أمريكا أقوى وأغنى دولة فى العالم بالرغم من محاولة إعادة التعددية الدولية، نعم.. ولذا من الطبيعى أن يناقش ويحلل العالم التغيرات الرئاسية الأمريكية أيا كان الرئيس جمهوريا أو ديمقراطيا وتأثيرها فى مسار التغييرات والانحيازات الدولية.
ولكن لابد هنا من الانطلاق على أرضية سياسية وواقعية، فلا قرار ولا تغيير ولا انحيازات تتم بعيدا عن الواقع السياسى لكل دولة ولكل تحالف ولكل منطقة جغرافية بالنسبة للمصلحة الأمريكية فى المقام الأول. فالانتظار والتحليل لدول مثل روسيا والصين والهند غير دول وسط آسيا مثلا. ووضع إيران غير وضع تركيا مثلا، وكلاهما غير الاتحاد الأوروبى. ناهيك عن منطقة الشرق الأوسط والمشكلة الفلسطينية وما يحدث من إبادة فى غزة وتخريب فى لبنان. فهناك من ينتظر على أرضية القدرة على المواجهة بصورة أو بأخرى. وهناك من ينتظر لمزيد من التحالفات الموجودة أو الحفاظ عليها. وهناك من ينتظر المسيح المنتظر أو المهدى المخلص. فهؤلاء فى الغالب الأعم هم من يستبدلون العمل والجهاد والنضال بحنان وسماحة وفضل وعفو هذا المنتظر. وبعيدا عن القضايا العالمية وما سيحدث فيها من تغيرات أو تحالفات فالأهم هنا هو ما سيحدث فى منطقة الشرق الأوسط وفى القلب منها المشكلة الفلسطينية، وذلك فى إطار الرئاسة الثانية لترامب العائد بفوز تخطى كل التوقعات الأمريكية والعالمية. فى الوقت الذى لا نستطيع فيه إسقاط النتائج التى تمت أثناء رئاسته الاولى على اعتبار أن القرارات والمواقف لاتنفصل غالبا عن التكوين الشخصى لصاحب القرار. اضافة للعلاقة الأمريكية الاسرائيلية التى لا ولن تتأثر بهذا الرئيس أو ذاك الحزب. فالقرارات الكارثية التى تمت فى عهد ترامب ضد القضية الفلسطينية لاتختلف كثيرا (فى غير الأسلوب) عن ذلك الانحياز الأعمى من بايدن لاسرائيل بعد أحداث ٧ اكتوبر ٢٠٢٣ . فإذا كان بايدن صهيونيا غير يهودى فترامب مسيحى صهيونى!
هنا ما هو الواقع العربى والإسلامى تجاه القضية الفلسطينية ؟
نعم كانت لأحداث ٧ أكتوبر ٢٠٢٣ نتائج إيجابية تمثلت في إعادة زخم القضية مرة أخرى محليا وعالميا بعد خفوت القضية نتيجة للانكفاءات القطرية والتحالفات لبعض الدول العربية مع اسرائيل تحت مسمى (الإبراهيمية).
ولكن فى المقابل أصبح هناك استبداد صهيونى أسقط كل الاعتبار للقوانين والمؤسسات الدولية بكل مسمياتها!! وصولا إلى تلك الإبادة للبشر والحجر وغير المسبوقة فى العصر الحديث لغزة وصولا إلى أحداث لبنان ضغطا على المقاومة فى غزة والجنوب اللبنانى. ولا نرى مقابل ذلك غير الرفض والشجب والتصريحات العنترية التى لاتغنى ولا تسمن من جوع! فماذا ننتظر من ترامب؟ الذى يسعى لتوسيع حدود إسرائيل على حساب كل دول الجوار ومن الطبيعى أن هذا لا يحدث بعيدا عن تنفيذ مايسمى بالتهجير القسرى للفلسيطينين إلى سيناء والاردن. هنا لابد أن نعى جيدا كيفية التعامل مع ترامب الذى لايؤمن بغير الصفقات التجارية فى كل تعاملاته. ودائما تكون الصفقات بين طرفين يوجد بينهما مصالح مشتركة، فهل لا توجد مصالح أمريكية فى المنطقة؟ لاشك أن المصالح الأمريكية فى المنطقة لاتحتاج إلى تأكيد . ولكن هل يمكن تفعيل تلك المصالح لكى يعى ترامب أن صفقاته لن تمر بدون ثمن؟ هذا هو بيت القصيد . فهل كل الآمال معقودة الآن على وقف القتال فقط؟ نعم سيتم وقف القتال آجلا أم عاجلا. ولكن الأهم هو كيف تكون هناك دولة فلسطينية كحق شرعى وقانونى وتاريخى للفلسطينيين؟ بالأمانى والرجاوات ام بالعمل والتوحد العربى والإسلامى الحقيقي، وبتفعيل الإمكانات العربية والإسلامية.
نعم لايضيع حق وراءه مطالب ولكن لا استعادة لحق بغير النضال والعمل والتوحد لإرجاع هذا الحق . حمى الله مصر وشعبها العظيم .
-------------------------------
بقلم: جمال أسعد