10 - 05 - 2025

كلام والسلام | بلد أتلفها .. التعريض

كلام والسلام | بلد أتلفها .. التعريض

في زمن الانتخابات إياها.. ونسبة الـ 99 بالمائة وأكثر، كان المغرضون يهتفون للفائز: الأسفلت بيرقص ليه .. ده فلان بيه ماشي عليه. 

مع أن فلان ده كان وأصبح وسيكون أحد أضلاع فساد الراعي والرعية، وهو كمان اللي رسخ مبدٱ أهل الثقة لا أهل الخبرة، واللي تعرفه أحسن من اللي ماتعرفوش، وإدى العيش لخبازه ولو أكل نصه .. مع أن الخباز حرامي ابن حرام .. حرام أرارى يعني، ولو فتشت في صندوق اقتراع في أي انتخابات نزيهة شريفة شفافة، ستكتشف أن عليه أصواتا، وحتى ٱهله لم ينتخبوه. 

ويبدو أنها عادة عند المصريين، قدماء ومحدثين، امتهنوا مهنة التعريض .. أبا عن جد، وسرت العادة فيهم .. سريان الدم في الشرايين، والسكين في الزبدة. 

والفراعنة اكتشفوها بدري بدري، فكان الفرعون من دول يضع إنجازاته علي لوح أو جدار أو فى مقبرة، وقبل أن يضعه يمحو آثار كل من أتوا قبله، وكأنهم كانوا نسيا منسيا. وفي كل صوره الجميلة وغزواته الوهمية أحيانا، تجد الشعب يصيح مهللا .. مع أنه حافي عاري .. مش لاقي اللضى. 

وفي عهد المماليك وأشباههم، كان الموكب يسير والعامة من حوله وخلفه تصيح: اسم الله عليه .. اسم الله عليه. حتي إذا دحره مملوك آخر، أهالوا التراب عليه وسبوه بأقبح السباب .. شعب ملوش حل؟.. يمكن . ولكن لماذا كل هذا التعريض لرجل؟ حتي إذا تولاه الله أو جاءته بلية لاسمح الله .. باعه الناس في لحظة، ولماذا كل تلك المبالغات في مدحه، لدرجة وصلت لحد الألوهية والعياذ بالله في بعض الأوقات، ثم الزج به بعد رحيله في أسفل سافلين. 

التعريض فن في مصر، والتعريض في مصر ليس كغيرها. والغريب أنك إذا سألت معرضا: لماذا تستمر في التعريض، وقد رزقك الله بمال وصيت، وبدل الشقة فيللا وشاليه، وبدل السيارة أسطول من السيارات الفارهة، وبدل الحساب البنكي عدة حسابات في بنوك داخل وخارج مصر؟، يجيبك بعفويته: إنها لذة التعريض يا صديقى .. وقاكم الله سحرها. واذا قلت له: ولكن الناس تفهم والحمد لله، وتعرف عنك كل العبر .. يجيبك: إني اعلم ما لايعلمون. وبعضهم حاقدون، وبعضهم مشتاقون.. ولكنهم مثل اللي حب ولا طالشي، فقال لك أنه يحب حبا عذريا. معظم الناس ياصديقي لديه استعداد فطري للتعريض . ولكنه موهبة لا يدركها إلا الواصلون. وعندما تقول له: ولكن التاريخ لن يرحم أمثالك .. يقول لك ضاحكا: الناس ينسون، والتاريخ غالبا ما يكتبه.. المعرضون.
----------------------------
 بقلم: خالد حمزة
 [email protected]

مقالات اخرى للكاتب

كلام والسلام | وديتوا الحمير فين؟