حديثنا اليوم عن مقاتل مصري محب لوطنه لقواته المسلحة، وقد ترجم هذا الحب عندما حصل على بكالوريوس الهندسة عام 1961 وآثر أن يلتحق بالقوات المسلحة، وتخرج، وانضم إلى القوات الجوية، ولما أنشئت القوة الرابعة قوات الدفاع كان من الرعيل الأول لهذا السلاح العريق؛ الذي حمى سماء مصر من العدو الغاشم الذي يعتمد على قواته الجوية ويطلق عليها "الذراع الطويلة" الذي يستهدف الدول المحيطة به، وكان دور قوات الدفاع الجوي المصرية أن تغل هذه الذراع الطويلة وتساقطت كالذباب بفضل يقظة الدفاع الجوي..
شارك اللواء نصري جرجس نسر - حديثنا في السطور التالية- في كل حروب مصر، منذ تخرجه في الكلية الحربية؛ فشارك في حرب اليمن، وفي حرب الاستنزاف، وفي حرب أكتوبر، وفي حرب الخليج الثانية إلى أن تقاعد مطلع التسعينيات من القرن الماضي.
هرعنا إلى دوحة اللواء أركان حرب مهندس نصري جرجس نسر أحد أبطال الدفاع الجوي، ولم يبخل علينا بأي شيء، فكان التواضع ديدنه وأجاب على أسئلتي في أريحية شديدة، واسترسل في حديث عطر الذكريات حلوها ومرها، فهو يفتخر بعطائه وانتمائه إلى القوات المسلحة كجندي من جنودها الأوفياء ومن هذا الحوار وحوارات أخرى له أجراها مع صحف وقنوات تليفزيونية نسجنا منها هذا المقال التالي.
في مدينة الأقصر مهد الحضارات وبين رحاب الأرث الحضاري والآثار التي تتحدى الزمن ولد بطلنا اللواء نصري جرجس نسر في هذه المدينة التي تضم ثلث آثار العالم، لأسرة تمتد بجذورها في هذه المدينة؛ فأبوه وأجداده عاشوا على هذه البقعة العريقة من أرض مصر، ولد في 26 مارس 1939، وتعلم في مدارس الأقصر حتى حصل على الشهادة التوجيهية، وكانت آخر الدفعات التي عاصرت هذا النظام القديم قبل وضع النظام الجديد الذي اعتمدته الثورة، فصارت المراحل التعليمية قبل المرحلة الجامعية ثلاث مراحل: الابتدائية، والإعدادية، والثانوية.. وكانت الأجواء الثورية يفوح شذاها في كل مكان والناس يسربلهم الحماس والانتماء الشديد لمصر والإخلاص لقواتها المسلحة، وكان التفوق حليف الطالب نصري في كل مراحل التعليم فعندما حصل على الشهادة التوجيهية غادر بلدته إلى مدينة القاهرة ليلتحق بكلية الهندسة جامعة القاهرة ليتخرج فيها عام 1961، وعمل بعد تخرجه بمحطة الإستقبال اللاسلكى بالمعادى والتى أصبحت - فيما بعد - محطة الأقمار الصناعية، وكانت قبل التأميم تتبع شركة (ماركوني) فكان مديرها أخر الموظفين القدامى ايطالي الجنسية اسمه كمبيزي..
