ما زال أمامنا نحو 70 يوما على تنصيب "دونالد ترامب" رئيسا للمرة الثانية للولايات المتحدة الأمريكية، ومنذ الإعلان عن نجاحه في الانتخابات أمام "كامالا هاريس"، - في صراع سياسي في الداخل الأمريكي بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي،- والحديث لم يتوقف عن الإجابة بشأن السؤال "أين ستكون قضايا الشرق الأوسط والعرب في ظل ولاية ترامب؟،.
والسؤال مهم خصوصًا في ظل فترة اتسمت بالفتور في ظل ولاية "العجوز "جو بايدن"، وسط تأييد فج ومفضوح للعدوان الصهيوني على غزة، وحرب الإبادة التي يخوضها الجيش الصهيوني على البشر والحجر في محاولة مستميته لتهجير أهل غزة من أرضهم بالقوة، وحرق كل شيء، وهو نفس التأييد الأعمى في العدوان المستمر على لبنان، وفي الحالتين فإن العدوان مدعوم بالسلاح والمال أمريكيا، مع دعم عالمي بحالة العجز والصمت من كل الأطراف.
ولكن من المهم وقبل بناء أمال وأحلام من الرمال على عودة ترامب إلى سدة الحكم في البين الأبيض، من المهم أن نراجع حصاد أعماله فيما يخص قضايانا العربية، وفي القلب منها القضية الفلسطينية، ونقرأ بعناية مدى الانحياز الأمريكي للكيان الصهيوني.
ومن المهم أن نعيد بالذاكرة للخلف، وقبل الوقوف على ما فعله ترامب في سنوات حكمه الأولى "للعالم"، وأعني بذلك المعنى الحقيقي لحكم العالم، حيث أن أي رئيس أمريكي، يصل إلى البيت الأبيض، فهو يحكم من البيت الأبيض، كل العالم، أتذكر جيدا تصريحات مهمة لدونالد ترامب في مؤتمر صحفي في دبي في السنوات الأولى من القرن الحالي عندما أبرم اتفاقا مع "داماك العقارية" لاستثمار مشترك في القطاع العقاري.
وقال وقتها ردا على سؤال حول ماذا سيضيف للقطاع العقاري في الإمارات، فكان رده واضحا كرجل أعمال "جئنا إلى هنا "دبي"، لنستفيد من استثمار اسم "مجموعة ترامب" من رؤوس الأموال".. وهذا يعني أنه رجل يبحث عن المكسب الخاص.
وفي السياسة، فقد كانت فترة رئاسته الأولى، من أسوأ الفترات، والتي لا تقل عن بشاعة من نحن فيه من هوان، وعدوان وقتل وتشريد بسلاح أمريكي في أيدي الصهاينة، ولا يمكن أن ننسى أن "ترامب" هو صاحب أسوأ قرار يخص القضية الفلسطينية، وهو الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية إليها من تل أبيب، وهو الموقف المغاير لسياسة أمريكية ودولية امتدت لعقود، ليفتح الباب لمشروع "القرن".
ولم يكتف ترامب بذلك بل هو من اعترفت إدارته بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان المحتلة، بعد سنوات من قيام إسرائيل بضمها بشكل غير قانوني وتحديدا في العام 1981، أي بعد 15 عاما من الاستيلاء الصهيوني عليها في حرب عام 1967، ليأتي ترامب في العام 2017، ليعطي صك الاعتراف بهذا الضم غير الشرعي للصهيونية.
فهل في ظل سياسة "ترامبية" منحازة بقوة للصهيونية ننتظر منها شيئا؟".. خاصة وأن سياسة التطبيع التي مهد لها ترامب خلال فترة حكمه الأولى قبل خسارته في انتخابات العام 2020، والتي توسعت في عهد ما خلفه وهو جو بايدين، وهذا يعني أن ترامب سيكون مهموما باستكمال توسيع نطاق التطبيع والانحياز بكل بجاحه للكيان الصهيوني، والعمل على أعادة إحياء صفقة القرن، والتي تعني اعتراف بكل المستوطنات في الضفة الغربية، وتقليص شديد، لحكم ذاتي محدود على تجمعات فلسطينية متناثرة، وتحت ولاية صهيونية.
ومن المهم أم نقرأ بعناية وتحليل جيد، لعدد لا يتجاوز 10 كلمات وردت على لسان ترامب في أعقاب عملية "طوفان الأقصى" في 6 أكتوبر 2023، موجها اللوم على نتنياهو قائلا "لا يمكن أن يحدث هذا لو كنت رئيسًا للولايات المتحدة"، ويعني هذا باختصار أنه روحه مع الكيان الصهيوني.
المهم أن تكون القوى العربية في قلب الأحداث، فلغة التواصل من أجل الصالح الصهيوني هي السائدة، منذ اللحظة الأولى لإعلان فوز ترامب، وفي هذا يأتي تصريح الصهيوني "بنيامين نتنياهو" مهنئا ترامب في اللحظات الأولى قائلا "تهانينا على أعظم عودة في التاريخ"، ومن المهم أن نتفحص مثل تلك العبارات الإعلانية المنتشرة في الأراضي الفلسطينية المحتلة ومنها "ترامب: اجعل إسرائيل عظيمة مجددا".
ويجب الأخذ بجدية، تخوفات المراقبين، بأن تكون مرحلة ترامب هي فرصة تحقيق الطموح الصهيونية وبالأخص لدى "نتنياهو" لضم الضفة الغربية، وما يحدث في اليوم التالي لوقف الحرب في عزة، وهو عودة الاستيطان" وربما يكون بترحيب من بعض من تقلقهم "المقاومة" من الناحية السياسية.
------------------------------
بقلم: محمود الحضري