08 - 05 - 2025

ماذا يريد الشعب؟ (٢٣)

ماذا يريد الشعب؟ (٢٣)

العلاقة بين السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية علاقة تكاملية، فالسلطة التشريعية هي المعبر عن الشعب بمشاكله وقضاياه وآماله بل وطموحاته. ومن المفروض أن يتحول هذا إلى برنامج للسلطة التنفيذية (الحكومة) يتم تنفيذه على أرض الواقع. هذا هو ما ينبغى أن يكون. "ولكن سيبك من الكلام النظرى ده اللى لايودى ولايجيب"!!

الواقع يا عمنا يقول إنه لاعلاقة بين هذه السلطة وتلك غير موافقة التشريعية على كل مايعرض عليها من السلطة التنفيذية من اتفاقيات ومعاهدات ومشروعات قوانين موازنات عامة، غير أنه فى مناقشة الموازنة يتم النقاش فيتحول إلى كلام كلام ...كلام. فالحكومة دائما وفى كل الأوقات ومع كل الأنظمة تتعامل بمبدأ (العين بصيرة والإيد قصيرة). هنا تتوافق السلطتان على بقاء الحال على ما هو عليه، فلا إبداع ولا إنجاز ولا تفكير خارج الإطار التقليدى والموروث (الموضح بعاليه). والإشكالية الكبرى بالفعل هي عجز الموازنة العامة. أى أن المصروفات أكثر من الإيرادات. هنا الحل الطبيعى هو زيادة هذه الإيرادات بالتنقيب والبحث والتفعيل للإمكانات والثروات الطبيعية والبشرية التى يمتلكها الوطن.

الحل الطبيعى هو القضاء على العجز الناتج عن زيادة الاستيراد عن التصدير بمزيد من الإنتاج لحل مشكلة العملة الصعبة. وهناك الكثير والكثير من الحلول التى طرحت طوال الوقت من المختصين وغير المختصين اقتصاديا وسياسيا. ولكن لا حس ولا خبر غير اللجوء إلى أسهل الحلول وهو سد العجز بالديون ومزيد من الديون لسداد الديون.

هنا تقع الأنظمة فى قبضة المؤسسات المالية الدولية (صندوق النقد الدولى والبنك الدولي) التى تدار وتسيطر عليها القوى والأنظمة الرأسمالية التى تهدف من خلال سيطرة هذه المؤسسات للسيطرة على  النظام الاقتصادى العالمى لصالح النظام الأمريكى الغربى. وتتم السيطرة من خلال إلزام الدول المستدينة بشروط وأوامر لابد من تنفيذها على أرض الواقع تحت حجة سد عجز الموازنة العامة.

هذه الشروط لا علاقة لها بزيادة الإنتاج أو التصدير أو الإيرادات، ولكن الحل هو تخفيض المصروفات على حساب الجماهير ليس المعدمة أو الفقيرة أو المتوسطة، بل قد طالت ما فوق المتوسطة بأستثناء القلة الفالتة والمنفلته اقتصاديا بدون حساب!!

وظهر هذا، ليس الآن فقط ولكن، منذ النصف الثانى من ثمانينيات القرن الفائت فى عهد عاطف صدقى، فى شكل إلغاء القوى العاملة، تقليل موازنات التعليم والصحة (المجانيان دستوريا)، إلغاء الدعم . ناهيك عن زيادة الإيرادات ليس عن طريق الإنتاج بل فرض رسوم قد تحولت إلى إتاوات لا قدرة لأحد عليها . هنا طبعا على الحكومة التنفيذ، وإلا سيتم التشهير الدولى بها عالميا بأنها غير ملتزمة بالاتفاقيات!!

هنا ،هل مايحدث هو سيف مسلط على رقبة أى حكومة؟ بالطبع لا، فلو كانت هناك رؤية اقتصادية والأهم رؤية سياسية توازن بين الواقع والمأمول لكان الأمر غير الأمر. فقد رفض نظام عبد الناصر شروط هذا الصندوق وقد تحفظ مبارك أيضا. نعم تنبه السيسى اخيرا لذلك، ولكن الأمر وصل إلى حالة اقتصادية غير عادية ولا يجب السكوت عليها أو التمادى فيها.

فمنذ مارس الماضى كانت تصبيرة رأس الحكمة ولكن لا آثار عملية لهذه التصبيرة، فالاسعار نار متقدة على مدار الساعة بلا ضابط أو رقيب، وزيادة الطاقة والكهرباء والماء والغاز (أساسيات الحياة وليس الترفيه) لا قدرة لأحد عليها فى مقابل دخول تتدهور قيمتها الشرائية طوال الوقت.

الأمر جد ويمثل خطورة على سلامة الوطن الذى تحيط به كل التحديات التى تحتاج إلى مواجهة جماعية وانتماء حقيقى لهذا الوطن العزيز والغالى .

يجب أن ينتبه الجميع بلا استثناء للموقف حتى لا نعطى أى فرصة للمتربصين بنا وبالوطن. حفظ الله مصر وشعبها العظيم من كل شر ومن كل شرير.
-------------------------------
بقلم: جمال أسعد


مقالات اخرى للكاتب

الفكر الديني والمؤسسات الدينية