وذات يوم قرأ إعلانا بجريدة الجمهورية التي أنشأتها الثورة، ويطلب فيها كاتم أسرار حربية - الذى تغير مسماه فيما بعد الى إدارة شؤون ضباط القوات المسلحة - مهندسين للعمل بالقوات المسلحة، وتقدم بالأوراق المطلوبة واجتاز جميع الإختبارات وتم قبوله، بالكلية الحربية فى 21 يونيو 1963 ومكث بالكلية شهرين وتدرب على كل شيء في هذه الفترة الوجيزة التي انتهت بتخرجه فى 15 أغسطس 1963 برتبة ملازم أول مهندس تحت الإختبار، وتم توزيعه على القوات الجوية، ومنها على وحدات الرادار، وحصل على فرقة جهاز الرادار الأساسي على أيدي الخبراء السوفييت الذين كانوا بالجيش المصري، وفي يونيو عام 1964 عين النقيب نصري قائداً لموقع رادار ببورسعيد، وفى سبتمبر 1965 عين قائداً لموقع رادار طلعة البدن بسيناء (جنوب جبل الحلال بحوالى 25 كم وبينه وبين الحدود جوا حوالى 45 كم)، وذهب إلى اليمن في أكتوبر عام 1966 لمدة شهرين ولما عاد تولى منصب رئيس عمليات كتيبة الرادار فى سيناء.. وكان مركز قيادتها فى قاعدة المليز الجوية مركز مشترك مع القوات الجوية ومواقعها منتشرة فى النصف الشمالى من سيناء وخاضت هذه الكتيبة حرب يونيو وأبلت بلاءً حسناً إلا أن قرار الانسحاب غير المدروس من القيادة العامة للقوات المسلحة والتي كانت في تخبط شديد خلال أيام المعركة مما كان له الأثر السيء على القتال ضد العدو، وحدث هرج ومرج حتى تم الانسحاب إلى غرب القنال.. وخلال الفترة من رفع حالات الاستعداد يوم 15 مايو 1967 وحتى 5 يونيو ساهمت وحدات الرادار فى سيناء فى تأمين طلعات الاستطلاع بالطائرات.
وعن رأيه في هزيمة 1967 والعوامل إلى أدت إليها يقول اللواء نصري نسر: "غياب المعلومات، وكان لدينا شعور معنوي زائف بالنصر نتيجة الشحن المعنوي الزائد، لكن لم يكن لدينا معلومات واضحة عن قدرات وإمكانيات إسرائيل، فكنت مسئولاً عن الإنذار الجوي عن العدو، فكان يجب أن أعرف مطارات وأنواع الطائرات وعددها وإمكانيتها وعدد الطيارين، ارتفاعه مناورته، سرعاته ومناورة العدو الأسلحة التي يحملها، بالإضافة إلى أن الجيش كان يقوم بعمل احتفالي واستعراضي ليس إلا، ولم يكن هناك تدريبات على مستوى عال".
وبعد الإنسحاب تواجد النقيب مهندس نصري نسر فى قيادة وحدات الرادار بقيادة القوات الجوية لاستكمال مرتب الكتيبة من التسليح والإداريات بصفته قائد الكتيبة بالنيابة لأن القائد أصيب يوم 5 يونيو وكان بالمستشفى..
وفي شهر يوليو 1967 عين رئيساً لعمليات كتيبة الرادار التي كانت تتمركز في قاعدة أبو صوير الجوية، وكانت مسؤولة عن الجبهة.. وقاموا باستعادة الموقف واستكمال المواقع لتحقيق التغطية الرادارية المطلوبة واستعاضة الخسائر التى تمت فى يونيو، فقاموا بإنشاء أربعة مواقع جديدة.
في تلك الأثناء تم إنشاء قوات الدفاع الجوي كقوة رابعة بعد القوات البرية والجوية والبحرية.. وكان قوات هذا السلاح قبل موزعة بين سلاحي المدفعية والقوات الجوية، وتم ضم وحدات الرادار من القوات الجوية.. وحصل أيضا في تلك الفترة على فرقة شئون إدارية من معهد الشئون الإدارية.
