10 - 09 - 2024

مالا تعرفه عن رشدي أباظة: فدائي طارد جنود الاحتلال الانجليزي وقادته ضحكته المجلجلة للسينما

مالا تعرفه عن رشدي أباظة: فدائي طارد جنود الاحتلال الانجليزي وقادته ضحكته المجلجلة للسينما

امتلأت حياته بالفن والمرح والزواج من جميلات الشاشة، الصدفة لعبت دور البطولة في علاقته بالفن والشريط السينمائي؛ لم يكن يدور في ذهن رشدي أباظة أنه سيصبح ممثلا على الإطلاق، كان أول أفلامه "المليونيرة الصغيرة" عام 1949م أمام سيدة الشاشة فاتن حمامة، وغيرها من الأعمال، ثم انصرف عن ذلك إلى أمور أخرى، إلا أنه عاد ومثل أدوارا صغيرة في أفلام "دليلة - رد قلبي - موعد غرام - جعلوني مجرما" وغيرها من الأعمال، ومنها فيلم الشياطين الثلاثة الذي شاركه في بطولته الفنانين أحمد رمزي وحسن يوسف وبرلنتي عبد الحميد.

زوجاته الفنانات

تزوج من تحية كاريوكا وسامية جمال وصباح وأفلت من شباك كاميليا..انه "اكسلانس" كما كان يحب أن يناديه المقربون وهو لقب السفراء والدبلوماسيين، أشهر دونجوان عرفته السينما المصرية، الوسيم رشدي أباظة، أيقونة الرجولة في عيون بنات حواء، ومعشوق العذارى الذي اقترن اسمه بفاتنات السينما محبوبا وزوجا.. صاحب خمس زيجات أغلبها من جميلات السينما المصرية انتهت جميعها بالطلاق إلا زواجه الأخير من إحدى قريباته.

موسوعي الثقافة

أجاد رشدي عدة لغات؛ فقد تعلم بالمدارس الاجنبية وكان موهوبا في اللغات الأجنبية التي أتقن منها الكثير، يقرأ بها ويشاهد أفلاما من جنسيات مختلفة، من بين هذه اللغات: الإنجليزية والإيطالية والفرنسية والألمانية، حصل رشدي على الشهادة الابتدائية من المدرسة المارونية بالقاهرة، وهي المدرسة التي التحق بها فريد الأطرش واسمهان عند قدومهما الى القاهرة، ومنها انتقل للدراسة بمدرسة "سان مارك" بالاسكندرية وحصل على شهادة التوجيهية، إضافة إلى أنه كان يحمل بعض السمات الايطالية عن والدته.

إبن بلد

هذا لا يمنع أنه في تعاملاته كان مصريا ابن بلد شهما، به كل علامات "الجدعنة" والشهامة، نشأ على حب البسطاء؛ فلم يكن يدخل من باب الاستوديو  ويكف عن مداعبة العمال وإضحاكهم، يعرفهم بأسمائهم، فقد كان يعرفهم جميعا، وهم كانوا ينادونه بـ "يا إكسلانس"، علاقته بالفنيين والعمال البسطاء في الاستوديو كانت محل احترام واعجاب، كان يذهب كل خميس أثناء العمل في أفلامه، ويقف أمام باب الاستوديو وهو داخل سيارته ويطلب العمال، متسائلا: هل صرفوا لكم رواتبكم، فاذا قالوا "نعم" دخل الاستوديو للتصوير، أما إذا جاءت إجابة العمال ب "لا" يرفض العمل، وكان مصريا، وطنيا مخلصا، فلقد شكل مع أصدقائه مجموعة فدائية صغيرة لمطاردة جنود الاحتلال الإنجليزي، الذي كان جنوده يعربدون في مدينة الثغر ـ الاسكندرية ـ واستطاعت هذه المجموعة أن تشكل عامل ازعاج لجنود الاحتلال.

الأب ضابط

والده سعيد بغدادي أباظة، كان ضابط كبير بالشرطة، وكان أمله أن يرى إبنه رشدي وهو يرتدي نفس بدلته، اما والدته، فجنسيتها الأصلية إيطالية كانت مقيمة في القاهرة، وتعرف عليها والده فتزوجها وكانت قوية الشخصية، صارمة في أسلوب تربيتها.


