08 - 05 - 2025

معاناة الفلاحين المصريين.. أصوات الأحرار لنصرتهم

معاناة الفلاحين المصريين.. أصوات الأحرار لنصرتهم

لا أستطيع أن أغمض عيني عن تلك المعاناة التي يعيشها الفلاح المصري يوميًا، هؤلاء الرجال والنساء الذين لا يعرفون الراحة، ولا تقتصر تضحياتهم على تأمين لقمة العيش لأسرهم، بل تمتد لتأمين الغذاء لكل مصري على هذه الأرض.

إن عدد الفلاحين في مصر يصل إلى 17 مليونًا، ولكن للأسف، من بينهم فقط 4 ملايين يملكون حيازات زراعية، ماذا عن باقي الفلاحين؟ هؤلاء الذين يشكلون الأغلبية؟ 13 مليونًا من الفلاحين يعانون من التهميش، ويعيشون تحت وطأة تأجير الأراضي الزراعية من أصحاب الحيازات. ورغم أنهم العمود الفقري للإنتاج الزراعي، إلا أن الدولة تتجاهل حقوقهم.

هؤلاء الفلاحين المستأجرين لا يصرف لهم أي دعم، لأنهم ببساطة لا يملكون الحيازات الزراعية، هل يعقل أن نترك 13 مليون فلاح خارج دائرة الاهتمام؟ أي ظلم هذا الذي يجعلهم يتحملون ارتفاعًا فاحشًا في أسعار الأسمدة والبذور والمستلزمات الزراعية دون أن يكون لهم أي حق في الدعم؟ إن أسعار استئجار الفدان الواحد تتراوح بين 28 ألف جنيه و32 ألف جنيه، في ظل هذه الظروف القاسية، كيف يمكن لفلاح بسيط أن يتحمل هذه التكاليف؟ كيف يمكن أن يستمر في الزراعة؟

أطالب الدولة بكل صراحة بأن تلتفت إلى هؤلاء الفلاحين الذين يعانون بصمت. يجب أن يتم تحويل الدعم إليهم، وليس فقط لأصحاب الحيازات، هؤلاء الفلاحين المستأجرين هم من يزرعون الأرض بأيديهم، وهم من يستحقون الدعم المباشر، ولا يجوز أن نستمر في تجاهلهم، ولا يجوز أن نتركهم يعانون دون أي حماية.

كما أنني أعترض بشدة على فكرة الدعم النقدي المقترح، هذا المقترح سيضر كثيرًا بصغار الفلاحين، وسيزيد من معاناتهم. الدعم النقدي لا يضمن استمرارية الإنتاج، بل قد يفتح الباب لمزيد من التلاعب والفساد. نحن بحاجة إلى دعم حقيقي يخفف عن الفلاحين أعباء الإنتاج ويضمن استمرارية الزراعة، ويجب أن نركز على تخفيض أسعار الأسمدة والبذور والمستلزمات الزراعية، فهذا هو الدعم الحقيقي الذي يحتاجه الفلاح المصري.

أما فيما يتعلق بمعاش الفلاح، فإنني أعتبر ما يحدث اليوم جريمة بحق هؤلاء الأوفياء، كيف يمكن أن نترك الفلاح الذي عمل طوال حياته في أشد الظروف دون أن يحصل على معاش عادل؟ إن الدستور المصري ينص على العدالة والمساواة، لكن للأسف، الفلاحون يُتركون دون أي اهتمام حقيقي.

معاش الفلاح يجب أن يكون تكريمًا لجهوده، ويجب أن يُخفض سن المعاش إلى 60 عامًا بدلاً من 62، هؤلاء الفلاحين الذين عملوا في أشد البرد وحرارة الشمس الحارقة، يستحقون معاشًا يضمن لهم حياة كريمة بعد سنوات طويلة من العمل الشاق. لا أقبل بأقل من 6000 جنيه كحد أدنى للمعاش، ليكون هذا المبلغ اعترافًا بما قدموه من تضحيات.

الدولة عليها واجب أخلاقي وقانوني لحماية الفلاحين وتقديم الدعم لهم، لا يمكننا أن نتحدث عن التنمية أو الاكتفاء الذاتي دون أن نضع الفلاح في قلب تلك المعادلة. هؤلاء الفلاحون هم حصن الأمان لمصر، هم سلة الغذاء التي تأمين استقرار هذا الوطن. يجب أن نقف معهم في وجه تلك التحديات، وأن نضمن لهم حياة كريمة تتناسب مع تضحياتهم.

أقولها بكل وضوح: إذا لم نلتفت إلى مشاكل الفلاحين ونحتوي معاناتهم، فإننا نخاطر بفقدان سلة الغذاء المصرية، الفلاحون يجب أن يكونوا في المقام الأول، فهم حصن الأمان لهذا الوطن، ومن دونهم لن نتمكن من تحقيق الاكتفاء الذاتي أو الحفاظ على أمننا الغذائي.

لن أتراجع عن الدفاع عن حقوق الفلاحين، سأظل صوتهم الذي يصدح بالحقيقة، حتى تتحقق العدالة والمساواة التي نص عليها الدستور، الفلاح المصري يستحق الدعم والرعاية، وهذا حق لا نقاش فيه، إنني أشدد على ضرورة تعديل قانون الزراعة ليحمي الفلاحين من المخاطر التي يواجهونها، ويضمن لهم حقوقهم العادلة التي يستحقونها.

الفلاح المصري ليس مجرد عامل في الحقول، بل هو رمز للصمود والتضحية، وهو الأمل في مستقبل أفضل لهذا الوطن.
------------------------------------
بقلم: محمد عبدالمجيد هندي
* قيادي عمالي، مؤسس ورئيس المجلس القومى للعمال والفلاحين تحت التأسيس

مقالات اخرى للكاتب

يوم الشهيد.. ملحمة الوفاء وتاج العزة للوطن