ولكي يستوعب الجديد في تخصص الرادار ذهب الرائد نصري نسر إلى مدينة أوديسا بالاتحاد السوفيتي للحصول على فرقة قادة أفواج رادار في الترة من أغسطس 1969 الى مارس 1970 وبعد عودته عُين قائداً لفوج رادار ببنى سويف مركز القيادة مشترك مع صواريخ مضادة للطائرات ومع المقاتلات (كانت المقاتلات روسية بناء على الإتفاق الذى تم وقتها مع الإتحاد السوفيتى أثناء حرب الإستنزاف)، وكان فوج رادار بنى سويف له مواقع رادار متمركزة من على خليج السويس وفى الصحراء الشرقية وحتى نهر النيل من بنى سويف - الزعفرانة شمالاً وحتى أسيوط - رأس غارب جنوباً، وهذه الفترة كانت بجانب تنفيذ مهام العمليات مليئة باختيار مواقع جديدة ودراستها لإختيار الأنسب طبقا للمهمة المحددة ثم تشكيل الوحدات واستكمالها بالمعدات والتسليح والشؤون الإدارية والأفراد وتدريبهم والتنسيق مع المهندسين العسكريين لتجهيز المواقع ثم التحرك والتمركز فى الموقع وتركيب المعدات وتشغيلها وضبطها والدخول فى واجب العمليات.
وعن هذه الفترة يقول اللواء نصري: " في صباح يوم 28 سبتمبر 1970 مر علينا السيد الفريق أول محمد فوزى وزير الدفاع بمناسبة انتقالنا الى مركز القيادة المحصن.. عرضت على سيادته قرار قائد الفوج الذى يتضمن بنودا كثيرة منها مهمة الفوج .. العدو المتوقع .. تشكيل الفوج وامكانياته وكيف سيؤدى مهمته ... الخ ونظرا لأن سيادته سبق ومر على أفواج رادار رأى أن رتبنا قادة الأفواج التى كانت نقيب لا تتناسب مع حجم المهام وأهميتها وحجم القوات التى نقودها فأمر بترقيتنا الى رتبة الرائد الوقتي".
شارك الفوج مع لواء الصواريخ المضاد للطائرات ولواء المقاتلات المشتركين معا فى مركز القيادة المشترك بإجراء بيان عملى حول تنظيم التعاون بين الصواريخ والمقاتلات ضد هجمة جوية معادية فى المنطقة الواحدة أى كيف تعمل مقاتلاتنا داخل مناطق تدمير الصواريخ فى تعاون كامل .. حضر البيان قائد فرقة الدفاع الجوى ورئيس أركان الدفاع الجوى ورئيس أركان القوات الجوية ومستشاريهم الروس وكان دور وحدات الرادار تحت قيادتى تأمين هذا النشاط بالمعلومات عن الطائرات المشتركة فى البيان والذى بعضها يمثل العدو الجوى.
تم تدعيم الفوج بمعدات حديثة تنتقل بالقيادة والسيطرة من النظام اليدوى الى نظام نصف آلي.
في حرب أكتوبر 1973:
عندما التحق اللواء نصري نسر بالدفاع الجوي كان عدد مواقع الرادار لا يتجاوز 25 موقعاً تحت قيادة أربع كتائب، وعندما خاضت مصر حرب أكتوبر1973 كان لدينا حوالى مائة موقع رادار على مستوى الجمهورية.. وشارك المقدم مهندس نصري في اختيار وتجهيز العديد منهم سواء في وسط الصحارى أو على قمم الجبال أو لسد ثغرات في وديان معينة.. وكان الرجل شعلة نشاط لا يتوقف عن العمل هو وزملائه استعداداً ليوم الكرامة وحماية العمق الاستراتيجي من العدو، ويقول عن هذه الفترة "كنت فى هذه الفترة وبدون مبالغة أعمل حوالى 16 ساعة يومياً".
وفى سبتمبر 1972 نقل إلى مسقط رأسه مدينة الأقصر لتولى قيادة فوج الأقصر، وكان مسؤولاً عن الكشف الراداري في جنوب مصر من شمال الغردقة الى جنوب القصير، ويقابلها على النيل من جنوب أسيوط حتى إسنا والصحراء الشرقية بينهما
وكان مركز القيادة فى قاعدة الأقصر الجوية مشتركا مع قيادة المنطقة الجوية الجنوبية، وكانت مهمة الفوج انذار وسائل الدفاع الجوى الإيجابية صواريخ ومقاتلات عن أى عدائيات جوية ضد الأهداف الحيوية ومن أهمها: قناطر ومصنع الألمونيوم بنجع حمادي، وقناطر إسنا، والموانئ البحرية فى الغردقة وسفاجا، والإنذار فى حالة اقتراب عدو جوى الى منطقة أسوان.
