سمعنا زمان فى أمثالنا الشعبية وتراثنا الثقافى العربى عن غراب "البين" الذى يرمز نعيقه الى الشؤم وسوء الطالع،
اليوم ظهر فى مزارع جمعية الصحفيين على طريق جنيفه بالسويس غراب آخر سميته متعمدا غراب "التين"، يتمتع بمهارة عالية فى السطو على أشجار التين الشوكى وبأسلوب لا يخلو من الطرافة..!! ، معتمدا بالقطع على ما يتمتع به من ذكاء يبهر المراقبين لسلوكياته عبر العصور منذ درسه الشهير، الذى أعطاه مبكرا الى جدنا "قابيل" لدفن جثة شقيقه "هابيل"، بعد قتله له طمعا فى الزواج من شقيقتهما الوحيدة وهى القصة المعروفة فى القرآن الكريم كما وردت فى سورة المائدة :
( فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ * قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ.. )
و يعود مثل غراب"البين" إلى أسطورة عربية قديمة، وكلمة" البَيْنُ " وفق الصحّاح في اللغة معناها الفراق والتفريق..
وهناك روايات وحكايات كثيرة نسجت حول أسطورة (غراب البين) من أشهرها أن سيدنا نوح بعد أن وقع الطوفان واستقرار سفينته على جبل" الجودى"، أرسل الغراب ليأتيه بخبر عن ما خلفه الطوفان بالبلاد، فوجد"جيفة" فوقع عليها ، وانشغل بها عن مهمته واختفى تماما، فدعا عليه سيدنا نوح بالخوف، فلذلك لا يألف البيوت..
هذا عن غراب" البين"، أما غراب "التين" الذي أشير إليه فهو غراب مغرم بشن غارات مبكرة على زراعات التين الشوكى، التى لجا الصحفيون لزراعتها مع الزيتون ، باعتبارهما من أكثر الأشجار تحملا للجفاف، خاصة فى ظل نقص مياه الرى الواصلة إلى أراضيهم. والطريف أنه "ينشن" على الثمار الناضجة كبيرة الحجم و يلتهمها من الجزء المواجه للأرض، و يتركها "هيكلا مجوفا"، بحيث تبدو لجامع وجانى التين سليمة من أعلى، ولكن عندما يمد يده لالتقاطها يجدها فارغة..!!
ذكاء"غراب التين" ومهاراته وغاراته المبكرة أصبحت تهدد محاصيل المزارعين ، ولم تفلح معها خيالات المأته ولا النقر على الصفيح.. !!
نسأل الله أن يبعث إلى المزارعين غرابا "شهما طيب القلب" ليعلمهم كيف يوقفوا غارات إخوانه الأشرار.
------------------------------
بقلم: عبدالرزاق مكادي