05 - 12 - 2024

رشقة أفكار | هل يفض اليسار تحالفه مع النظام ؟

رشقة أفكار | هل يفض اليسار تحالفه مع النظام ؟

* التحالف المزعوم  مع النظام هل هو مكتوب أم شفهي؟ هل توهمته الاحزاب ام التزمت به الدولة فعلا؟
* ماذا بعد مايجري تحت الجسور من مياه ..هل رفع الاخوان من قوائم الارهاب يفرض على الاحزاب فض تحالفها مع الدولة؟
* النظام يتجاهل الاحزاب في كل شيء.. حتي في الحوار الوطني كانت ممثلة تمثيلا هزيلا ومهينا؟
* الإرهاب لم يكن  فقط في سيناء .. لقد ترعرع هنا بيننا في القاهرة في الازهر والمساجد والزوايا وعلى ايدي الدعاة الكاجوال !
* الازهر نفسه يرفض الحوار الديني العقلاني  حول تحديات العصر  .. المثلية والمساكنة والمواريث تفرض نفسها علينا وعلماؤه يتجاهلونها ..لماذا؟
* التيارات الدينية من الكويت إلى القاهرة إلى باريس  "بيريلوا على النسوان".. اقرأوا أرشيفهم في المحاكم والصحف  .
* غالبية السينمات والمسارح مغلقة والأوبرا لاتنتج جديدًا فكيف حاربت الدولة الارهاب؟ المواجهة أمنية فقط واقتصرت على الجيش والشرطة !
* فضيلة العمل غائبة ..حتي اسم الشهيد المنسي لم نستطع أن نجعله يجري على الالسنه بدلا من سليم الأول.

ليس هدفي أن أضرب كرسيا في الكلوب، أو أدق "إسفينا" بين النظام وبين الأحزاب! أصلا الكرسي مضروب في الكلوب والإسفين تم دقه منذ نهاية الانتخابات الرئاسية الأولى، حينما قال بعض  سدنة النظام ( آنذاك ) للأحزاب "أمك في العش ولا طارت "!

كان ذلك حتى اليوم - وتلك اللحظة الغابرة التي نمر بها ، تأزمًا وتراجعًا وفقرًا وعطشًا الخ - أكبر وأسوأ الجرائم التي  ارتكبت في حق الاحزاب المدنية العريقة التي إرتأت بحكم مبادئها وجوب المحافظة على كيان الدولة من الحريق والتدمير، ولو على حساب وظيفتها الرئيسية وهي المعارضة، فقررت ان تؤيده وتلتف حوله وتسانده في ما إدعاه أنه "محاربة الارهاب "!!

مَن هم هؤلاء الذين  حاربوا الإرهاب؟ وهل الإرهاب فقط هو ماجري في سيناء ، والحرب الباسلة المقدسة التي شنها  بعض أبطالنا في مواجهة داعش والجهاد والفصائل المتوالدة من رحم مسموم، هو رحم جماعة "الاخوان المسلمين"!

دعونا نكرم أسماء شهداء لنا مثل "المنسي" ، ونُحْرِج  الاجهزة المحلية المختصة  التي فشلت في أن تجعل من اسمه الذي أطلق علي شارع  سليم الأول اسما على كل لسان ؟! كان هذا يقتضي عملا وإعلاما ولكن للأسف، العمل فضيلة غائبة عموما في هذا البلد! 

