في ضوء التجربة الانتخابية السابقة وما صاحبها من تدخلات سياسية ومالية أثرت على نتائج الانتخابات البرلمانية نجد أنفسنا بحاجة ملحّة لإعادة النظر في قانون الانتخابات البرلمانية، فالمال السياسي لعب دوراً خطيراً في تلك الانتخابات ووجدنا أن الغالبية العظمى من أعضاء مجلس النواب والشيوخ أتوا نتيجة دعم من جهات أمنية، ما جعل البرلمان أقرب إلى سلطة تابعة للجهات التنفيذية بدلًا من كونه ممثلاً حقيقيًا للشعب.
إن تهميش الفئات الشعبية المختلفة ومنعها من المشاركة السياسية الحقيقية هو تمييز سياسي يعمّق من الفجوة بين الدولة والمواطنين، البرلمان يجب أن يكون صوت الشعب بأكمله ويجب أن يمثل جميع فئاته وتطلعاته بحيث يصبح قادرًا على تحقيق التوازن وحماية استقرار البلاد من أي خلل أو انحراف، يتطلب ذلك بناء مجالس تشريعية قوية مجموعة من التعديلات الأساسية على قانون الانتخابات لضمان مشاركة عادلة تعبر عن إرادة المواطنين من كافة الفئات الاجتماعية والسياسية وتمكن البرلمان من لعب دوره الرقابي والتشريعي بفعالية.
يجب أن يكون القانون شاملاً لكافة فئات المجتمع من دون تمييز اقتصادي أو اجتماعي ليضم البرلمان جميع شرائح الشعب من عمال وفلاحين وأطباء ومعلمين وشباب التمثيل العادل والمتنوع سيضمن نقاشات واقعية تمس نبض الشارع وتلبي احتياجات المواطن البسيط
ينبغي فرض قيود صارمة على استخدام المال السياسي لضمان أن تكون الانتخابات فرصة حقيقية للمواطنين لاختيار من يمثلهم دون ضغوط مالية أو تدخلات خارجية كما يجب أن يتضمن القانون عقوبات رادعة لمنع استخدام المال كأداة للتأثير على قرارات الناخبين.
إن استقلالية الجهات الرقابية هو عامل حاسم في ضمان نزاهة الانتخابات لذلك ينبغي تفعيل دور هيئات رقابية مستقلة تتولى مراقبة العملية الانتخابية بكافة مراحلها لتؤكد للمواطنين أن أصواتهم هي الحكم في اختيار ممثليهم حتى لا يكون البرلمان محصوراً بتمثيل الأحزاب فقط يجب أن يُعطى المستقلون فرصة حقيقية للوصول إلى المقاعد البرلمانية ليضم المجلس أصواتًا وطنية خالصة تعمل من أجل المصلحة العامة بعيدًا عن الانتماءات الحزبية.
يجب أن يتمتع البرلمان بالصلاحيات اللازمة لممارسة دوره الرقابي بشكل فعّال بحيث يصبح قادرًا على محاسبة السلطة التنفيذية وتصويب أدائها عند الضرورة لا بد أن تكون للبرلمان اليد العليا في الدفاع عن مصالح الشعب وأمن الدولة.
في النهاية إن تعديل قانون الانتخابات ليصبح أداة لبناء برلمان يمثل كافة فئات المجتمع هو خطوة حتمية لضمان استقرار مصر وأمنها نحن بحاجة إلى برلمان ينحاز إلى الشعب ويدافع عن مصالحه برلمان يعمل على احتواء آلامه ومعاناته ويسعى بصدق وإخلاص لحماية الوطن من أي تهديدات داخلية أو خارجية مصر تستحق مجالس تشريعية قوية ومستقلة مجالس تكون حائط الصد أمام التحديات وتحمل تطلعات الشعب نحو مستقبل أفضل.
-----------------------------------
بقلم: محمد عبدالمجيد هندي
* قيادي عمالي مستقل ، مؤسس ورئيس المجلس القومي للعمال والفلاحين تحت التأسيس