بدايته مع السينما

لعبت الصدفة دورها في اكتشاف موهبة اباظة، التي كانت تحتاج إلى هذه الموهبة بشدة، ذات يوم من صيف عام 1948، شاهده المخرج السينمائي بركات وهو يمارس لعبة البلياردو في أحد أندية الثغر، لاحظه وهو يتحرك بليونة ولياقة عالية، وراقبه وهو يضحك ضحكته التي تنم عن جرأة وسعادة من القلب، ضحكة "مجلجلة" ومميزة، لاحظ نظرات عينيه الحاسمتين، وقوامه الفارع، فلم يتردد في أن يعرض عليه المشاركة في فيلمه الجديد الذي يحمل عنوان "المليونيرة الصغيرة".

أول أجر

كانت السينما حلمه، والشهرة عشقه، فوافق على دور صغير بالفيلم مقابل مائة وخمسة جنيهات كأجر عن الفيلم، لم يجرؤ رشدي ان يقول لوالده شيئا عن عمله الجديد، إذ لم تكن السينما تحظى بثقة الطبقات العليا، على الرغم من دخول باكوات إلى عالم التمثيل أمثال يوسف بك وهبي، وسليمان بك نجيب.. لكن الكل كان يواجه اعتراضات شديدة من الأهل.

مرض وآلام ورحيل

لم تمتد حياته لأكثر من 53 عاما ، هي كل عمر رشدي أباظة رغم تراثه السينمائي الضخم، عاش نجاحات وانتهت حياته بآلام مبرحة وأوجاع لا يتحملها إنسان، كان أشدها إيلاما العام الأخير من عمره، شخص الأطباء حالته بأنّها "سرطان المخ"،  تحمل بجلد أوجاع الجراحة، كان يخرج من المستشفى للوقوف أمام الكاميرات ، رغم أن طبيبا تجرأ وقال أمامه "يا رشدي إنت في النزع الأخير".

شهادة إبنته قسمت

بتعبير إبنته الوحيدة الصديقة الراحلة "قسمت" المخرجة السابقة بقناة النيل الدولية، لخصت العام الأخير في حياته وتجربة المرض وما فعلته بقولها لي ذات لقاء معها: (المرض كسره لكنه كان يكابر ليبدو قويا متماسكا)، وأصرت عائلته على زواجه من إبنة عمه لرعايته، ومع إمتداد واشتداد المرض، انفض من حوله كثيرون باستثناء نادية لطفي والمخرج علي بدرخان، وأصر على إجراء عملية جراحية خطرة في لندن، ولكن قضاء الله دائما فوق كل شئ.

مغرم ببدلة الشرطة

لما كان والد رشدي من كبار ضباط الشرطة، وكان الخلاف بينهما يتمحور حول ابتعاد الإبن عن الخدمة بالشرطة ونيل شرف إرتداء بدلتها ونجومها؛ فإن هذا ظل نقطة ضعف رشدي أباظة لإرضاء أسرته، وعندما قدم رشدي دورا صغيرا في فيلم "حياة أو موت"، صادف ذلك سعادة غامرة من قبل والده؛ لارتداء إبنه الرتب العسكرية وقال له أنه بهذا الدور حقق حلمه في أن يرى إبنه ببدلة الشرطة ونجومها الذهبية اللامعة؛ كان على الطرف الآخر وحش الشاشة فريد شوقي الذي كان يتحلى بذكاء إنتاجي نادر يداني ذكاء أستاذه أنور وجدي؛ فاستطاع أن ينفذ من خلال نقطة الضعف لدى الدونجوان عندما بدأ في خطوات إنتاج فيلمه "كلمة شرف"، كان الدور صغيرا ولا يحقق طموحات أباظه، إلا أن الملك اقترب من أذن الدونجوان قائلا له "عندي لك دور العمر..هلبسك ظابط وكمان لواء وهتبقى الكبير بتاع الفيلم"، استحسن رشدي العرض وسارع بالإجابة: "أنا معاك يا ملك"!!