اجتمعت اللجنة الدائمة للمجمع المقدس برئاسة قداسة البابا تواضروس الثاني، وحضور ١٨ من الآباء الأجلاء منهم ثلاثة عبر الانترنت، ناقشت اللجنة العديد من الموضوعات الرعوية، كان أهمها تحليل لأزمة السيمينار في ضوء بيان المجمع، و تداعياته الأخيرة الذي كان مقررًا عقده في شهر نوفمبر الجاري، و شرح بعض الآباء وجهة نظرهم، وتلقوا إيضاحات عن بعض الملابسات، مما دعا بعضهم إلى تقديم إعتذار عن بعض التصريحات التي صدرت عنهم بحسن نية، كمثال لذلك الانبا بينيامين الذي أبدي تراجعه عن الرقم ٨٠ الذي قال عنه أنه عدد المعترضين علي اثنين من المتحدثين في السيمينار سابقآ، و استنكر أعضاء اللجنة تصرف من قام بتسريب أو نشر قائمة أسماء بعض من الآباء المطارنة والأساقفة والادعاء بأنهم يصنعون تكتلاً معارضًا داخل الكنيسة، الأمر الذي لا يمت للحقيقة بصلة، وهو ما أثارة بيان التيار العلماني الذي أعطي هالة غير حقيقيه، وأكدت اللجنة أن أمور المجمع المقدس تناقش داخله فقط بكل شفافية وإخلاص، علي الرغم من أن الخلاف ظل يسوده الغموض، فلم يتم توضيح طبيعة الخلاف مما يترك مجالًا لإمكانية تكراره قريبا بنفس الطريقة والأسباب التي أدت لتأجيله من الأساس.
وقالت اللجنة إنها "تؤكد على وحدانية الكنيسة بجميع آبائها، أعضاء المجمع المقدس تحت قيادة قداسة البابا تواضروس"، وهناك رسالة طمأنينة بين ثنايا البيان، مما لا يدعو للشك في طلب عدم الالتفات إلى ما تم نشره خلال الفترة الماضية، على وسائل التواصل الاجتماعي والذي استهدف إثارة المتابعين وتشويه الكنيسة وآبائها الأمناء، فالمشكلة تكمن في التأويلات المختلفة والانحيازات، مع اختفاء دور الوسيط الكنسي متمثلا في المتحدث الإعلامي لدحر الشائعات قبل انتشارها، وعدم تفعيل الدور الرقابي في العصر الرقمي.
ولكن لم يوضح البيان حقيقة التصريحات الخاصة التي أدلي بها نيافه الأنبا بولا بالصوت و الصورة وآخرين، أوضحوا أن هناك صعوبة في التواصل فعليا، ولم يتضح من تحديدا سحب اعتراضه بعد توضيح بعض الأمور، مع تشكيل لجنة مجمعية لمناقشة ودراسة أي تعاليم غريبة عن الإيمان الأرثوذكسي تصدر عن أي شخص يعلم داخل الكنيسة، والتأكيد على أنه ليس من حق أي أحد إتهام أي شخص في الكنيسة دون تحقيق وصدور قرار من المجمع المقدس حياله، ولكن لم يتم تحديد آلية واضحة لتنفيذ قرارات تشكيل اللجان ومناقشة القضايا المطروحة، فكنت أتمني تفعيل دور لجنة الأيمان من فرز واستبعاد من لديهم الفكر الطائفي ومدارس البدع الحديثة، وأيضا التدقيق في الكتب المطروحة وقضية التعليم والمراكز اللاهوتية، من خلال تحديد جدول زمني لإنجاز هذه المهام، ودراسة جذور أي تعاليم جديدة أو غير تقليدية بشكل عميق وموضوعي، مع تحديد صلاحيات اللجنة بشكل واضح، بما في ذلك الحق في استدعاء الشهود وجمع الأدلة وإصدار التوصيات، فذلك قد يلزم اللجنة بمقارنة من يروج للتعاليم الغريبة عن التقليد الرسولي للكنيسة والآباء القديسين بعد استدعائه، وتحديد آلية لتلقّي الشكاوى ليس من ضمنها وسائل التواصل الاجتماعي، مع اعلان النتيجة بكل شفافية بعد إظهار النتائج أن استدعي ذلك، فبعض من القضايا المثارة تستلزم دعما شعبيا واستطلاعات للرأي قبل التوصل للجنة، فلا نستطيع أن نغلق كل جسور الحوار علي مواقع التواصل، ولكن بحاجة إلي تفعيلها بشكل ملموس وليس بشكل صوري.
