تحية طيبة وبعد،،،
هي رسالتي الأولى - لشخصكم - وبصفتكم.
أود أن أبدأ بالتأكيد على أن توجيه هذه الرسالة اليوم هو رد "شخصي" على التغريدة الإيجابية التي نشرتموها أمس حول موافقتكم على تخفيض مدد الحبس الاحتياطي.
وإنني أدرك وأؤمن- لحد اليقين - بأهمية هذه الخطوة - المستحقة - خاصة، إذا كانت مصحوبة بإرادة سياسية لحل أزمة قطاع كبير من المواطنين الذين عانوا طويلاً من هذه الأوضاع القانونية والحقوقية والإنسانية الصعبة.
إن هذه الخطوة ، تمثل أملًا جديدًا، في تحسين ظروف وأوضاع مرفق العدالة ،والمساهمة في مد جسور الثقة ، بين المواطن والدولة، وبين المواطن ومرفق العدالة .
ولأني أنتمي لمدرسة أستاذي فؤاد سراج الدين، ابن مدرسة مصطفى النحاس زميل مدرسة سعد زغلول، (أبو الوطنية المصرية) فقد تعلمت من هذه المدرسة، ألا نعارض ما ينبغي أن نؤيده، وألا نؤيد ،ما ينبغي أن نعارضه.
ومن هنا، أُثمن أي خطوة تتخذ نحو تخفيض مدد الحبس الاحتياطي، املاً أن تكون هذه الخطوات قادرة على تحقيق النتائج المرجوة منها.
ولنتفق في البداية أن إصلاح بعض النصوص أمر هام - دون شك - .. لكن الأهم من النصوص هو ما بدا من تغريدتكم من توجه الإرادة السياسية نحو اتخاذ خطوة جادة ، في إطار توجه إصلاحي ننتظره ونتمناه.
لذا، أود أن أطرح بعض المقترحات التي أراها ، قد تسهم في تعزيز هذا التوجه:
- نقترح : اتخاذ إجراءات لوقف ظاهرة "تدوير" المتهمين - حيث يتم اتهامهم في قضايا جديدة لمجرد تجاوز مدد حبسهم احتياطيًا. فوجود إرادة ،وقرار سياسي ، يمنع مثل هذا النوع من الممارسات ،من افراغ الخطوه الايجابيه من محتواها تحايلا على مُدد الحبس المقررة.
- وأقترح أيضًا ألا يقتصر الأمر على تخفيض مدد الحبس الاحتياطي لبضعة أيام أو أشهر، فالأهم هو أن تدرك "النيابة العامة" أن الحبس الاحتياطي هو الحل الأخير، وليس الأول، والتوسع في بدائل اخري مثل استخدام ''الأسورة الإلكترونية'' أو تحديد الإقامة، و غيرها من الحلول المعترف بها دوليًا.
- واري أيضًا أهمية العمل على إعداد لائحة جديدة للسجون تتماشى مع المعايير الدولية في تحسين ظروف الاحتجاز بما يحفظ كرامة المحتجزين ويكفل لهم حقوقهم الأساسية،
ومن بين هذه الحقوق مثلا:-
- عدم جواز الحبس ''الانفرادي''او منع الزيارة عن اي محتجز إلا لمدة محددة - لا تتجاوز شهرا - حال وقوع مخالفة من النزيل ، وبقرار من رئيس النيابة المختصة ، و بعد سماع أقوال الجهه الإدارية، ودفاع النزيل
- المساواة في قرارات العفو الرئاسي ''الموسمية'' بين المحكوم عليهم في القضايا - الجنائية - والمحكوم عليهم في القضايا 'السياسية'' - خاصة - النساء ، والطلاب، وكبار السن، والمرضى، ممن "يحتاجون لنظرة خاصة - ومستحقة- من الرئيس ''شخصيًا''
سيادة الرئيس .. لما كانت رسالتكم المقدرة - أمس - موجهة للأمانة العامة للحوار الوطني ،الذي تقدم بالمقترح لذا نتمنى أن يظل الحوار الوطني مفتوحًا، و مصغيا بإيجابية لكل الأطراف، بما في ذلك كافة الأحزاب السياسية القائمة (المشاركة في الحوار او المقاطعة) والمجتمع المدني، والمعارضة - بالداخل والخارج - للوصول إلى توافق وطني حول الإصلاحات القادمة، آملين أن يعمل الحوار في - جولاته القادمة - على تعزيز قيم "المصالحة الوطنية" بمفهومها الشامل، بما يساهم في تقارب المجتمع ، وتعزيز اللُحمة الوطنية.
وختامًا أتمنى أن يتواكب تعديل قانون الإجراءات الجنائية مع منظومة من التوجهات السياسية الجديدة - خاصة - فيما يتصل بإصلاح الوضع الحقوقي، والنظام الانتخابي، وكذلك التشريعات التي تعزز استقلال القضاء، وتعيد ثقة المواطن المصري في منظومة العدالة القائمة وتفعيل قواعد واستحقاقات العدالة الانتقالية .
إن التوجه نحو تقليص مدد الحبس الاحتياطي نتمني أن يترافق مع تعزيز قيم الحوار والمصالحة الوطنية، وهو ما يتطلب إراده سياسيه وجهدًا جماعيًا ، من جميع الأطراف - خاصة - بعد أن انتفت - في تقديري - أي أسباب للإحجام عن هذا "الاستحقاق الدستوري" والديمقراطي.
----------------------
بقلم: د. أيمن نور
(مواطن مصري)
اسطنبول في:٢٢-٨-٢٠٢٤
(نقلا عن صفحة الكاتب والسياسي المصري على فيس بوك)