08 - 05 - 2025

مكسيكوكرانيا!

مكسيكوكرانيا!

قد انقضى عام وبدأ خَلَفَه آخر على مهلكة غزة، ولا تزال نار الحرب تضطرم لا تجد لها مطفئًا، بل لا تزال تجد لها مسعرًا يُذكيها وينفث فيها ويحمل جذوتها من بلد إلى بلد، ومن إقليم إلى إقليم، وأخشى أن تنال بحريقها القارات السبع قارة من بعد قارة!

ولقد حملنى طول زمان الحرب، وتمادى العدو أن أحدث نفسى: كيف يكون للعدو فى نفسه مثل هذا البأس الذى يعينه على مداومة الحرب فى غزة ولبنان، ومناوشة آخرين فى الضفة واليمن والعراق وسوريا وإيران سنة أو يزيد؟! لقد نظرت فوجدت أن العدو وإن بلغ من البأس كل مبلغ فلن يُؤتَى الطاقة لهذه القتالات كلها، فهو ليس فى جَلِيَّة أمره إلا كمثل الصغير الذى يحتاج إلى من يقوم له بغذائه، ونفقاته، ونصرته، وهكذا هو حالهم الذى رأيناه وخبرناه منذ مائة عام، لا يزالون يلتمسون دولة عظمى يلتصقون بها ويتخذونها ركنًا يؤون إليه ويحتمون به ويلتمسون معونته، فإن رأوا ركن هذه الدولة يتهاوى وينثلم تقلبوا إلى ركن دولة أخرى أشد وأقوى يستعصمون بها، فهم أولًا آووا إلى الركن البريطانى الأشد فمكَّن لهم فى الديار الفلسطينية، وأعانهم وغض الطرف عنهم، فلما أفلت شمس البريطان ذهبوا يستعصمون بهذا الذى خلف بحر الظلمات ليجعلهم فى جواره وضمانه وأمانه، ويرفدهم بما أرادوا من مال وسلاح، فاستجاب لهم راجيًا أن يُعجِّل ذلك بالنزول الثانى لمسيحه المرتقب!

فالحق الذى لا مرية فيه أنه لولا معونة هذا المقيم وراء بحر الظلمات ما تمادى العدو ولا تطاول عدوانه ولا طغى فى بطشه! والحق الذى لا شك فيه أنه لولا فضول المال والسلاح والفراغ عند ساكن بحر الظلمات ما أقدم على معونة الكيان أو نصرته أو رفده!

إنى لست داعية حرب ولا أتمناها، غير أنى لى نفسًا لا تزال تحدثنى وتسألنى: أليس الدفاع عن الحديقة الخلفية والأمامية لأمريكا أحق بالمال والسلاح اللذان ينفقان على الكيان ليقتلنا ويسلبنا؟! فلما رأتنى لا أبدى فهمًا ولا أحير جوابًا استرسلت تبين وتفصل: ماذا لو أن المكسيك قد طالبت أمريكا بتكساس وكاليفورنيا وولايات غيرهما كانت مكسيكية فأخذتها أمريكا من قبل بالغلبة وبالبخس من المال؟! وماذا لو أن روسيا والصين أرادتا إشغال أمريكا عن الأوكران وتايوان فأمدتا المكسيك حينئذ بالعتاد؟! وماذا لو أمدتها إيران بشاهد وفتاح لتشغل أمريكا عنها؟! وماذا لو جاء أهل الثارات من هنا وهاهنا برجال يريدون إداراك ثارات شعوبهم؟! وماذا لو أن روسيا قد سعت بعزم على استرداد ألاسكا أرضًا وماء وثراء فحاصرتها وعزلتها عزلة فوق عزلتها، وأغرت أهلها بنقض الميثاق الأمريكى وألحقتها بالأرض الروسية؟!

تسألنى نفسى: لئن وقع هذا وهو غير بعيد، هل كنت لتظن أنه سيبقى لأهل بحر الظلمات من فضول مال أو سلاح أو فراغ يعينون به الكيان على سفك الدم الحرام؟! فسكت وعند الأيام الخبر اليقين.
----------------------------------
بقلم: محمد زين العابدين
[email protected]

مقالات اخرى للكاتب

حَضَروا!