07 - 05 - 2025

"الرجل"

هو عنوان رواية لأوريانا فلاتشى الكاتبة الإيطالية والصحفية المرموقة التى أجرت حوارات صحفية مع معظم القادة والسياسيين بالعالم، إلى أن شاءت الأقدار وألتقت بالثائر والشاعر اليونانى أليكس بناجليس، وكان صحفياً وكاتباً مرموقاً يتمتع بشعبية جارفة بين أبناء الشعب اليونانى إبان حكم العسكر فى الستينيات باباندريو وبابا دوبلوس وزير داخليته. 

المهم أثمر اللقاء الصحفى بين الكاتبة وبطل روايتها الشهيرة عن علاقة حب انتهت بالزواج، بعدها واصل أليكس مشواره النضالى ضد الطغمة الحاكمة إلى أن انتهى به الأمر سجيناً، وكان يشرف على تعذيبه بابا دوبلوس بنفسه. 

قادت أوريانا حملة مطالبات واسعة للإفراج عنه وارتفعت أصوات منظمات حقوقية عالمية تطلب الحرية لأليكس، وفى النهاية تم الإفراج عنه بعد عامين قضاها فى السجن، وعاد لمزاولة نشاطه السياسى ومقالاته التى كانت تلهب مشاعر اليونايين بالغضب والسخط على هذا النظام المستبد إلى أن ضاقوا به وفى إحدى الليالى وأثناء عودته من مكتبه بالجريدة طاردوا سيارته حتى هوت به بأحد الوديان السحيقة فلقى حتفه، وخرج الملايين من أبناء الشعب اليونانى لتشييعه إلى مثواه الأخير .

لذا كتبت أوريانا روايتها عنه واصفة إياه ومعنونه الرواية بإسم (الرجل). 

ما قصدته من كل هذا أن أسرد أحداث الرواية عليكم، ولكن ما لفت نظرى هنا هى تلك التركيبة الإنسانية لمعظم الثوار، وهى القوة والثبات والعنفوان فى الحق وإذا أوغلت فى النفس الثائرة ستجدها بكراً بريئة كبراءة الأطفال، وأنا أرى علاقة وطيدة ما بين الطفل والثائر، فالطفل فى بداياته الأولى يصرخ واضعاً يده فى فمه ويضرب بقدميه طلباً للطعام، بينما الثائر يضع يده فى حلق الطغاه ليتنزع حق الجوعى والمظلومين، ربما هى علاقة أزلية لم ننتبه إليها بعد .

فى المجمل لن تعدم الأرض الرجال وستظل الرجولة هى أعلى مراتب الإنسانية .. حتى عند الله وفى كتابه العزيز قال تعالى : (مِنَ المُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ) كما سيظل الأدب عاملاً فى صياغة مفاهيم ووجدان الأمم محافظاً على إرثها الثقافى محرضاً فى أحيان كثيرة إذا لزم الأمر.. ربما تصمت البنادق ولكن تبقى زخات الأحرف الثائرة .. الأحرف المآذن تُقيم صلوات الغضب فى وجه مغتصبى الحقوق والحريات.

وإلى الشعر :

المجد كل المجد للإنسان.... الكون عدم ليه الندم

إيدى فى إيدك نتفق أو نختلف .... مش ده المهم

لكن المهم يبقى بيننا شئ جميل ... أن نبتسم حين اللقاء

يبقى السلام ع الأرض كلمة مقدسة

المجد كل المجد للإنسان.... حتى إن أختلف
----------------
 بقلم: سعيد صابر 

مقالات اخرى للكاتب