09 - 05 - 2025

ما لك وما عليك: مصر أمانة

ما لك وما عليك: مصر أمانة

مصر، هذه الأرض الطيبة التي حملت على أكتافها حضارة عظيمة، وشعباً صامداً، لا تزال تئن تحت وطأة تحديات كبيرة. لكنها تظل الأمانة الأعظم التي وضعها الله بين أيدينا. أمانة لا تتعلق فقط بتراثها أو تاريخها، بل بحاضرها ومستقبلها. كل واحد منا، أياً كان منصبه أو تخصصه، يحمل جزءاً من هذه الأمانة. ولأن مصر تستحق الأفضل، يجب علينا أن نتحمل مسؤوليتنا كاملة أمام الله وأمام الوطن.

ما لك وما عليك: فهم الأمانة والمسؤولية

عندما نتحدث عن "ما لك وما عليك"، فإننا نضع الأمور في نصابها الصحيح، فما لك هو ما تقدمه الدولة لك من حقوق، وما عليك هو واجبك تجاه الدولة والمجتمع، من الرئيس الذي يتخذ القرارات المصيرية إلى أصغر عامل أو موظف يؤدي مهامه اليومية، كلنا مسؤولون أمام الله وأمام هذا الوطن.

القيادة ليست فقط شرفاً، بل مسؤولية كبرى. حين يُكلف الرئيس أو الوزير بمنصب، فإن الله يشهد على تلك الأمانة التي توضع في عنقه، ليست فقط لخدمة فئة معينة بل لخدمة كل مواطن في مصر.

وهذا ينطبق أيضاً على كل موظف وعامل وفلاح ومهندس، فكل منصب وكل وظيفة تفرض على صاحبها واجبات ومسؤوليات. لا يمكننا أن نعتبر مصر مجرّد مكان نعيش فيه، بل هي كيان ننتمي إليه وندافع عنه، وكل تقصير منا هو تقصير بحق الوطن.

التكاتف لتحقيق الاكتفاء الذاتي

إن مصر لن تتعافى ولن تنهض إلا إذا تكاتفت جهود أبنائها جميعاً، من أصغر فلاح إلى أكبر مسؤول. لن تنمو هذه الأمة وتصل إلى الاكتفاء الذاتي إلا إذا قرر كل واحد منا أن يتحمل مسؤوليته بصدق وإخلاص. إن التصنيع والإنتاج بخامات مصرية 100% ليس حلماً بعيد المنال، لكنه طريق يجب أن نسلكه معاً.

لماذا نستورد ما يمكننا صناعته؟ ولماذا نرهن مصير أمتنا بيد الخارج، في حين أن بين أيدينا من الموارد والثروات ما يكفي لأن نكون دولة رائدة في كل المجالات؟ إن التبعية الاقتصادية هي قيد علينا، ومفتاح التحرر من هذا القيد يبدأ من الاعتماد على أنفسنا. مصر قادرة على إنتاج كل ما تحتاجه، لكنها بحاجة لإرادة جماعية تدفعها إلى الأمام.

كل منا يعلم أنه مسؤول أمام الله عن عمله ووطنه، لا يمكن لأي أمة أن تنهض إذا تخلى أفرادها عن مسؤولياتهم. من الرئيس إلى أصغر موظف، كلنا جزء من منظومة يجب أن تعمل بتناغم وتكامل لتحقيق الهدف الأكبر: نهضة مصر.

الرئيس مسؤول عن قيادة السفينة، ولكن كل فرد منا هو أحد أفراد الطاقم. علينا أن نعمل معاً لتجاوز الأمواج العاتية التي تواجهنا. الموظف الذي يتقاعس عن أداء مهامه، أو العامل الذي يهمل في إنتاجه، أو المسؤول الذي يغض الطرف عن الفساد أو التسيب، كلهم شركاء في إعاقة تقدم الأمة.

مصر بحاجة إلى كل يد، إلى كل عقل، إلى كل قلب ينبض بحبها. لا يمكننا أن نتقدم إذا استمر البعض في التراخي والتبعية. علينا أن نتحرر من الخوف من المجهول، وأن نتحلى بالشجاعة لبناء مستقبلنا بأيدينا.

لن تتعافى مصر إلا بالتكاتف

لن تتعافى مصر إلا إذا قررنا أن نتحمل المسؤولية كاملة. مصر لن تتحرر من أزماتها إلا إذا وضعنا حداً للتبعية الاقتصادية والسياسية، واستعدنا الثقة في أنفسنا وقدرتنا على مواجهة التحديات. التراخي والتخاذل يجب أن يكونا شيئاً من الماضي، وعلينا أن ننظر إلى المستقبل بعين التفاؤل والإصرار.

إن المسؤولية ليست مجرد كلمات، بل أفعال تُثبت الإخلاص والجدية. كل واحد منا يجب أن يكون قدوة في موقعه، لنشعل جذوة التغيير في قلوب من حولنا. نعم، الطريق طويل وشاق، لكن مع الإيمان والإرادة يمكننا أن نبني مصر الجديدة، مصر القوية، مصر التي تعتمد على أبنائها في كل شيء.

الخاتمة: الأمانة التي في أعناقنا

إن مصر أمانة، وهذه الأمانة لن تُحفظ إلا إذا حملناها بصدق وإخلاص. كل واحد منا، مهما كان دوره صغيراً أو كبيراً، يحمل على عاتقه جزءاً من هذه الأمانة. مسؤوليتنا ليست أمام الناس فقط، بل أمام الله سبحانه وتعالى الذي سيحاسبنا على ما قدمناه لوطننا.

لن تسامحنا الأجيال القادمة إذا تخاذلنا، ولن يغفر لنا التاريخ إذا فرطنا في هذه الأمانة. علينا أن نتحد، أن نعمل معاً، أن نصنع مستقبلنا بأيدينا، لأن مصر تستحق الأفضل، وشعبها يستحق الحياة الكريمة.
------------------------------
بقلم:
 محمد عبدالمجيد هندي
* مؤسس ورئيس المجلس القومي للعمال والفلاحين تحت التأسيس

مقالات اخرى للكاتب

يوم الشهيد.. ملحمة الوفاء وتاج العزة للوطن