كيف وصل الداعشيون والجهاديون والإخوان إلى سيناء؟ ايها السادة هنا بيت القصيد.. لقد ترعرعوا هنا أولًا .. كبروا هنا.. تحت عيوننا .. في معاهد وكليات الازهر، في  المساجد.. في الزوايا، في المساكن الشعبية .. في العشوائيات، وحتي في أماكن النخبة .. تذكروا  شخصا مثل عمرو خالد كان  يتحلق حوله مئات الألوف في مدينة أكتوبر وغيرها، للاستماع اليه هو ومجموعة الدعاة ال "كاجوال"! كنتم  ترون  مصر كلها هناك، من  مئات أو ألوف السيارات الفارهة ، و الـ"بودي جاردات" حماة رجال الأعمال، والخدم والحشم الذين كانوا يجعلون للداعية قداسة لم تكن تخطر على بال أحد، قداسة تصيب بالبارانويا، وتجعل مريضها يتصرف بشكل ياخذه عليه كثيرون، محبون وكارهون .. لقد شوهد في تلكالرحلات السياحية الخارجية برفقة  النساء  الجميلات وكل ماهو فاخر وثري وحالم بالحياة. ومن الغريب أنه  أسس كيانًا لتلقى التبرعات أسماه "صناع الحياة "، كنا نأمل أن يحدثنا عنه تقرير الاجهزة المحاسبية في البلاد (مركزي محاسبات - تنظيم وادارة - نيابه ادارية ) الخ .. لم يحدث !

لا أدري لماذا يرتبط ذكر هؤلاء  الدعاة دوما بمحبه عارمة للنساء؟ ونحن في الكويت كان أصدقاؤنا وصديقاتنا يتندرون على بعض رموز التيار الديني: "بيريلوا عالستات".. كانت هناك أسماء بعينها.. وفي فرنسا وغيرها، تذكرون أن عدة  نساء اتهمن الداعية حفيد حسن البنا الأكاديمي طارق رمضان بالتحرش، ومرمطن به الأرض ومسحن به البلاط ، في سويسرا وفرنسا.. اتهم في قضايا اغتصاب لا أعرف كيف يقوم بها الناس؟!

عودة إلى العلاقة بين الإخوان والنظام .. ومما يلفت النظر أنه لم يكن هناك اهتمام بمكافحة الارهاب من زوايا ثقافية وفكرية وفنية، والاكتفاء بالملاحقات الأمنية، رغم كلفتها العالية، فالسجناء يكبدون الدولة مبالغ طائلة جراء قبرهم في السجون .. والسجن لا يغير قناعة ولا عقيدة ولا فكرة .. الشيوعيون سجنوا عام ١٩٥٩ وحتي ١٩٦٥ وخرجوا من السجن وبقوا على حالهم.. فؤاد سراج  الدين وهيكل والـ ١٥٣٦ مصريًا الذين اعتقلهم السادات في مذبحة سبتمبر كانوا يمثلون كل الأطياف.. عندما أطلقهم مبارك عام ١٩٨١ لم يغيروا الملة أو الفكرة!

 في عام ٢٠١٢ تفتق ذهن الكاتب شعبان يوسف عن فكرة جهنمية ، كان الإخوان على وشك القفز على السلطة، ففكر في مغازلتهم، من خلال تقديم منظرهم سيد قطب الموصوف كذبا بالشهيد كمبدع! هو ليس شهيدًا، وإنما هو مؤسس الجهاز الخاص الذي حاول الوثوب على السلطة في عام ١٩٦٥، بالاغتيالات والعنف، لولا القبض عليه وإعدامه. كان سيد قطب قد ألف رواية بعنوان "أشواك ".. في نحو ٧٠ صفحة تقريبا ، فما كان من شعبان إلا أن قام بكتابة مقدمة عن الرواية، قال إنها دراسة ودفع بها للنشر في "الهيئة المصرية العامة للكتاب"!

ما الذي حدث بعد سقوط الإخوان؟ وبعد انتفاء الحاجة لوجود الكتاب؟ صمت تام لشعبان وللهيئة ومسئوليها وللوسط الثقافي! ويتردد أنه كان هناك أكثر من ٤٧ كتابا على نفس الغرار، كانت على وشك ان تصدر عن الهيئة!

الروايات لاتحتاج إلى مقدمات، لكنه تجميل لصورة قبيحة لمنظر العنف والارهاب.. كان هذا هو المطلوب.. لماذا نسكت الآن على هذه الجريمة؟!

