هل النظم السياسية بكل مسمياتها وتوجهاتها وأهدافها تنال التأييد المطلق أو تعانى من الرفض المطلق؟
لاشك أن فكرة المطلق هذه لا وجود لها على أرض الواقع حيث أن كل الأمور نسبية. وتحديد قيمة ومقدار ودرجة هذه النسبية بالنسبة للنظم السياسية على مدى التاريخ (حتى قبل وجود للعلوم السياسية) كانت تخضع لقياس ما يقدمه هذا النظام أو ذاك النظام لصالح الغالبية الغالبة من الجماهير. ولكن السياق التاريخى العام يقول أن أنظمة الحكم كانت تخضع لإرادة وسلطة الحاكم الفرد الذى يحكم ويشرع وينفذ ولا راد لكلامه. هنا كانت الحصيلة هى لهذا الحاكم ولحاشيته ولكل من يخضع لإرادته، وظلت هذه الأوضاع فى ظل الامبراطوريات بكل مسمياتها عبر الظاهرة الاستعمارية. بعد التطور السياسى الذي أعقب الثورة الصناعية ظهرت العلوم السياسية التى انتهت حتى الآن بفكرة فصل بين السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية كل منها عن الأخرى حتى يكون هناك دور حقيقي للجماهير التى تختار التشريعية وتختار رئيس السلطة التنفيذية.
ولكن أيا كانت طريقة الاختيار ونزاهة الانتخابات فيظل الحكم الحقيقى هو رأى الغالبية الغالبة من الجماهير التى تستفيد من هذا النظام أو ذاك، وهذا هو المصدر الاهم لحصول أى نظام على الشرعية الجماهيرية إضافة للدستورية والقانونية. وهنا نريد ان نأخذ مقارنة مثلا بين النظام الملكى ونظام يوليو. هنا أيا كانت الآراء الموضوعية أو غير الموضوعية فإن الواقع والأرقام تقول إن المستفيد من النظام الملكى كان تلك الطبقة المخملية التى كانت لا تتعدى النصف فى المائة (حتى لو خمسة فى المائة). وكانت الغالبية تعاني الفقر والمرض والجهل وكانت علامة ذلك ظاهرة الحفاء.
أما يوليو فقد كانت النتائج لصالح غالبية الشعب عن طريق تقريب الفوارق بين الطبقات وإرساء مبدأ العدالة الاجتماعية وظهور وتدعيم الطبقة المتوسطة، هنا لانريد استعادة الماضى ولكن نهدف إلى إعادة قراءة التاريخ لصالح الحاضر واستشرافا لمستقبل يليق بمصر الوطن وبالمصريين .
قلنا ونقول بكل الموضوعية وخوفا على الوطن أن الوطن يعانى من تحديات غير مسبوقة. مما يستوجب حالة حقيقية من الالتفاف الوطنى لمواجهة تلك التحديات. ولن يكون هذا الالتفاف فى ظل تلك الظروف القاسية التى يعيشها المواطن. نعم فالرئيس كثيرا مايعرف ويتحدث عن هذه المعاناة، ولكن هل الأجهزة الرقابية والتقارير الأمنية تخبر الرئيس بالحجم الحقيقى لهذه المعاناة؟
وهل زيادة أسعار الطاقة والكهرباء والغاز والمياه فى ظل تلك الفوضى الضاربة بأطنابها فى الأسعار ، في كل الاتجاهات، مع هذا التدنى فى القيمة الشرائية الحقيقية للدخول تمكن المواطن من أن يكون راضيا عن واقعه؟ لا نحقد، ولا نحسد تلك الطبقة المخملية . ولكن نريد أن نرى بعض التسهيلات التي تحظى بها تلك الطبقة للمواطن الذى يعانى والتى تتمثل فى علاوة وزيادة فى الدخول والمعاشات حتى تستقيم الحياة، والأهم واكرر دائما وحتى لانعطى الفرصة لهؤلاء الذين لايريدون خيرا بالوطن. الوطن هو الملاذ الآمن فى كل الظروف ولا نسعى ولا نبتغى غير سلامة هذا الوطن الذى هو وطن كل المصريين. حمى الله مصر وشعبها العظيم قويا منتميا لمصر الحضارة والتاريخ التى ان مرضت لكنها لا تموت .
---------------------------
بقلم: جمال أسعد