06 - 05 - 2025

مصر وتقسيم الشرق الأوسط

مصر وتقسيم الشرق الأوسط

هل هناك أي مفاجأة فى سقوط الأسد ودولته؟ لم تكن هناك أى مفاجأة، ففكرة ومؤامرة تقسيم الشرق الأوسط وإعلان مايسمى بالشرق الأوسط الكبير لم تكن وليدة اليوم او نتيجة لاحداث الساعة، والمخططات التآمرية الاستعمارية لم تأت بالصدفة، ولكنها خطط ترصد وتحلل الواقع السياسى والاقتصادي والاجتماعى والطائفى والقبلى والجهوى. هنا، يتم اختراق كل نقاط الضعف فى كل تلك المجالات، بما يحقق استراتيجية تلك المؤامرات وذلك من خلال خطط تكتيكية تستفرد بأنظمة، ومنظمات عميلة تهيئ الطريق لتحقيق المؤامرة من الداخل وعن طريق هؤلاء العملاء. وهذه السياسات كانت ومازالت تستهدف المنطقة منذ وجود الامبراطوريات الاستعمارية من قديم الأزمان (يونانية رومانية فارسية عثمانية بريطانية ...الخ) وحتى الآن. 

فما يحدث الآن منذ الربيع العربى مرورا بتفكيك السودان (شمال وجنوب والآن جيش ودعم سريع) وتقسيم العراق وليبيا واليمن (على أرضية طائفية وقبلية)، حتى الأحداث الناتجة عن طوفان الأقصى وصولا لإسقاط الدولة السورية، لم تكن هذه الأحداث وتلك التغيرات غير تنفيذ لتلك المؤامرات التقسيمية للمنطقة والتي أعلنت أمريكا عنها فى ثمانينيات القرن الماضى، تحت مسمى خطة برنارد لويس لتقسيم المنطقة لصالح الخطط والأهداف الأمريكية والاستثمارية، للسيطرة على المنطقة ولصالح اسرائيل. كما تم التأكيد على ذلك بعد نشر رؤية شيمون بيريز رئيس وزراء اسرائيل الأسبق عام ١٩٩٣ فيما سمى بالشرق الأوسط الكبير.

ويعتمد تنفيذ هذا المخطط على إعادة تقسيم دول المنطقة على أسس طائفية ودينية وعرقية وقبلية ومناطقية ...الخ، وذلك حتى تعيش دول المنطقة فى حالة صراعات ومواجهات فينتج عن ذلك التفكك والتفتت (تقسيم المقسم وتجزئة المجزأ) فيكون الفوز عبر تحقيق تلك المؤامرة التى وللأسف الشديد معلنة على مدى التاريخ، وإن تغيرت التكتيكات والمسميات وظلت الاستراتيحية.

والآن وبعد تحول تلك الدول إلى شبه دولة فماذا ينتظر لمصر الوطن الغالى؟

يقول التاريخ وتثبت الجغرافيا أن مصر وعلى مدى التاريخ، هى الجائزة الكبرى التى تهدف إليها كل تلك الامبراطوريات الاستعمارية بكل مسمياتها. فمصر هى وازنة الجغرافيا وملهمة التاريخ ورمانة الميزان للمنطقة صعودا وهبوطا. ولذا كان قدرها أن تكون القائدة ومن يدفع الثمن فى كل الأوقات!! فكانت كامب ديفيد لكى ينفرط العقد العربى فى مواجهة إسرائيل، وتتم تلك التطبيعات العربية معها. دفعت مصر ومازالت تدفع ضريبة الدفاع عن القضية والشعب الفلسطيني. ولذلك وجدنا تلك التحديات الخطيرة التى تحيط بالوطن وفى كل الاتجاهات وعلى كل المستويات بهدف إخضاع مصر لتلك المؤامرة. فهناك تهديدات معلنة وغير معلنة لتوريط مصر فى مواجهة عسكرية لا ولن تفرض علينا بغير إرادتنا وبعيدا عن إمكاناتنا. هناك تهديدات على المستوى السياسى والاقتصادي والمائى ...الخ. ولكن ومع كل هذا، فهناك الخطر الدائم القديم الجديد وهى ورقة ما يسمى بحقوق الأقلية القبطية التى يتم وضعها دائما على أجندة استغلالها لتفتيت الوطن. متناسين هنا أن توصيفهم خاطئ كل الخطأ، فالاقباط لا ولم ولن يكونوا أقلية، والمصرية هى المسمى الاصيل للمواطن المصرى أيا كانت ديانته، فالجميع مصرى جينات وتاريخ وحضارة وهوية، وتلك هى المقومات الأساسية لبقاء مصر الدولة العميقة التى تصدت لكل مؤامرات التفتيت على مدى التاريخ وستظل كذلك. 

هنا لزم ووجب الإنتباه جيدا وعلى مدار الساعة لوأد تلك الفتن المصنعة والمختلقة بين أبناء الوطن الواحد، الكلام كثير والشرح يطول ولكن لا طريق غير التوحد المصرى وتحقيق المواطنة الحقيقية والصحيحة لكل أبناء الوطن دون تفرقة أو تمييز على أى مستوى من المستويات حتى نفوت الفرصة على كل المتآمرين فى الداخل والخارج. حمى الان مصر وشعبها العظيم من التفكك والتقسيم والتفتيت .
-----------------------
بقلم: جمال أسعد


مقالات اخرى للكاتب

الفكر الديني والمؤسسات الدينية