08 - 05 - 2025

هنا قناة "العربية" من تل أبيب

هنا قناة

عزيزي "النفط" كم كرهتك وكرهت من قذف بك إلى واجهة الدنيا وقاطرة الاقتصاد الكسول والميت، كم كرهت منذ اكتشافك تقاطعك تماما مع القومية والوطنية وقيم ومبادىء تربى عليها الشرق وقدر الله له أن يفارقها بسببك.

مقدمة لابد منها ونحن نجلس نحتسي القهوة "الفرنساوى" التى نعشقها وبيدنا هذا الساحر الصغير "الريموت" ونتجول به بين قنوات فضائية نتابع وتواليا شعوبنا العربية وهى تتقاطر سقوطا واحتلالا، ويهرع سكانها إلى الشوارع عرايا من أخ يسترهم، وجوعى من قطعة خبز تسد فجوة قذفها خائن إلى اجسادهم الناحلة.

فلسطين وقبلها سوريا واليمن وعاجلا درة الشرق لبنان الجميلة، دول وشعوب ناضلت منذ 80 عاما وترفض ان تموت، وترفض أن تقبل بوجود كيانات غاصبة أذن بقتالها الله ورسوله.

أتوقف كثيرا عند قنوات ليست بالقنوات، بل هى لسان دول تتحدث بوجهتها وتحولت إلى إدارات علاقات وإعلام بوزارات خارجيتها.

ولأنه الزانية تود لو أن كل النساء مثلها، تجد هذه القنوات تجبرك بعاجلها، بان قيادة عربية مقاومة هنا قتلت وأخرى تقتل وثالثة ستقتل وتخرج عليها مذيعات مجردات من كل قيم وشيم عربية والابتسامة تغزو ثغرهن كأن هناك خبر سعيد.

تخبرك بأن سيد المقاومة هناك قتل وضيف غزة يقال أنه قتل وأن الحديدة قصفت ودمشق سقطت وأن البقاع وربوع الجنوب اللبنانى الجميل الذى غنت له فيروز تحول إلى حطام وركام.

قنوات لا تحمل من عروبتها إلا اسمها ولا تحمل من نقائها إلا شاشتها وتحمل ثقل دم وتقعر ثقافة مذيعيها ومعدي نشراتها.

يا أيها العم الساكن فى صحراء الجزيرة، ذو السروال الطويل والفكر القصير، لا تغير قفزات الزمن الردىء معادلات الحضارة فى الشرق ولا مهرجانات التعرى والأبراج، نفوسا بشرية ولا تغير وجوها جميلة تتحاور وتدافع عن قضيتها وترقص تحت المدافع، وجوها أخرى لازالت ترى ان "الوهابية" تحرم أكل الأرز بحاملة الأكل.

قنوات عربية أنفقت ومنذ أكتوبر 2023 أكثر من مليار دولار أمريكى حتى تقنع طفلا عربيا أن حماس "ارهابية " وأن حزب الله "رافضي" وأن السنوار "عميل" وأن نصر الله كان "يكره السنة"، وما المحصلة طال عمرك؟

المحصلة قلوب عربية تهفو وتلهث وراء أي نصر عربى من دول الطوق واليمن السعيد وتتسابق تبحث عن قناة اجنبية تقول كلمة حق ولا تستضيف محللا هنا وهناك يتم إرسال ألف دولار له ويقرأ "سكريبت" محددا يهاجم فيه المقاومة ويلعن فيه فلسطين ويشمت فى لبنان وكل عربي شريف.

لا تحدثنى عن حرية الإعلام هنا، فالعمالة أبدا ليست وجهة نظر، والخيانة والتنطع ليست وجهة نظر، والدعارة السياسية ليست وجهة نظر.

أتفهم أن تكون ظروف اقتصادية طاحنة ومعادلات إقليمية صعبة تمثل حاجزا عن مواقف واضحة وهي آتية لا ريب، ولكن أن تكون دول هي الأغنى فى العالم، وهي عضو فى الجامعة التى لم تعد جامعة وتتحدث العربية ولم تبق لنا إلا "قناة" تنقل وجة النظر الأخرى وترقص وتغني لطوفان الدم العربي، فهى تعبر بالقطع عن دول مثل "الدمامل" مؤلمة ولكنها فانية لامحالة، طال وقتها أو قصر.

صدفة اهدت إلينا أنا واصدقائى جلسة على مقهى بالصدفة تذيع مباراة فى تصفيات كاس العالم، فوجئت بحالة هياج وفرحة غامرة فى المقهى وظننت أن الفريق العربى أحرز هدفا، وأستدير الى شاشة العرض وإذا بي أرى الفريق اليابانى يحرز هدفا، وفوجئت برفقتى يقفزون من مقاعدهم فرحا، ساعتها شعرت بحزن من حكومات وأنظمة دفعتنا إلى هذا الكم من التشفى حتى فى مباراة كرة قدم، ليخبرنى صديقى بأنهم يرقصون على قتل اللبنانيين والفلسطينيين، فهل تستكثر علينا أن نشمت فى هزيمة فريقهم أثناء مباراة كرة قدم.

أحمد ربنا كثيرا على وطني مصر، فنحن قد نختلف مع الأشقاء وابدا لا نشمت ونقاطعهم وأبدا لم نتآمر عليهم وقد نكون فقراء ونستضيفهم، هذا قدرنا لأننا كبار، وهذه أفعالهم لكونهم أقزاما. أستأذن منك عزيزى القارىء فأنا أتابع "جالانت" وزير دفاع الكيان الصهيوني وهو يتوعد لبنان ويتحدث عبر قناة "العربية" من تل أبيب. لحظة فقط أطلب من والدتي أن تخفض صوت الراديو الذى تعشقه ومحطة "القران الكريم" والتى بالصدفة وجدت صوت الرائع محمد صديق المنشاوى يقرأ "أذن للذين يُقاتَلون بأنهم ظلموا وأن الله على نصرهم لقدير".
--------------------------------
بقلم: عادل عبدالحفيظ

مقالات اخرى للكاتب

رأي | لمؤاخذة ... قنا يا حكومة