هذا ليس بمعزل عن عدم تقديم عروض  فنيه جماهيرية تكشف مخاطر الاخوان وفساد دعوتهم ومنطقهم .. لم تقدم مسارح الدولة أي أعمال فنية تناهض العنف والتطرف! بل المثير للدهشة ان الجماعة التي تحرم الغناء والتمثيل والموسيقى والتصوير تحصل مجانا على تعزيز لدعوتها، فهذه المرافق التي تقدم الفنون أغلقت أبوابها الواحد تلو الاخر .. ولم تعد القاهرة كما كانت مركزا للنشاط الفني والثقافي، وإنما انتقل التأثير إلى بلدان وأقطار أخري!

لاتزال هناك اتهامات يذيعها أصحابها على اليوتيوب، وقد وجهها أحد القضاة.. مستشار سابق بوزارة الثقافة ، يتهم أحد  المسئولين وبالمستندات بأنه فرط في تراثنا السينيمائي لدولة اخري! باعها للكيان الصهيوني؟ 

كيف كافحت الدولة الإرهاب؟ لاشيء من هذا.. الأزهر في مكانه يرفض تجديد الأفكار الدينية رغم أن العصر كله تغير، وهناك تحديات جسيمة تواجه الناس، سواء في الأخلاق أو في المواريث أو في أعمال الزواج والطلاق! كما أننا لم نسمع عن مؤتمر علمي واحد ناقش أيا من المخاطر التي تواجه الناشئة: الأفلام الإباحية.. المثلية، السحاق، المساكنة الخ  .. الالعاب المحرضة على انتهاج الأطفال مثل هذه الأفكار.

الشيزوفرينيا التي نلحظها عند الجميع ، من انخراط في إقامة الطقوس والشعائر ولكن هناك انفصال تام بين ذلك وبين الواقع ..

 المسرح المصري مغلق بالضبة والمفتاح ، والأوبرا لا تقدم أعمالا جديدة ، والسينما أغلب دورها مغلقة ،وبعد أن كانت  صناعة السينما مصدر دخل أصبحت عبئا ، فهناك أعمال رديئة، ويقدمها الفنانون للتليفزيون الذي يدخل كل بيت ، متعللين بأنهم "لازم يشتغلوا" حتي يأكلوا!

إذا كنا لم نكافح الارهاب ، والآن تداهمنا قرارات محكمة الجنايات، رافعة أسماء مثل شيوخ ومفتتين العنف والارهاب من أمثال الشيخ القرضاوي (هو بين يدي ربه الآن)، ووجدي غنيم ويوسف ندا ويحيي حامد وغيرهم، وهناك قرار آخر ينتظر رفع اسماء ثمانمائة آخرين من قوائم الارهاب ..  فمالذي سنكافحه؟ هل نكافحه أم نتواطأ معه، أم نهادنه؟ السؤال الأهم: ماذا يبقي بعد ذلك لليسار المصري كله ليتحالف فيه مع النظام؟ 

بالأساس ماهي بنود وملامح هذا التحالف، وفيم ظهرت من قبل؟ أليس جائزًا أن الأحزاب توهمته؟ وماهي وثائقه ومعاهداته أم انه كان تحالفًا شفهيًا؟ وربما كان مرحليًا.. ماهي حقيقة هذا التحالف؟

النظام لم يلجأ للأحزاب للحوار من أجل المستقبل، ولم يفكر فيها من قريب أو بعيد، وحينما فكر في ما أسماه الحوار الوطني، فإنه لم يهتم مطلقا بتمثيل جيد وحقيقي للتيارات السياسية المختلفة، بل إن هذه الأحزاب شكت مر الشكوي من هذا التجاهل المهين؟

أفيدونا أفادكم الله.. هل مازلتم تعتبرون أن هناك تحالفًا للأحزاب -  واليسار المصري في القلب منه - مع النظام ، أم أن هذا التحالف وهمي ولا أساس له؟

وبعد كل ماجري ويجري من مياه تحت الجسور بين النظام والإخوان ..متى  تخبرنا الأحزاب أنها فضت هذا التحالف؟
-----------------------------
بقلم: محمود الشربيني 

مقالات اخرى للكاتب

رشقة أفكار | هل يفض اليسار تحالفه مع النظام ؟