في رحلة حملت مزيجًا من الحماس والإثارة ، زار وفد صحفي تم اختياره بعناية تركيا، في إطار جولة تنظمها وزارة السياحة التركية ووكالة TGA لترويج وتنمية السياحة، بالتعاون مع وزارة الخارجية التركية.
الرحلة كانت فرصة ذهبية لاكتشاف ملامح هذا البلد الساحر ومشاركة العالم أسرار جماله، بدءًا من اللحظة الأولى في مطار إسطنبول وحتى أعماق معالمه التاريخية، حيث كانت الأجواء تمتلئ بمزيج من التشوق واللهفة، حين بدأت الرحلة الأولى إلى تركيا، الوجهة التي طالما حلمت بزيارتها.
وعلى متن الطائرة التي أقلعت من مطار القاهرة ، كانت الأفكار تتزاحم في رأسي، ما الذي ينتظرني هناك؟ وكيف ستكون اللحظة الأولى التي تخطو فيها قدماي داخل هذا البلد الذي يزخر بتاريخ ممتد وثقافة غنية؟.
الترحيب في مطار إسطنبول
وصلت الطائرة إلى مطار إسطنبول، وكان في استقبالنا المرشد السياحي "مجيد بوغداي" بابتسامة دافئة وعبارات ترحيب أضفت طابعًا حميميًا للبداية.
المطار كان مدهشًا بفخامته وحيويته، حيث كانت الممرات تعج بالمسافرين من كل الجنسيات، وكأن إسطنبول تجسد ملتقى العالم حقًا.
ومع أول خطوة خارج المطار، شعرت وكأن المدينة بأكملها تفتح ذراعيها لاستقبالنا.
وبينما كنا ننطلق داخل السيارة عبر شوارع إسطنبول النابضة بالحياة، بدا المشهد وكأنه لوحة تتغير ألوانها مع كل نظرة من نافذة السيارة، كنت أراقب من النافذة تفاصيل المدينة الساحرة، حيث تلتقي معالم الحضارة الحديثة بعبق التاريخ، بينما كان المرشد السياحي "مجيد بوغداي" ينسج لنا قصة إسطنبول العريقة.
بأسلوب شيق وموجز، قدم لنا "مجيد" لمحة عن جدول الجولة، مشيرًا إلى أن محطتنا الأولى ستكون المعالم التي تختصر روح إسطنبول، حيث يلتقي مسجد السلطان أحمد بشموخه مع أيا صوفيا بحكاياتها التي تعبر العصور.
وأوضح أن هذه المعالم ليست مجرد مواقع تاريخية، بل هي رموز تختزل جوهر المدينة التي كانت يومًا عاصمة للإمبراطوريات الكبرى.
كان حديث المرشد مليئًا بالتفاصيل المدهشة عن كل زاوية في هذه المدينة التي تقف كجسر يربط بين القارتين الأوروبية والآسيوية.
وبينما كنت أتأمل جمالها من نافذتي، شعرت وكأنني أسافر عبر الزمن في رحلة لا تنسى، إلى قلب الحضارة والتاريخ.
مسجد السلطان أحمد ومسجد آيا صوفيا
لم يستغرق الأمر طويلًا حتى وصلنا إلى شبه الجزيرة التاريخية في إسطنبول والتي تعد مركزًا اجتماعيًا وسياسيًا للإمبراطوريات الرومانية الشرقية والعثمانية، وهي مدرجة على قائمة التراث الثقافي لليونسكو منذ عام 1985.
المنطقة القديمة، التي ما زالت محاطة بسور المدينة "سور القسطنطينية ويبلغ طوله حوالي 21 كيلو متر في بعض المناطق، هي المكان المثالي لاكتشاف الكنوز التاريخية للمدينة وتفاصيلها المعمارية المذهلة.
تشمل المنطقة المعالم البارزة مثل ميدان سباق الخيل، جامع آيا صوفيا الكبير، جامع آيا إيرين، جامع ليتل آيا صوفيا، قصر توبكابي، جامع السليمانية والمناطق المحيطة به، جامع زيرك وأسوار إسطنبول.
المسجد الأزرق.. درة التاريخ العثماني
مسجد السلطان أحمد، المعروف عالميًا بـ"المسجد الأزرق"، المشهد كان مبهرًا: مآذنه الشامخة تعانق السماء، وتفاصيل بنائه الدقيقة تتحدث عن عظمة العمارة العثمانية.
المرشد مجيد بوغداي لم يوفر جهدًا في شرح كل تفاصيل المسجد، من الزخارف الداخلية التي تزين الجدران بالخط العربي، إلى ساحة المسجد التي تعج بالحياة.
