في العام 2022 أجرى مهرجان الاسكندرية السينمائي الدولي، لأول مرة في تاريخه استفتاء ضخما بين النقاد، لاختيار أفضل 100 فيلم كوميدي في تاريخ السينما المصرية، وهو ما أسفر عن مفاجآت، منها تصدر فيلم فطين عبد الوهاب بفيلم "إشاعة حب"، بطولة النجوم الكبار وبعضهم غير كوميديانات بالمرة: يوسف وهبي وهند رستم وعبد المنعم إبراهيم ولاعب الكرة عادل هيكل، تصدر الفيلم قائمة الكوميديا، بسيناريو وحوار علي الزرقاني ومحمد أبو يوسف، الفيلم إنتاج العام 1960 ضمن العصر الكلاسيكي الذي تألقت فيه كل الأنواع السينمائية!
في العام التالي رأى المهرجان أن يستمر في إطلاق نفس الخدمة لصالح السينما المصرية، وأيضا لتكريم صناعها وتنشيط ذاكرة جمهور المهرجان؛ حيث أطلق استفتاءه لاختيار أفضل مائة فيلم غنائي، ليأتي على رأس القائمة الفيلم الاستعراضي الراقص "غرام في الكرنك"، لأصدق من صنعوا تلك النوعية من الأفلام المصرية وفي المقدمة صاحب القصة ومخرجها الفنان الراحل علي رضا، والبطولة للثنائي المدهش: محمود رضا وفريدة فهمي (1967).
وصولا إلى هذ العام والدورة الـ 40 من عمر المهرجان، جاء إقتراح إدارة المهرجان ورئيسه الناقد الأمير أباظة باجراء استفتاء ضخم يشرف عليه الكاتب والناقد السينمائي الزميل سيد محمود ـ وقد كان لي شرف المشاركة في عملية الاستبيان وإبداء الرأي مع زملاء وأساتذة كبار ـ حيث كانت الفكرة هي اختيار أفضل 100 فيلم رومانسي في تاريخ السينما المصرية وقد كلفني الزميلان الأمير أباظه بصفته رئيس المهرجان، والناقد سيد محمود المشرف على الاستفتاء بكتابة دراسة عن الرومانسية في السينما المصرية تصدر في أحد الكتب الرئيسية الصادرة عن المهرجان الذي تدشن دورته المقبلة الـ 40 في الأول من أكتوبر المقبل في حفل الافتتاح، وأنا هنا لا أقرر نتائج الاستفتاء الذي سيعلن عنها مع أيام الدورة الـ40، ولكن أتعرض لخطوط عامة لابد وأن الاستفتاء راعاها في نتائجه؛ وهي أن السينما المصرية كانت منذ بدايتها، سينما ناعمة، رومانسية، حالمة، وأن الحب هو ملمح رئيسي في بناءها وتكوين خطوطها ومنحاها، وأن الحب والرومانسية كثيرا ما تختلط بألوان أخرى من فنون السينما لاسيما الغناء والفكاهة والحياة الاجتماعية، ففي رأينا أن أول أفلام السينما المصرية "ليلى" كان يتعرض للرومانسية، وأفلام العظماء الرواد: محمد عبد الوهاب وأم كلثوم ـ وهي أفلام غنائية بالدرجة الأولى ـ كان الحب هو أحد أهم خطوطها وأبرز مشاهدها، وبنفس المنطق طغت أصوات كثيرة ترشح نجمة الأحلام سعاد حسني ولاسيما فيلمها: "خللي بالك من زوزو"، ليخطو بثبات نحو المقدمة، أما الظاهرة الأوضح؛ فكانت في الانتصار للكلمة (الحوار) وتمثل ذلك في التقدم الملموس نحو منح التصويت لواحد من أفلام العقدين الأخيرين من عمر السينما المصرية وهو الفيلم الرائع "حبيبي دائما" 1980 فيلم حسين كمال ويوسف السباعي وكوثر هيكل ورفيق الصبان حيث الحوار الذي يحفظه كل مشاهد ـ وهو أمر غريب مخالف ـ ربما ـ للمزاج العام، الذي يميل ويحن إلى الفترة الكلاسيكية الممتدة من الثلاثينيات حتى الستينيات وجزء من السبعينيات تجاوزا!
ولكم أن تتوقعوا مكانا متقدما لنجم الغناء الكلاسيكي الفنان عبد الحليم حافظ بأفلامه الخالدة وفي المقدمة منها فيلم "يوم من عمري" حيث براءة زبيدة ثروت، الخطايا وأبي فوق الشجرة برومانسية نادية لطفي، و"معبودة الجماهير" حيث صدق شادية، وأفلام ناعمة مثل "نهر الحب"، "أغلى من حياتي".
-------------------------------
بقلم: طاهـر البهـي
الأمير أباظة
سيد محمود المشرف على الاستفتاء