لاشك أن الوطن يمر بظروف قاسية وتحديات خطيرة تحيط به من كل جانب . مما فرض تحديات سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية، بل وهذا هو الأهم تحديات تمثل خطورة على الأمن القومى.
فبعد ٣٠ يونيو كان الواقع الاقتصادى متدهورا زاده تدهورا تلك الهجمة الإرهابية التى كانت ومازالت تريد إسقاط الوطن . ثم كانت جائحة كورونا التى أثرت سلبا على العالم الأول فما بالك بالدول الفقيرة والتى تعانى. فكانت حرب روسيا وأوكرانيا بتأثيرها الاقتصادى السلبى علينا، وكان طوفان الأقصى الذى كان طوفانا على إسرائيل وعلى الفلسطينيين وعلى مصر كل بدرجة، حيث أن مصر هى الدولة التى دفعت وتدفع ثمن القضية الفلسطينية ليس إيمانا بعدالة القضية فقط ولكن لأن الخطر الصهيونى والاستعمارى يستهدف مصر وسيظل يستهدفها تاريخيا بكل السبل والصور التى تتوافق مع تطور المسميات السياسية العصرية. فمصر دائما تدفع الثمن، فما بالك بالتوترات الخطيرة التى تحيط بمصر غربا وجنوبا وشرقا وشمالا؟ ناهيك عن اللعب الدولى الذى شاركت فيه للأسف بعض الدول العربية فى قضية سد النهضة وهى قضية القضايا بالنسبة للوجود المصرى!!
كل هذه التحديات مضافا إليها خلل فى إدارة الحكومة للملف الاقتصادي، ذلك الملف الذى يؤثر تأثيرا مباشرا على حياة ومعيشة المواطن خاصة بعد اختصار السلم الطبقى فى طبقة الأغنياء وطبقة الفقراء وفقط، ورحمة الله على الطبقة المتوسطة.
هنا وفى ظل تلك التحديات لابد من حالة من التوحد الوطنى الحقيقى حماية للوطن أولا واخيرا الذى هو على كل الأحوال وطن كل المصريين.
فهل يمكن أن نحقق هذا التوحد وذلك التوافق الوطنى فى ظل هذه الضغوط الاقتصادية الرهيبة التى تتصاعد بلا رابط أو ضابط، خاصة فى إطار رفع الأسعار العشوائى الذى تخطى كل الحدود فى ظل دخول تتدنى على مدار الساعة فى مقابل تلك الأسعار؟ فما هو شعور المواطن الذى يحتار فى إيجاد طريقة تمكنه من العيش فى ظل هذه الظروف فى الوقت الذى يجد فيه الإعلام وعلى مدار الساعة يذيع وينشر أخبار تلك الطبقة المخملية التى تطلب من المواطن ألا يحسدها ويحقد عليها لأنه يعيش لمدة شهر فى الساحل الشرير فى فيللا بعشرين مليون جنيه ويشترى طبق الفول ب٣٠٠ جنيه وزجاجة المياه بألف جنيه! هنا أعتقد أن الأمر لن يكون حسدا أو حقدا ولكن سيكون عدم رضا عن حياته. فدور الإعلام هذا لن يكون فى صالح التوافق الوطنى المرجو والمطلوب لمواجهة تلك التحديات الخطيرة، إضافة إلى استغلال تلك الظروف من كل من لايريد سلامة لهذا الوطن العزيز والغالى فيلعب على الجوانب النفسية والظروف الاقتصادية هذه .
كما أن من صالح الوطن والمواطن والنظام أن يتم فورا النظر والتحرك فى هذا الإطار، فكفى تعليمات من صندوق النقد الذى لايعنيه الوطن أو المواطن . كفى زيادة تلك الرسوم التى تحيط بالمواطن فى كل مكان، كفى رفع أسعار الكهرباء والمياه والغاز الآن وفى المستقبل القريب. أين السيطرة على الأسعار بعيدا عن الشعارات والكلام المعسول، مع العلم أن من حق النظام التدخل فى هذا الموضوع بعيدا عن مايسمى قوانين العرض والطلب، فالمواطن والوطن اهم من قانون لايتوافق مع وطن أو مواطن . فهناك مصادر الإيرادات كثيرة تحتاج إلى إبداع وعمل وإخلاص . هناك ضرائب لابد أن تفرض على تلك الطبقة المخملية التى لانحسدها فهى حرة فى أموالها التى لانعرف عنها شيئا. فهناك فى أمريكا مثلا وهى قلعة تلك الطبقة تفرض ضرائب تصل إلى أكثر من ستين فى المائة . فالعدالة الاجتماعية هى ضمان أمان الاوطان. ولا عدالة اجتماعية دون تقليل الفوارق بين الطبقات . فلهذا يولد الانتماء الحقيقى للوطن ذلك الانتماء الذى يؤمن بالوطن ويعمل ويضحى من أجل سلامته وهذا غير الانتماء الشكلى والشعاراتى الذى لايفيد.
الوطن هو الهدف والأمل فلنجعل الظروف تعمل لصالحه ولتقدمه بسواعد كل المصريين. حفظ الله مصر الغالية وحفظ شعبها العظيم.
------------------
بقلم: جمال أسعد