19 - 04 - 2024

محطة نووية لأغراض سلمية تكون أو لا تكون؟

محطة نووية لأغراض سلمية تكون أو لا تكون؟

بعد عشر سنوات على أخر زيارة لرئيس روسي لمصر،يحلّ أخيرا الرئيس الروسي بوتين بأرض الفراعنة و تندرج هذه الزيارة في إطار التعاون و تطوير العلاقات بين البلدين ، و قد تمت في توقيت مناسب جدا، فمصر تتعرض لضغوطات مستمرة سواء من قبل بعض الدول الخليجية أو الغربية، أضف إلى ذلك فهي مناسبة للتشاور و تبادل الآراء حول مجمل القضايا الراهنة بالمنطقة كالوضع العراقي المتردي أو الأزمة السورية التي لم تجد طريقها إلى الحل.

انه المغنم، فمصر ستجني الكثير ، أولها كسر الجليد على العلاقات و تطويرها إلى الأفضل، ثانيها كسب صديق جديد، قوي ، متقدم تكنولوجيا و عسكريا، متطور اقتصاديا، غني، له عملة ذات وزن في الأسواق النقدية العالمية، جريء، لا يأبه لتهديدات الغرب، تعلم دروسا كبيرة و خاصة منذ سقوط حلفائه الواحد تلو الأخر  . لقد سقطت بغداد، و تهاوت طرابلس، و الآن دمشق على المحك.

إن روسيا اليوم تريد أن تعود إلى وزنها و إلى مجدها، فلا اخالها ستبقى سلبية، لا تؤثر و لا تتأثر بما يدور حولها في العالم، و لا احسبها تبقى مكتوفة الأيدي لتسلب منها مناطق نفوذها الواحدة تلو الأخرى، و لا اعتبرها ترضى بالفوضى الخلاقة التي أحدثها الغرب في كل مكان...

إن زيارة الرئيس الروسي إلى مصر لها عدة رسائل و مدلولات و إشارات، لعل أبرزها انه من باب الوهم الاستفراد ببلد النيل، و فرض أملاءات عليه من قبل الغرب أو إتباعه. فمصر لها تاريخ مع الاتحاد السوفييتي سابقا، فمن باب الجحود تناسي أفضاله على مصر و على بلدان الشرق الأوسط عموما و خاصة عند الحروب و الأزمات... فقد كان الممول الرئيسي لهذه البلدان و غيرها بما يوفره لها من حبوب و أسلحة لمحاربة الجوع و العدو في آن واحد.

إن الماضي يذكرنا بان الغرب يسعى دائما إلى إبقاء العرب على تخلفهم و تأخرهم ،فلقد ضرب المفاعل النووي العراقي، و قد دمر مدفعه العملاق، و قضي على كل قدراته العلمية و العسكرية ... أما سوريا فشانها شان ليبيا فقد فككتا مخازنهما الكيمياوية و أرسلتها على وجه السرعة إلى بلاد الغرب لمصادرتها أو الانتفاع منها لاحقا ، وقس على ذلك...

إن الرئيس الروسي قدم إلى مصر حاملا بين جنباته املأ كبيرا إلى مصر و إلى المصريين ، فبناء محطة نووية لأغراض السلمية تعني الكثير إلى بلد النيل و لعل أبرزها وضع مصر ضمن لائحة البلدان المتقدمة التي يمكن أن تدر مكاسب هامة عليها في ميادين عديدة كالطب و الزراعة و غيرها و توفر أرباحا طائلة عندما تقطع مع شراء الطاقة بالعملة الصعبة بل توفرها لتقوية ميزانيتها  و تحقيق معدل أفضل للنمو فتنعش اقتصادها و تنقص من آفة البطالة ، و توفر المزيد من مواطن الشغل، و هكذا تسير شيئا فشيئا نحو تحقيق الكرامة المنشودة.

على غرار الإيرانيين الذين يزخر بلدهم بمخزونات هامة و احتياطات كثيرة من النفط و الغاز الطبيعي و مع ذلك بنوا أكثر من محطة نووية بمساعدة الروس، أليس بالعزيز على المصريين أن يحذوا حذوهم خاصة و إنهم يملكون من العلماء و الخبراء في هذا الميدان ما لا يملكه غيرهم؟

فهل يمضي هذا الأمر إلى منتهاه و تثبت الوعود أم يبقى هذه المشروع في جدل لا ينتهي من السلب و الإيجاب؟ و كيف يمكن التصدي للقوى الأخرى المعادية لنهضة مصر و تطورها التي لا تريد لهذا المشروع أن يرى النور و تود أن تنسفه بدل أن تسعفه.

 و هل تجتمع عناصر البناء  ونرى مصر واقفة ملء القامة بمزيد العناد و الإصرار تبني محطتها فتسترجع عظمتها، مفعمة بالحياة لا تشكو خوى، تشعر بالتمام لا بالنقصان.

##

مقالات اخرى للكاتب

بمشاركة مصرية.. بارزاني يفتتح معرض أربيل الدولي للكتاب





اعلان