وخاضت مصر حرب أكتوبر 1973 واستطاعت قوات الدفاع الجوي أن تحيّد سلاح الجو الإسرئيلي وتشل حركته مما كان له الأثر في العبور واقتحام قناة السويس ودك حصون خط بارليف والتوغل في صحراء سيناء.
وفي يوم 20 أكتوبر 73 وبتحليل نشاط العدو الجوي توقع الرائد نصري هجومه على موقع الرادار شمال الغردقة مساء فأمر ضباطه وجنوده باليقظة وتنفيذ خطط العمليات بكل دقة.. وحدثت فعلاً الهجمة التي نتج عنها إصابة أحد أجهزة الرادار واستمرار اثنين في العمل وإصابات طفيفة لعدد خمس أفراد..
كما حدثت هجمة جوية معادية ضد موقع رادار الغردقة استخدم فيها العدو الصواريخ جو/ أرض الراكبة للشعاع الراداري حتى يصيب أجهزة الإرسال، ونتيجة للتدريب العالي على مجابهة هذا النوع من العدائيات لم يسفر الهجوم عن أي إصابات
وعن الدروس المستفادة من حرب أكتوبر يقول اللواء نصري نسر:
- الاستفادة من القاعدة العلمية المتمثلة في خريجي الجامعات في التجنيد بعد أن كان المجندون جلهم من المؤهلات المتوسطة والعادية أصبحوا من المؤهلات العليا مما أدى إلى اختصار فترات التدريب ورفع كفاءة العمل وبالتالي القدرات القتالية للوحدات.
- استخدام الأساليب العلمية عند تنظيم إجراءات المعركة والتي تنتهي باتخاذ القرار الذي يبنى عليه خطط التنفيذ. ومن الأسس الرئيسية في التخطيط توفر معلومات عن العدو تكون مدققة وموقتة ومستمرة وتوزع على القوات كل طبقا لاختصاصه واحتياجه.
- الاهتمام الشديد بالتدريب وتنفيذه بالتوازي مع تنفيذ المهام القتالية مع التدرج في تنفيذه من الفرد إلى الوحدة والتنوع من تدريب عسكري أساسي إلى تدريب مشترك داخل الوحدة إلى تدريب مشترك لوحدات مختلفة مع بعضها البعض إلى تدريب مشترك بين أسلحة مختلفة مع وضع مواقف طارئة غير معلنة تجابهها القوات تحت التدريب لاختبار قدرتها على اتخاذ القرارات السليمة وفى التوقيت المناسب.
- العمل بمبدأ الشخص المناسب في المكان المناسب وكان لا يمكن أن يتم ذلك إلا بالتخلص من مبدأ الاعتماد على أهل الثقة ليتم الاعتماد على أهل الخبرة وامتنعت الوساطة تماما، وكان الاختيار مبنيا على الكفاءة والقدرات الشخصية والتأهيل والمستوى العلمي ومتابعة موقف الضباط من قادتهم أو رؤساءهم في فترات دورية متقاربة بوضع تقارير كفاءة عن أدائهم لأعمالهم.
بعد انتهاء الحرب:
وبعد انتهاء الحرب التحق المقدم مهندس نصري نسر بكلية القادة والأركان في الدورة 26 في الفترة من مايو 1974 إلى يونيو 1975 وكانت دورة تضم كل من شاركوا فى معارك 73 من جميع تشكيلات وأفرع القوات المسلحة.. نذكر منهم اللواء مصطفى الغاياتي الذى تولى منصب محافظ شمال سيناء، واللواء سعد أبو ريدة محافظ البحر الأحمر، واللواء نادر عبد الوهاب رئيس أركان الدفاع الجوى، واللواء على حفظى وغيرهم من خيرة رجال القوات المسلحة.. ونال المقدم أ.ح نصري نسر جائزة على بحثه الذي قدمته بعد دورة أركان حرب من هيئة البحوث العسكرية..
