المصداقية هي الأيقونة الذهبية والطريق الصحيح والسبيل الأمثل للوصول إلى كسب ثقة الجماهير، والمصداقية ليست الصدق فى نقل المعلومة فقط .. ولكن فى الإيمان بصحة ما يقول المسؤول وبصوابية القرار بعد البحث والتحليل وتحديد ورصد الإمكانات التى يعتمد عليها فى إطار التنفيذ. ولا يكون هذا القرار مكتسبا للمصداقية بدون مشاركة جماهيرية حقيقية فى اتخاذ هذا القرار، حتى يكتسب المصداقية الجماهيرية التى تكون السند والمعين فى تنفيذ القرار، ولذلك لا تكون الشرعية الدستورية والشرعية القانونية كافيتان بدون الشرعية الجماهيرية التى لا تكون بغير هذه المصداقية لأى نظام سياسى.
التعليم :
عاصرنا وشاهدنا الكثير والكثير مما يسمى تطوير التعليم، وكل تطوير تقوم الأجهزة والإعلام الموجه بتسويقه وكأنه الحل الامثل الذى لا يوجد دونه حل للتطوير. وأذكر فى ثمانينيات القرن الماضى طرح على مجلس الشعب عندما كنت عضوا به فكرة إلغاء السنة السادسة من التعليم الابتدائي، وكان فتحى سرور وقتها وزيرا للتعليم . وكعادة الأغلبية البرلمانية (الموجهة طول الوقت للموافقة دون نقاش) تمت الموافقة على مشروع القانون. كنت العضو الوحيد (حسب المضبطة) الذى اعترض على مشروع القانون. ولأسباب موضوعية منها: أن رأى اليونسكو ليس ملزما لنا، حيث أن لكل دولة ظروفها الخاصة، كما أن هذا الإلغاء يعنى اقتطاع عام دراسى من منظومة دراسية تم وضعها لمدة ست سنوات، والمفروض أن يبدأ القرار من السنة الأولى وليس السنة الخامسة. والأهم أن الإلغاء بسبب عجز الموازنة يعنى إلغاء التعليم عامة، تم غلوشت الأغلبية على كلامى ولكن تدخل د. رفعت المحجوب لكي أستكمل كلامى لأهميته، بل طلب من الوزير الرد. تمت مناقشة الوزير ولم يحسم الرد فقال: سأكمل الحديث مع النائب بعد الجلسة!! ولم يكن من الغريب بل الطبيعى عندنا، تم إلغاء القانون وإعادة السنة السادسة وكان فتحى سرور رئيسا للمجلس، فهو الذى قرر وهو الذى ألغى!! هذا نموذج متكرر طوال الوقت وصولا لقرارات محمد عبد اللطيف (وليس الدكتور) التى قال إنها تطوير للتعليم. ولا نعلم مصداقية هذه القرارات. هل تمت مناقشة البرلمان وهو الجهة التشريعية؟ هل تمت مناقشة خبراء التعليم والتربية؟ هل تم مناقشة الجهات البحثية والعلمية مقارنة بأنظمة تعليمية خارجية (كما يقولون) مع العلم أن لكل دولة ظروفها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التى هى الأرضية الصحيحة التى لا تغيب عن أى تطوير؟.
الإعلام :
نعم لايوجد إعلام محايد طوال الوقت، ولكن لابد من المصداقية والتى لا تكون بدون الرأى والرأى الآخر . أما أن يتحول الإعلام إلى إعلانات تسوق القرارات طوال الوقت هنا لا صدق ولا مصداقية، بل النتيجة ستكون سلبية على النظام والوطن والمواطن، فلا مصداقية مع الصوت الواحد والرأي الواحد. كما أن سيطرة الشركة المتحدة على مجمل الإعلام بهذا الشكل لن يكون لصالح أحد، خاصة فى وجود الأوامر بتوحيد المقالات وكأن كتابها كاتب واحد، ونرى هذا فى صفحات الرأى للصحف والقنوات المملوكة للشركة. وخطورة هذا تتمثل فى الهجرة والارتباط بوسائل إعلامية مغرضة تنفث سمومها طوال الوقت بهدف هدم الوطن بادعاء معارضة النظام!!
المحليات :
تمثل المحليات أهمية شديدة للوطن والمواطن لارتباطها بمجمل الحياة اليومية للمواطن ( خدمات . طرق . زبالة . تكاتك . إشغالات طريق ...الخ )، كما أن تاريخها أصبح موصوما بالفساد (للركب) خاصة الإدارات الهندسية. لذا دائما تأمل الجماهير فى حركة المحافظين أن تكون فاتحة خير للتغيير، واعتدنا على متابعة تحركات المحافظ فى محافظته والتى ارتبط بتعبير (كل غربال جديد وله شدة).
ولذا وجب القول لكل المحافظين، نعم أنت تتحرك وتنزل إلى الشارع طوال الوقت للمتابعة فى كل المجالات وهذا (كلام جميل وكلام معقول)، ولكن غير المعقول أن يتصور أي محافظ أنه يمكن الاستمرار فى هذا، مع العلم أن هذا هو ليس المطلوب، لأن معنى هذا أن كل مركز وكل قرية وكل حي ينتظر تشريف ومتابعة المحافظ أملا فى التغيير. وهذا مستحيل وليس هذا مطلوبا إداريا، ولكن المطلوب والأهم أن يقوم المحافظ بتحريك وتشغيل وتفعيل دور قيادات المحليات فى المراكز والقرى والأحياء لكى تقوم بدورها فى النزول للشارع والمتابعة والمحاسبة والتقييم وإبداع الحلول للمشاكل التى نعرف صعوبتها، لأن التسليم بصعوبة الواقع يلغى أى تغيير ولكن (الشاطرة تغزل برجل حمار لا مؤاخذة). الوطن يحتاج إلى كل الجهود الصادقة بعيدا عن تقديم المصالح والطموحات الخاصة لرجال كل عصر، فهل نجد تلك المصداقية لأجل الوطن العزيز الذى يواجه تحديات تفوق المعقول . يجب أن يكون هذا لصالح الجميع.. النظام والوطن والمواطن. حفظ الله مصر وشعبها العظيم.
----------------------------
بقلم: جمال أسعد