قلت عشية " طوفان الأقصي " في مقابلة تلفزيونية ، أن المنطقة بعد 7 أكتوبر ، لن تكون كما كانت قبل 7 أكتوبر ، وأن معادلات كثيرة سوف تتعدل .
واليوم ، وقلبي مثقل بمشاهد الدمار والدماء ، في فمي ماء كثير .
كتبت كذلك ذات يوم بعد ثورة 25 يناير :" أن أخطر يوم في الثورة ، هو اليوم التالي لنجاحها" .
أن ما يحدث في سوريا اليوم يبدو كأنه "رومنتادا" للثورة السورية التي واجهت وحشية رد فعل النظام ،وأدت إلي موت نصف مليون شخص ، فضلا عن عشرات الآلاف من المعتقلين ، وهجرة حوالي 4 مليون مواطن سوري ..
تمثال حافظ الأسد في ساحة الأمويين يسقط .. كما سقطت تماثيل في مدن أخري.
لقد شاهدت ذلك التمثال ، ووقفت أمامه ذات يوم متسائلاّ :" لماذا يحرص الطغاة علي بناء التماثيل لشخصهم وهم يحكمون ، رغم ما تحمله كتب التاريخ من قصص سقوط التماثيل والأصنام ؟" ...ألا يقرأون ؟..
ولا أخفيكم أنني شعرت أن ذلك التمثال لن يستمر في مكانه طويلاً .
أما عظماء القادة الذين تقيم الشعوب تماثيل لهم بعد وفاتهم ، فأنها تبقي تذكارا للحكم الرشيد علي مر السنين .
أثق في تحضر الشعب السوري ، لذا أرجو أن يسود العقل ، وأن ينجح الأشقاء في نزع نزعات الإنتقام والأحقاد ، وأن تمر المرحلة الإنتقالية بأقل قدر من الخسائر لحين إعادة بناء وهيكلة المؤسسات السورية ..
وانصحهم بحسن معاملة الجنود ، وإعادة تأهيلهم من جديد لخدمة الوطن ، فليس ذنب هؤلاء أن الساسة يخطئون .
وليس افضل من أن نستعيد تحذير الله سبحانه للبشر : "قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ".
وكما قال الرسول الكريم :" إن الله ليملي للظالم، حتى إذا أخذه لم يُفْلِته" .
---------------------------
بقلم: معصوم مرزوق
* مساعد وزير الخارجية الأسبق