وبعد أن حصل على دورة أركان الحرب تغير تشكيل الرادار الى لواءات، فعين رئيساً لأركان لواء الرادار بالأقصر، ثم عين بعد ذلك رئيساً لفرع الرادار بفرقة الدفاع الجوى المسؤولة عن تأمين القاهرة، ومنها إلى منصب رئيس فرع الرادار بفرقة الجبهة، ثم اختاره اللواء فتحي عبد الحميد رئيس وحدات الرادار والإنذار بقيادة قوات الدفاع الجوي لينتقل إلى مقر القيادة، ويتولى منصب رئيس فرع الإستخدام القتالي برئاسة وحدات الراداروالإنذار من أول عام 1979 إلى نهاية عام 1981، وخلال هذه الفترة عين ضمن لجنة التعاقدات مع الجانب الأمريكى، حيث بدأ تنويع مصادر السلاح بعد معاهدة السلام وكان مسؤولًا عن الجزء الخاص بالرادارات ومراكز قيادتها مما أدى الى اجتماعات دورية مع الجانب الأمريكى سواء فى القاهرة أو فى أمريكا.
وفي نهاية عام 1981 كان هناك توتر بين مصر وليبيا، وعزّزت القيادة العامة للقوات المسلحة في المنطقة الغربية العسكرية، وتوجد فرقة دفاع جوى فى مرسى مطروح وتم تشكيل لواء انذار بالمنطقة، وعين العقيد مهندس أركان حرب نصري نسر رئيساً لفرع الرادار بهذه الفرقة خلال عامي 1982 و1983. وبعد ذلك اختاره الفريق السيد حمدى قائد قوات الدفاع الجوي للالتحاق بدورة كلية الحرب العليا الدورة التاسعة بأكاديمية ناصر العسكرية العليا من مايو 1984 إلى يونيو 1985 ضمن ستة ضباط من سلاح الدفاع الجوى، وشارك فى هذه الدورة اثنان توليا قيادة قوات الدفاع الجوى بعد ذلك وهما: الفريق أحمد أبو طالب، والفريق عبد الحميد الشحات، ثم عُين بعد حصوله على الدورة نائباً لرئيس وحدات الرادار والإنذار بقيادة الدفاع الجوى حتى نهاية 1987.
فى تلك الأثتاء كان قادة الدفاع الجوي الفريق عادل خليل، ثم الفريق مصطفى الشاذلي يكلفون العميد مهندس أ.ح نصري جرجس نسر ببعض النشاطات بالإضافة لعمله كنائب لرئيس وحدات الرادار، فرأس لجنة تكونت من أفرع وأسلحة مختلفة لتحديد الدروس المستفادة للدفاع الجوى من الهجمة الجوية الأمريكية التى تمت على ليبيا في أبريل 1986 وقد خرجوا منها بتوصيات اعتبرها القائد برنامج وخطة عمل مستقبلية للدفاع الجوى. كما خطط مع بعض الزملاء فى وظائف أخرى وبالتنسيق مع القوات الجوية للتدريب على العمل تحت ظروف استخدام العدو الجوى للشوشرة الإلكترونية وتأثيرها سواء على الرادارت أو الصواريخ وخرجوا بدروس وملاحظات مهمة لكل من الدفاع الجوى والقوات الجوية.
كما عُيِّن العميد أ.ح مهندس نصري نصر مندوباً للدفاع الجوى في التنسيق مع الجانب الأمريكى في تدريبات رياح البحر والنجم الساطع التي كانت تتم سنوياً واحدة تلو الأخرى، وقد روعي فيها الإستفادة القصوى للدفاع الجوى ولاسيما فى أساليب القتال الحديثة للعدو الجوي، والعمل تحت ظروف استخدام العدو للشوشرة الإلكترونية على رادارت الإنذار والصواريخ وكونا مجموعة عمل لتحليل النتائج من الدفاع الجوى والكلية الفنية والإدارات والهيئات التى لها علاقة تخصصية مما عاد بفائدة للقوات المسلحة عموما.