كانت لحظة وقوفنا هناك أشبه برحلة عبر الزمن، كأننا نعيش بين صفحات التاريخ، نستمع لنبضات الماضي الذي ترك بصماته العريقة في كل زاوية.
مسجد آيا صوفيا.. لقاء الحضارات
من هناك، انتقلنا إلى مسجد آيا صوفيا، المعلم الذي يحمل في طياته قصة التحول بين الإمبراطوريات، بتصميمه المهيب وتفاصيله المذهلة، بدا وكأنه يروي حكايات عن تعاقب العصور.
المرشد كان يسهب في الحديث عن كيف تحول هذا الصرح من كنيسة إلى مسجد، ثم إلى متحف، وأخيرًا إلى مسجد مرة أخرى، ليعكس تنوع الهوية الثقافية لتركيا.
في الداخل، كانت قبة آيا صوفيا الضخمة تخطف الأنفاس، وزخارفها تروي حكايات عن عصور مزدهرة من الإبداع الفني والديني.
كاراكوي وبرج غلطة
بعد استكشاف روعة معالم إسطنبول التاريخية مثل مسجد السلطان أحمد وأيا صوفيا، أكملنا جولتنا الممتعة حيث توجهنا إلى منطقة كاراكوي، تلك البقعة الساحرة التي تمزج ببراعة بين عبق التاريخ وحداثة العصر.
تمتد هذه المنطقة من ضفاف القرن الذهبي إلى البوسفور، وتعد واحدة من أقدم وأهم المناطق في المدينة، كما تتمتع كاراكوي بحياة نابضة بالفن، التصميم، والمطاعم الراقية التي تقدم تجارب فريدة للزوار.
ورغم الطابع العصري الذي أضافته هذه العوامل الحديثة، إلا أن المنطقة لا تزال تحتفظ بجوهرها التاريخي الذي يُمكنك من خلاله أن تلمس قصص الأجيال الماضية، و كأنك في رحلة عبر الزمن حيث تختلط الأصالة بالحداثة في كل زاوية وشارع.
وبينما كنا نستمتع بمشاهدة هذه المنطقة الرائعة، قررنا أن نتناول الغداء في مطعم "علي أجاك باشا"، حيث استمتعنا بتذوق أشهى الأطباق التركية التقليدية.
وكان من أبرز ما تم تقديمه مشروب "عيران" التركي الشهير، الذي أضاف لمسة خاصة لتجربتنا الثقافية.
بعد العشاء، توجهنا إلى برج غلطة، الذي يُعد من أبرز المعالم في إسطنبول بفضل موقعه المتميز وتاريخه العريق.
بُني في عام 1348على يد جالية إيطالية من جنوة، وكان في البداية هيكلًا دفاعيًا، ثم تحول مع مرور الزمن إلى معلم سياحي يستقطب الزوار من جميع أنحاء العالم.
من خلال الطابق المراقب للبرج، أتيحت لنا الفرصة للاستمتاع بإطلالة بانورامية خلابة على إسطنبول بأكملها.
وخلال هذه الزيارة، نقل لنا المرشد السياحي "مجيد بوغداي" قصة الأسطورة العثمانية هزارفن أحمد جلبي، الذي يُقال إنه طار من قمة برج غلطة إلى أسكودار باستخدام أجنحة مثبتة على ذراعيه، في إنجاز يختصر روح الابتكار والتحدي التي طالما كانت سمة من سمات هذه المدينة العريقة.
نهاية اليوم الأول
بعد زيارة برج غلطة واكتشاف جمال المدينة من أعلاه، عدنا إلى الفندق للاستراحة قليلًا واستعادة نشاطنا بعد يوم مليء بالمغامرات والاكتشافات.
وقررنا الخروج مرة أخرى للاستمتاع بعشاء فريد في أحد مطاعم إسطنبول الفاخرة، حيث تذوقنا أشهى المأكولات التركية وسط أجواء راقية وإطلالات خلابة تعكس جمال المدينة الليلي.
لقد منحنا هذا اليوم فرصة لاستكشاف أبعاد إسطنبول المختلفة، من تاريخها العريق إلى حضارتها الحديثة، وبينما كان اليوم يقترب من نهايته، شعرنا بشعور من الرضا بعد أن استمتعنا بكل لحظة في المدينة.
ومع بدء العد التنازلي ليوم جديد، كان الحماس يزداد لاكتشاف المزيد من سحر هذه المدينة العريقة ومفاجآتها التي تنتظرنا في اليوم التالي.