29 - 06 - 2025

قصة فضيحة نتنياهو .. اصطناع وثائق لدعم حججه في إفشال صفقات الأسرى ونشرها بصحف عالمية

قصة فضيحة نتنياهو .. اصطناع وثائق لدعم حججه في إفشال صفقات الأسرى ونشرها بصحف عالمية

يعيش المجتمع الصهيوني على وقع تحقيقات الوثائق السرية أو ماعرف باسم فضيحة نتنياهو، فما تفاصيل القصة؟

بدأت حكاية التسريبات كمبادرة من جيش الاحتلال الإسرائيلي، بناء على شكوك لدى الشاباك والجيش حسب هيئة البث الإسرائيلية، حيث كان تقديرهما أن معلومات حساسة للغاية تم تسريبها من قاعدة بيانات 8200، وهي وحدة الاستخبارات الإسرائيلية، المعنية بمكافحة التسريب!! بدون أن يتمكن الجيش من فهم كيفية حدوث ذلك . 

وفي إطار القضية هناك خمسة معتقلين بينهم ضابط إسرائيلي برتبة رفيعة اعتقله الشاباك أثناء إجازته وقالت القناة 14 الإسرائيلية إن التحقيق مع المشتبه بهم يتم من خلال وسائل تستخدم في القضايا الأكثر خطورة ، وأربعة من أصل 5 معتقلين يعملون في مقر شعبة الاستخبارات العسكرية (أمان). أما المعتقل الرئيسي فهو إيلي فلدشتاين الذي عمل مستشارا في مكتب نتنياهو.

وعقب تفجر القضية جرى تسريب شائعات عن محاولة الجيش والأمن الانقلاب على نتنياهو لردع التحقيق في التسريبات ، لكن مصادر أمنية أكدت استمراره بهدف وقف تسريب معلومات خطيرة خلال الحرب

ورغم أن الخبير الإسرائيلي في الشؤون الاستخباراتية رونين بيرغمان قال إن القيادة الأمنية الإسرائيلية أكدت أن ما ورد في الوثائق المسربة لم يكن صحيحا، إلا أن حادثة التسريب أشعلت أزمة داخل الحكومة الإسرائيلية.

نقطة البداية التي فجرت القضية داخل الأروقة الأمنية والعسكرية ، كانت طلب جيش الاحتلال قبل بضعة أسابيع من جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي "الشاباك" فتح تحقيق بعد تسريب تقرير استخباراتي سري للغاية إلى صحيفة "بيلد" الألمانية.

تناول التقرير "المسرب" أوراقا مزورة، منها ورقة قيل انها وجدت في نفق في غزة وانها مكتوبه بيد رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الشهيد يحيى السنوار تزعم أنه كان يخطط لتهريب الأسرى لإيران عبر مصر من خلال أحد الأنفاق، وكذلك خطة للسنوار بالاستفادة من الاحتجاجات في الشارع الإسرائيلي للمطالبة بصفقة أسرى.

 وكان هدف تسريب هذه الأوراق (التي تبين لاحقا انها مزورة) لصحيفة ألمانية وصحيفة بريطانية هو التأثير في الراي العام الإسرائيلي ليتوافق مع خطة نتنياهو بإفشال أي صفقة تبادل مما يعني حسب المعارضة أن نتنياهو خاطر بحياة الأسرى والجنود لاجل مصلحته الخاصة، كما كان قراره باحتلال محور فيلادلفيا (صلاح الدين) مع مصر بناء على هذه الأوراق المزورة والمسربة وقتها عمدا.

ورغم محاولة نتنياهو التهرب ونفي أي علاقه لمكتبه بالتسريبات، إلا أنه تم اعتقال اليعازر بلدشتاين الناطق باسم بنيامين نتنياهو للشؤون العسكرية، وكان بلدشتاين متحدثا باسم ايتمار بن غفير وزير الأمن الإسرائيلي ، ويبدو ان بن غفير رشحه بعد 7 أكتوبر ليكون متحدثا باسم نتنياهو فاستقال. وكان بلدشتاين هو المرافق الرئيسي لنتنياهو في زياراته لوحدات قتالية سرية، كما كان بوسعه الاطلاع على اجتماعات المجلس الوزاري المصغر، وحتى بعد اعتقاله حاول نتنياهو التملص ونفى أن يكون موظفا في مكتبه ولكن الفيديوهات والصور تظهر بلدشتاين يرافق نتنياهو في مواقع عسكرية حساسة وفي اجتماعات أمنيه حساسة ، وفشل بلدشتاين أثناء فحص أولي لجهاز كشف الكذب، كذلك كان تساخي برفرمان مدير مكتب نتنياهو واحدا من المعتقلين ومعه جوناثان اوريخ الذي يعمل بصفته متحدث باسم نتنياهو لوسائل الاعلام.

ورغم أن تلك التسريبات لأوراق مزورة تعود لعدة أشهر، واستهدفت ترهيب أهالي الأسرى الإسرائيليين في قطاع غزة من الخروج في مظاهرات وكسب تأييد شعبي لمواجهة تلك المظاهرات بعنف، إلا أن فتحها زلزل المجتمع الصهيوني.

فأحد أهم التسريبات، هو ما نقلته صحيفة “بيلد” الألمانية عن مصادر إسرائيلية من مكتب نتنياهو، يتحدث عن وثيقة وُجدت في قطاع غزة كتبها السنوار، ويشير فيها إلى التفكير بجدية في تهريب الأسرى إلى سيناء، ومنها إلى اليمن أو إيران، كما يُقال إن السنوار طلب تعزيز الانقسام الداخلي الإسرائيلي باستخدام أساليب معينة. غير أن جيش الاحتلال الإسرائيلي كذب الصحيفة وقال إن السنوار لم يكتب تلك الوثيقة.

وفي مؤتمر قبل شهور، تطرق نتنياهو إلى التفاصيل الواردة في صحيفة “بيلد” واستخدمها كمصدر للمعلومات، رغم معرفته المسبقة بأنها كاذبة وخرجت من مكتبه.

واستخدم مكتب نتنياهو طريقتين لنشر المعلومات الكاذبة ؛ الأولى عبر الصحف والقنوات العبرية اليمينية، وبعدها ابتكر أسلوب تسريب معلومات إلى صحف عالمية، ثم يستند الإعلام العبري، وخاصة اليميني، عليها كمصدر للمعلومة لإبعاد الشكوك عنه، ويعقب ذلك استخدام بعض المحللين العسكريين والسياسيين والصحفيين المقربين منه لتعزيز تلك الفكرة.

واستهدف نتنياهو وفقا لتقارير إسرائيلية "تعزيز موقفه المتشدد، الذي ساهم في عرقلة وقف إطلاق النار في غزة".

ويقول ناحوم برنياع أهم محللي "يديعوت أحرونوت" إن "جوهر القضية ليس التسريب، بل الاستخدام الزائف لمواد مصنّفة لأجل خداع الرأي العام في إسرائيل بشأن القضية الأكثر حساسية على جدول الأعمال، مسألة تتعلق بالحياة والموت. ليس التسريب، بل الكذب، الإدانة، الحرية في الإساءة إلى أبناء شعبك، إلى مواطني دولتك، إلى ضحايا تقصيرك. وهكذا تتصرف القوى المظلمة في الأنظمة".