وتقرر أيضا تشكيل لجنة مجمعية للتحقيق مع بعض أصحاب صفحات التواصل الاجتماعي التي دأبت على الهجوم على الكنيسة وآبائها باستمرار، واستخدام أساليب الإثارة والشائعات والتضليل، في تناول أمور الكنيسة، في محاولة للإيحاء أن آباء الكنيسة يفرطون في إيمانها، وهنا نتوقف قليلا عند أصحاب الحق في تقديم بلاغات ومحاسبتهم بالقانون دون حلول جذرية لمعالجة هذه الخلافات و تحديد هوية الفئه المستهدفة من الحساب وتأثيرها، فنجد من هم غير أرثوذوكس يناصرون جانب أوحد ويحشرون أنوفهم بين أبناء البابا تواضروس أو غير مسيحين من الأساس، وبعضهم مدعوم أمنيا أو صفحات تعرف باسم "تبع اللي تبعه" وهي تسري علي أيدولوجية ثابتة بشكل منهجي، فماذا عن المقيمين في الخارج وصانعي محتوي اليوتيوب وأصحاب البرامج التي تبث الروح اللا طائفية وتمهد الطريق أمام تلك الأفكار المستوردة، ويدعون قربهم من رأس الكنيسة وهم يسيؤون إليه، ومن يقوم بالتشهير وإلحاق التهم حتي بالراحلين مثل البابا شنودة والأنبا ابيفانيوس المقتول غدرا وحتي البابا كيرلس والرهبنه عموما، ولم يسلم من أقلامهم أحد للتشجيع على الكراهية، ولكن اللجنة المجمعية خطوة هامة لحماية سمعة الكنيسة ومواجهة حملات التشويه والتضليل، وقد تستلزم التنسيق مع الجهات المعنية لحجب هذه الصفحات. ويجب أن يكون أعضاء اللجنة من بين الخبراء القانونيين، وخبراء وسائل التواصل الاجتماعي، مع اختيار من يتمتعون بالنزاهة والاستقلالية من المعاونين للآباء، إضافة إلى تحديد صلاحيات اللجنة بشكل واضح، بما في ذلك الحق في التحقيق وجمع الأدلة وتقديم التوصيات، ووضع لوائح داخلية تنظم عمل اللجنة، مثل آليات اتخاذ القرار وإجراءات التحقيق وطرق حفظ السجلات وتحليل المحتوى المنشور من الناحية القانونية، وتحديد ما إذا كان يشكل جريمة أو انتهاكًا للقوانين السارية، مع ضرورة الحفاظ على التوازن بين حماية سمعة الكنيسة وحماية حرية التعبير و مراعاه لأبعاد التفرقه بين الاختلاف والتجريح، إلا أنه تبقي المعضلة فيمن يحرك بعض الصفحات من الداخل ويسرب معلومات تخص الإجتماعات، واستخدام حسابات وهمية والتحايل على الرقابة، فبات من الضروري تطوير استراتيجية إعلامية فعالة للكنيسة تستطيع بها مواجهة هذه الهجمات، ويستوجب ذلك التركيز فقط علي الحالات التي تستدعي المواجهة.
وأشادت اللجنة بجهود الكنيسة بقيادة قداسة البابا واستضافتها لقاء الكنائس الأرثوذكسية بالعالم، الذي جرى الشهر الماضي في مصر، والاتفاق على استمرار الصلاة لأجل وحدة كنيسة التوحيد الإثيوبية الأرثوذكسية، ولأجل اختيار بطريرك جديد لكنيسة إريتريا، فان ذلك اعلان صريح لدعم أستقلاليه كنيسه إريتريا وبالتالي التيغراي وتقديم الدعم الأخوي، وأشاد أعضاء اللجنة بتطور العلاقات مع الكنيسة الروسية الأرثوذكسية، وفي هذا السياق سيتم عقد حوار بين الكنيستين يومي ١٤ و ١٥ نوفمبر الجاري في مصر، وذلك يعزز تعميق الاهتمام بأبناء العائلة الأرثوذكسية.
----------------------------
بقلم: جورجيت شرقاوي