وفى هذا الوقت كان يتم تنفيذ عقد لمشروع كبير ومهم جداً مع إحدى الشركات الأمريكية لتحويل العمل في وحدات الدفاع الجوي من النظام اليدوي الى النظام الآلي الرقمي.. كان يتطلب تدريب عدد كبير من الضباط من رتب وتخصصات مختلفة في مقر الشركة بأمريكا فتم اختيار العميد نصري ليكون في مقر الشركة مشرفاً ومتابعاً لهذه التدريبات طوال سنة 1988.
وتم ترقية العميد مهندس أ.ح نصري نسر إلى رتبة اللواء فى أول يناير 1989 بعد أن عاد من أمريكا، وعُين مسئولاً عن استكمال تنفيذ هذا المشروع فى مصر من استقبال المعدات التي تأتي سواء بحراً أو جواً واجراء الإختبارات عليها سواء المعملية أو الميدانية وتركيب قطاع بالكامل واختباره كما فى واجب العمليات وكان هذا يتطلب التنسيق مع جهات مختلفة أهمها القوات الجوية. ثم تقاعد اللواء نصري في أول يناير عام 1991 بعد أن مكث في الخدمة ثلاثين عاماً وكان من الرعيل الأول المؤسس لقوات الدفاع الجوي، وقد كانت له جهود على مستوى العمليات والقيادة أو مستوى الارتقاء وتطوير تخصص الراردار مع العمل اليدوي إلى العمل التقني.
وبعد الخروج من الخدمة عمل اللواء أ.ح مهندس نصري نسر مع بعض الشركات الفرنسية والألمانية في مجال الطيران المدني؛ حيث يتم تزويد المطارات بأجهزة الهبوط الآلي والمنارات اللاسلكية وباقي أجهزة الملاحة الجوية وأيضاً المعايرة السنوية لهذه الأجهزة كما تتطلبها هيئة الطيران الدوليةICAO، وأيضا تلبية مطالب مركز مراقبة الطيران بأجهزة تبادل معلومات مع المطارات في الجمهورية عن طريق شبكة تعمل بالأقمار الصناعية.
كما شارك اللواء نسر فى دراسات متعمقة مع وزارة الطيران المدني لإنشاء نظام اتصالات جوية وملاحة جوية عن طريق الأقمار الصناعية يغطي المنطقة من باكستان إلى المغرب ومن مصر إلى جنوب أفريقيا، وفى بحث مطالب شركة النايل سات لقمرين صناعيين للتليفزيون لإحلال القمرين الأولين. كما تم بحث إمكانية نقل خبرة تصنيع أقمار تصوير مع وزارة الإنتاج الحربي.. وهذه مشروعات ضخمة تستغرق دراساتها وقتاً طويلاً، ورغبة في الراحة ومحاولة الإستمتاع بما بقى من أيام اعتزل اللواء نصري نسر في نهاية عام 2006 وترك هذه المشروعات مفتوحة.
وبعد مرور هذه الأيام وفي لمسة وفاء لا ينسى اللواء نصري زملاءه القدامى الذين شاركوه الرحلة ومن هؤلاء يذكر لنا اللواء ناجى عدلي نخلة وكان زميلاً له فى بعثة الاتحاد السوفييتي، وبعد العودة من مارس 1970 الى ما بعد حرب أكتوبر كان يشغل منصب قائد فوج رادار الجبهة وعاصر حروب الاستنزاف وحرب أكتوبر وسوف نخصه بحلقة وافية إن شاء الله.
--------------------------------
بقلم: أبو الحسن الجمال
* كاتب ومؤرخ مصري