في مثل هذا الخريف قبل 51 عاما ..
وقبل ذلك في ٢٨ سبتمبر ١٩٧٠ .. كان يوم آخر من أيام العمر الحزينة .. ترجل فيه جمال عبد الناصر.
ولكن ذلك دفع المئات من طلبة الجامعة إلي تغيير مسار حياتهم .. البعض تطوع في " العاصفة " الفلسطينية ، وكان بينهم شاب في كلية الهندسة جامعة عين شمس .. لم يكن قد أمضي سوي عام واحد وكان يخطط لدراسة هندسة الطيران .. وعندما تأخر رد العاصفة سحب اوراقه من كلية الهندسة وتقدم إلي الكلية الحربية.
كانت رائحة دماء الشهداء لا تزال في أنوفنا عندما بدا المزاد في الكيلو ١٠١ ..
كانت رائحة المقايضة تزكم الأنوف ..
ووقتها أيضاً تذكرت ناصر ورجالي الشهداء .. وبكيت .. و لقد بكي المشير الجمسي أيضا ..
وكان الحزن عاما خاصة في الجيش الثالث حيث كان رفاقنا محاصرين نتسلل اليهم بقليل الطعام والمياه والأدوية والذخيرة ..
وللعلم وللتاريخ كان الرجال علي استعداد لمواصلة القتال وقد أصبحوا بالفعل محترفين .. ولازلت أتذكر جنود العدو أمامنا تحت سفح جبل عتاقة يرتعدون كلما أطلقنا بعض طلقات خداعية للتغطية علي تسلل قوات الصاعقة ..
يبدو أن القيادة السياسية وقتها لم تصدق أنه قد صار لديها بالفعل سيف ودرع .. مليون شاب علي أعلي درجة من التدريب وإرادة القتال .. جيش من الصعب تكراره في وقت قصير ..
لقد نقل عن كيسنجر خلال مفاوضاته مع السادات أن مصر لايجب أن تضع قدمها او تتدخل في أي شيء خارج حدودها! ، وقد حدث ذلك مع محمد علي وغيره والرسالة واضحة: " خليك في حالك ولا تنظر خارج بيتك".
وطالت ليالي الخريف .
----------------------------
بقلم: معصوم مرزوق
* مساعد وزير الخارجية السابق