06 - 05 - 2025

مصر ليست للبيع: الحقيقة الكاملة عن التنازلات باسم الاستثمار

مصر ليست للبيع: الحقيقة الكاملة عن التنازلات باسم الاستثمار

إن السيادة الوطنية ليست شعارًا يُرفع وقت الأزمات، بل هي الحق الذي لا يجوز المساس به، والمبدأ الذي لا يقبل التفاوض. ما يجري الآن على أرض مصر تحت ستار "الاستثمار" يثير قلقًا عميقًا حول مستقبل الوطن وأرضه ومقدراته. إن الحديث المتزايد عن تنازلات تُمنح لدول أجنبية، وخاصة الإمارات والسعودية، يعكس تحولًا خطيرًا في مسار إدارة الدولة، ويثير تساؤلات مشروعة حول حدود السيادة ومستقبل الأجيال القادمة.

ما الذي يحدث تحت اسم الاستثمار؟

خلال السنوات الأخيرة، ظهرت تقارير تشير إلى منح أراضٍ استراتيجية لدول أجنبية تحت مسميات براقة مثل "التعاون الاقتصادي" و"تنمية الاستثمار". هذه الأراضي، التي تُعتبر شريانًا حيويًا للدولة ومصدرًا أساسيًا لأمنها القومي، يُقال إنها تُمنح بشروط غامضة لا يعلمها أحد سوى دائرة ضيقة من أصحاب القرار.

الأمثلة والشواهد

1. منطقة قناة السويس:

تم الإعلان عن مشروعات كبرى بالشراكة مع مستثمرين أجانب، ولكن هناك تساؤلات حول طبيعة هذه الاتفاقيات ومدى تأثيرها على السيطرة المصرية على هذا الممر الحيوي. هل أصبحت إدارة هذه المنطقة المهمة في يد أطراف خارجية؟

2. المشروعات السياحية والساحلية:

تزايد الاستثمار الأجنبي في المناطق الساحلية المصرية، مثل الساحل الشمالي وشرم الشيخ. لكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل هذه الاستثمارات تُبقي السيطرة المصرية الكاملة أم أنها تخضع لشروط تجعل الأرض تُدار فعليًا من قبل أطراف أجنبية؟

3. المشروعات الزراعية في صعيد مصر:

تُشير بعض التقارير إلى منح أراضٍ زراعية شاسعة لشركات خليجية. هل هذه الأراضي تُستغل بشكل يحقق الأمن الغذائي لمصر أم أنها تُزرع لتصدير المنتجات للخارج فقط؟

التنازلات في ظل الديون

تحت ضغط الديون الخارجية المتراكمة، نجد أن السلطة الحاكمة باتت تُقدم تنازلات غير مسبوقة، وكأن الوطن يُدار بعقلية "التاجر المفلس" الذي يبيع أصوله ليسدد ديونه. هذا الأسلوب ليس فقط غير مسؤول، بل هو جريمة في حق الوطن والمواطنين.

مصر ليست سلعة

مصر ليست أرضًا تُباع أو تُؤجر لأطراف خارجية. من يحكمون البلاد اليوم يجب أن يدركوا أن الشعب المصري لم ولن يقبل أبدًا أن تُعامل أرضه كمشروع تجاري يُستغل من أجل سد العجز في الميزانية أو إرضاء أطراف دولية.

ماذا تعني السيادة؟

السيادة تعني أن تبقى الموارد والأصول الوطنية تحت السيطرة الكاملة للدولة المصرية، وأن تُدار بما يحقق مصلحة الشعب لا مصلحة المستثمرين الأجانب. عندما تُمنح الأراضي والموانئ والموارد لشركات ودول أجنبية بشروط لا تخدم مصر، فإننا نفقد جزءًا من استقلالنا وسيادتنا.

المنافقون في كل مكان

للأسف، أصبحت البلاد رهينة لمجموعة من المنافقين الذين يُزيّنون قرارات السلطة الحاكمة، سواء كانوا إعلاميين، سياسيين، أو حتى ممثلين عن بعض النقابات والأحزاب. هؤلاء يعملون لصالح من في السلطة وليس لصالح الشعب. لكن الحقائق لا تُخفى، والتاريخ لن يرحم من خان الأمانة وباع مقدرات هذا الوطن.

دعوة للتحرك الوطني

إن الحفاظ على أرض الوطن ومقدراته واجب وطني لا يقبل التأجيل. على كل مصري شريف أن يدرك خطورة المرحلة الحالية وأن يتحرك بكل الوسائل القانونية والدستورية لرفض أي تنازلات تمس سيادة الدولة وحقوق شعبها.

ما المطلوب الآن؟

1. شفافية كاملة في أي اتفاقيات:

يجب الإعلان عن كل تفاصيل الاتفاقيات الاستثمارية التي تتعلق بالأراضي أو الموارد الوطنية، حتى يعلم الشعب المصري ما يجري.

2. محاسبة المسؤولين عن التنازلات:

أي مسؤول تورط في التنازل عن أي جزء من أراضي مصر يجب أن يُحاسب أمام الشعب وأمام القضاء.

3. إعادة النظر في سياسة الاستثمار:

الاستثمار يجب أن يكون أداة لتحقيق التنمية الوطنية، وليس وسيلة للتفريط في الأصول أو السيطرة الأجنبية.

مصر ليست للبيع

إلى كل من لا يستطيع إدارة شؤون البلاد بالشكل الذي يحمي كرامة مصر وسيادتها، نقول له: ارحل فورًا واترك المجال لمن يستطيع تحمل المسؤولية. مصر ليست حكرًا على أحد، وليست ملكية خاصة تُدار كيفما شاء من في السلطة. مصر دولة عظيمة بتاريخها وشعبها، ومن لا يستطيع صون هذه العظمة، لا مكان له بيننا.

ختامًا، نقولها بصوت واضح وصريح: مصر ليست للبيع، وأرضها ليست للتنازل، وشعبها لن يقبل المساومة. من لا يستطيع حماية هذا الوطن العظيم، فليرحل فورًا قبل أن يحكم عليه التاريخ والشعب بالخيانة.
-----------------------------------
بقلم: محمد عبدالمجيد هندي
* قيادي عمالي مستقل، مؤسس ورئيس المجلس القومي للعمال والفلاحين تحت التأسيس

مقالات اخرى للكاتب

يوم الشهيد.. ملحمة الوفاء وتاج العزة للوطن