05 - 12 - 2024

رحلة مبهرة في قلب أنقرة.. من ضريح أتاتورك إلى مكتبة القصر الرئاسي

رحلة مبهرة في قلب أنقرة.. من ضريح أتاتورك إلى مكتبة القصر الرئاسي

في اليوم الرابع من رحلتنا الاستكشافية في تركيا، التي نظمتها وزارة السياحة التركية ووكالة TGA بالتعاون مع وزارة الخارجية التركية لوفد صحفي مصري، كانت أنقرة في استقبالنا بأجواء باردة تنعكس في نسمات الصباح المنعشة، مما أضفى على المدينة جمالاً وسحراً خاصاً.

رحلة عبر التاريخ في ضريح أنيتkabir: رمز احترام مؤسس الجمهورية التركية

 في هذا الجو البارد، انطلقت رحلتنا نحو أحد أروع المعالم التاريخية في العاصمة التركية، ضريح أنيتkabir، الذي يخلّد ذكرى مصطفى كمال أتاتورك، مؤسس الجمهورية التركية.

ترجلنا من الحافلة أمام بوابة الضريح، حيث امتدت أمامنا ساحة واسعة تحتضنها هندسة معمارية فريدة تُشعرك برهبة التاريخ، حيث كان الجو بارداً، والنسمات تحمل معها عبق الماضي، بينما توافد الزوار من شتى بقاع الأرض، كلٌّ منهم يبحث عن تجربة فريدة في قلب هذا المعلم الوطني. 

رغم الزحام الذي يحيط بالمكان، كان الهدوء السائد يعكس قدسية اللحظة، وبرفقة ممثلة وزارة السياحة "باشاك كاراتيبي" ، ومرشدنا السياحي، مجيد بوغداي، بدأنا جولتنا، حيث قادنا بين أروقة الضريح الذي بدا وكأنه متحف مفتوح يروي قصة كفاح أمة وصانعها.

 الجدران الشاهقة، والزخارف الدقيقة، والتماثيل التي تجسد معاني الوحدة والاعتزاز، كانت جميعها تنطق بحكايات عن مصطفى كمال أتاتورك، الرجل الذي حمل أحلام وطنه وحقّقها.

كل خطوة خطوناها في أرجاء الضريح كانت أشبه برحلة زمنية إلى قلب تاريخ تركيا الحديث، حيث يتقاطع البُعد المعماري الفريد مع المعاني الوطنية العميقة.

 لم يكن هذا المكان مجرد موقع تاريخي، بل شاهد حي على وفاء الشعب التركي وتقديره لمن أسس جمهوريتهم، مجسداً رمزاً أبدياً للعزة والاعتزاز الوطني.

الضريح نفسه كان تحفة معمارية تنم عن فن العمارة التركية الحديثة والعراقة في آن واحد، و الزوار يتنقلون بين الأروقة، بعضهم يحمل في عينيه احترامًا لا مثيل له، والآخرون يلتقطون صورًا تخلد لحظة الوقوف أمام هذا المعلم البارز.

داخل الضريح، تقع قاعة متحف أتاتورك وحرب الاستقلال، حيث يعرض المتحف مجموعة من المقتنيات الشخصية لأتاتورك، مثل كتبه وملاحظاته المدونة بخط يده، بالإضافة إلى معروضات تُبرز حرب الاستقلال، وتجسد كفاح الشعب التركي نحو الحرية. 

ومن بين المعروضات التي استوقفتنا، ثلاث سيارات خاصة استخدمها أتاتورك نفسه، كانت هذه السيارات تقف شامخة، وكأنها شاهدة على محطات مختلفة من حياة القائد. 

تفاصيلها الدقيقة والتصميم الذي يعكس تلك الحقبة الزمنية أضافا لمسة من الأصالة، وجعلت الوقوف أمامها لحظة استثنائية تعيدك إلى زمن كان مليئاً بالتحديات والانتصارات.

كل قطعة في المتحف تحمل قصة خاصة، تروي حكاية نضال طويل من أجل الاستقلال والكرامة، مما جعل جولتنا تجربة تاريخية عميقة تركت أثراً لا يُنسى في نفوسنا.

مكتبة أنقرة: مركز ثقافي عصري يعكس التزام تركيا بالمعرفة والتعليم

بعد هذه الزيارة المؤثرة، توجهنا إلى وجهتنا التالية مكتبة أنقرة التي تقع في القصر الرئاسي، كانت بمثابة عالماً مختلفًا تماما، مركزًا ثقافيًا يعكس التزام الحكومة التركية بالثقافة والتعليم.

 دخلنا المبنى العصري الذي يدمج بين الحداثة والتقاليد، حيث كانت جدرانه المصممة من الزجاج تعكس الضوء الطبيعي، مما جعل الأجواء أكثر إشراقًا. 

كانت المكتبة تحفة فنية في حد ذاتها، تحتضن أكثر من 5 مليون كتاب مطبوع و 120 مليون كتاب إلكتروني، بما يجعلها واحدة من أكبر المكتبات في تركيا.

داخل المكتبة، جلسنا لبعض الوقت في صمت داخل قاعة واسعة مليئة بالكتب والمراجع التي تغطي مجالات متعددة مثل الأدب، التاريخ، والعلوم السياسية. 

شعرت وكأنني في رحلة عبر الزمان والمكان، حيث تجمع هذه المكتبة بين التقاليد الثقافية التركية وبين التوجهات المعرفية الحديثة، بالإضافة إلى الكتب المطبوعة، كانت المكتبة تضم مناطق مخصصة للدراسة والبحث، مجهزة بأحدث التقنيات، مما يخلق بيئة مثالية للطلاب والباحثين.

التسوق في شارع قيزيلاي: تجربة ممتعة في أجواء شتوية باردة في قلب أنقرة

في فترة ما بعد الظهر، قررنا أن نأخذ استراحة من تاريخ المكان وننتقل إلى جانب آخر من الحياة التركية،  التسوق. 

توجهنا إلى شارع قيزيلاي الشهير، الذي يعتبر واحدًا من أبرز شوارع أنقرة التجارية، التجول في الشارع كان مغريًا، حيث تتناثر المحلات التجارية التي تقدم مجموعة متنوعة من المنتجات التركية من ملابس، مجوهرات، والتحف اليدوية، استمتعنا بالتمشي بين المحلات وشراء بعض الهدايا التذكارية، حيث كانت الأجواء مليئة بالحيوية والسحر.

بعد جولة التسوق، حان وقت الاسترخاء، فعدنا إلى الفندق مع حلول المساء. 

وفي نهاية اليوم، ذهبنا إلى مطعم  لتناول العشاء، حيث استمتعنا بأطباق تركية شهية في أجواء دافئة ومبهجة.

 المكان كان يعج بالحياة، مع أغانٍ تركية أصيلة تملأ الأجواء، الأضواء الخافتة والموسيقى الحية جعلت من العشاء تجربة استثنائية. 

وبينما كانت الثلوج تتساقط في الخارج، كانت الأجواء في الداخل مفعمة بالراحة والبهجة، مما اختتم يومًا مميزًا في أنقرة، مليئًا بالتاريخ، والثقافة، والمتعة.

كانت هذه الرحلة، بكل تفاصيلها، مزيجًا فريدًا من الاكتشافات التاريخية والثقافية، حيث احتضننا معالم تركيا الغنية بالأصالة والمعاصرة، في جوٍ سحري تحت الثلوج.