10 - 05 - 2025

ماذا لو انتصرت الصهيونية ؟

ماذا لو انتصرت الصهيونية ؟

الهدف الإستراتيجي واضح منذ البداية : "إستدراج إيران في حرب ، تتورط فيها أمريكا ، كي يتم إزالة العامل الإيراني من جبهة الصراع ضد الكيان الصهيوني ، بحيث تخلو المنطقة تماما من أي عوائق أمام تنفيذ غلاة الصهاينة الحدود القصوي لمشروعهم العنصري التوسعي" .

ومثلما كان دور " المحافظين الجدد " ( الصهاينة الأمريكيين ) حاسما في شطب " العراق " من معادلات المقاومة ، فأن اليمين الصهيوني ، وسنده في واشنطن ، لن يكتمل مشروعهم إلا بشطب آخر دولتين في الشرق الأوسط يمكن أن يمثلا خطرا علي الكيان الصهيوني، الدولة الأولي والهدف الحالي هو إيران ، إما الدولة الثانية في الترتيب فهي بلا أي شك مصر .

والخطة حيال مصر بدأت فور صمت المدافع في خريف 1973 ، حيث بدأ النظام الصهيوني في إتباع " إستراتيجية القضمات " ، بالإضعاف المتدرج لمكونات قوة ونفوذ مصر ، بما في ذلك قوتها الناعمة ، وفي ذلك كان لابد من ضرب مصر من الداخل ، بتقويض مقدراتها الإقتصادية ، وإرتهان مستقبلها عبر شبكة معقدة من أدوات جهنمية مالية وثقافية ودينية ، كي تتحول مصر في النهاية إلي نمر من ورق ، حتي تأتي اللحظة المواتية لإستدراجها أيضا في معركة لا تكون فيها جاهزة بعد كل ما اعتراها من ضعف ، كي تعيد إحتلال سيناء ، أو تسترجعها كما يقول بعض المتعصبين الصهاينة الآن بلا خوف من العاقبة .

ويبدو أن إيران أدركت أبعاد الإستراتيجية الصهيونية ، فاختارت ألا تتورط في حرب واسعة خلال هذه الفترة الضبابية ، علي أن تواصل تطبيق " إستراتيجية القضمات " لإضعاف الكيان الصهيوني وهز هيبته ، باستخدام وكلاء إقليميين في لبنان واليمن والعراق وسوريا .

إلا أن الصهاينة وقد أدركوا الخطة الفارسية ، بدأوا في رفع درجة حرارة المواجهات من خلال إستفزازات عسكرية تعتمد علي التفوق النسبي لهم في مجال المعلومات والتجسس والتكنولوجيا ، كي تدفع أيران ( أو مصر في مرحلة لاحقة ) للتورط في معركة نظامية يمتلك فيها الكيان قدرات لا شك فيها ، مع مدد لا ينفذ من اقوي دولة في العالم .

لو نجح التخطيط الصهيوني ، فسوف يخيم " الزمن الصهيوني" علي منطقة الشرق الأوسط لمدة قرن قبل أن تتوفر أدوات هزيمته ، وسوف لا تفلت دولة من دول الشرق الأوسط من الأمطار السوداء القاتلة لذلك الزمن العنصري الذي يحمل كل مواصفات " الجنون النازي " .

ولا سبيل لدول المنطقة لتفادي ذلك المصير الأسود إلا بسرعة ترتيب نظام أمني إقليمي قادر علي فرملة هذا الكيان المشوه الذي يهدد مستقبل كل المنطقة ، وهو ما يستدعي أساسا البدء فورا في بناء نواة صلبة تجمع بين كبار هذه المنطقة في القاهرة وطهران وأنقرة  ، كي تقود المواجهة الحتمية ضد الأطماع الصهيونية التوسعية قبل فوات الأوان .
--------------------------
بقلم :
معصوم مرزوق
* مساعد وزير الخارجية الأسبق


مقالات اخرى للكاتب