والروس فأغروا المكسيك باسترداد الولايات المكسيكية (كاليفورنيا وأريزونا وتكساس وأراضٍ أخرى) التى أخذتها أمريكا بالبخس من الأموال بعد حرب كانت بينهما؟! وماذا لو أمدوا المكسيكان بالسلاح والعتاد ليحرقوا على أمريكا حديقتها الخلفية فتنشغل عن أكرانيا وتايوان؟! وماذا لو انضمت إليهم طوائف من أهل المظالم فأمدوهم بالرجال أولى البأس ليشغلوا أمريكا بالبيت الأبيض عن بيت المقدس؟!
فحينئذ ستجد أمريكا أن حدائقها الخلفية أحق وأولَى بالسلاح والجند والبوارج من غزة، ومن الأقاليم السلافية بين روسيا وأكرانيا، ومن المضائق التايوانية فى أقصى الشرق، وحينئذ سينصرف كُلٌّ إلى حديقته ليحمى حوزته، ويا دار ما دخلك شر.
-----------------------
بقلم: محمد زين العابدين
[email protected]