04 - 12 - 2024

مؤشرات | الحق في مياه نظيفة

مؤشرات | الحق في مياه نظيفة

أرقام مقلقة ومثيرة حول قضية توفير المياه للمواطنين ونحن في منصف العقد الثاني من القرن الـ21، والألفية الثالثة، ونعيش عصر الذكاء الإصطناعي، والمستقبل يحفل بالكثر من المفاجآت في عصر أصبح التطور فيه لحظيا.

وفقا للمسح الصحي للأسرة المصرية 2022، توضح الأرقام أن نسبة المواطنين المحرومين من وصلات مياه في منازلهم بلغت حوالى 9% على مستوى الجمهورية ويحصل 4% منهم على المياه من حنفيات عامة، و2.5% من آبار والباقون ليس لديهم مصدر مياه على الإطلاق.

وترتفع نسبة المحرومين من وصلات المياه إلى نحو  19.9% في محافظات الحدود و15.2% في ريف الوجه البحري، و7.5% في الوجه القبلي، وتوفر منظمة اليونيسيف قروضًا دوارة لأهالي القرى خاصة في الصعيد من أجل تمويلها، ما قد يساعد البعض ولكنه ليس بحل هيكلي لمشكلة توفير المياه.

وحسب المعلومات الواردة في تقرير مهم نشرته تقارير (عدسة) بمركز "حلول للسياسات البديلة"، بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، فإن مصر تعاني من شح في المياه إضافة إلى أزمة التوصيل إلى المنازل، وهو ما يتطلب ترشيد استخدامها وتوجيه الاستثمارات فيها إلى دعم أكبر عدد من السكان الأكثر احتياجًا إليها.  

ومن وجهة نظر بيانات المركز فإن أولويات الحكومة تبتعد عن القضاء على الحرمان من الماء في المناطق كثيفة السكان ويتجلى هذا في إنفاقها ميزانية شديدة الضخامة في العاصمة الإدارية التي تستهدف في أكثر تقدير 6.5 مليون نسمة ونحو 50 ألف موظف يوميًّا عند اكتمال المدينة.

وفي نفس الوقت تتحمل الحكومة تكلفة المرافق وتسديد أقساط الديون الخاصة بالعاصمة الإدارية في حين لا تدخل أرباح شركة العاصمة البالغة 26 مليار جنيه في 2023 في الموازنة العامة للدولة، ويعكس هذا تحيز الحكومة الملحوظ للمدن الجديدة وعلى رأسها العاصمة الإدارية.  

وكان رئيس مجلس إدارة شركة العاصمة الإدارية أعلن عن البدء في تنفيذ محطة مياه شرب في المدينة بتكلفة 40 مليار جنيه، وتقترب تكلفة هذه المحطة من إجمالي حجم استثمارات قطاع مياه الشرب والصرف الصحي في مصر، البالغة 43 مليار جنيه خلال العام المالي 2023/2022.

ومن الأمور الخطيرة التي يلفت إليها التقرير أن هذا الإنفاق الضخم على محطة واحدة يأتي في حين أن كثيرًا من الأسر الفقيرة في الريف لا تمتلك وصلات مياه شرب نظيفة وصرف صحي في منازلهم ما يهدد حقهم في البقاء.

ولانختلف حول أن الدولة تقوم بتوصيل المياه إلى الحنفيات العمومية في المحافظات، لكن تتحمل الأسر تكاليف الوصلات المنزلية، وتبلغ تكلفة الوصلة الواحدة 2000 جنيه وهو مبلغ قد يبدو بسيطًا إلا أنه يفوق قدرة كثير من الأسر المصرية الفقيرة.  

ومن المهم أن يستفيد متخذو القرارات في بلادنا من هذه االمعلومات، وهذه التحليلات التي تمثل رؤى لمعالجة أي خلل في منظومة الخدمات العامة، فيجب على الحكومة تبني الاستهداف الجغرافي عند توزيع الموارد العامة والاستثمار في البنية التحتية من أجل توفير الخدمات الأساسية في المناطق القائمة المحرومة، التي تتركز في ريف الوجه البحري والقبلي والمناطق الحدودية.

وليس عيبًا العمل على تقليل الإنفاق غير الفعال والمهدر للموارد العامة، وإعادة توزيعها بعدالة على مختلف المناطق، مع تحقيق مطلب كرره الخبراء على مدى سنوت بأهمية ضم الصناديق الخاصة إلى الموازنة العامة وبالتالي دخول أرباح الهيئات المالكة لشركة العاصمة الإدارية ومثيلاتها فيها حتى يتسنى الإنفاق منها على الخدمات الأساسية في المناطق المحرومة. 

الوعي والإدراك لكل ما يتم كتابة هو نوع النصح والإرشاد للقائمين على مسؤولية إدارة البلاد في أي حكومة، ويجب إتخاذ هذا بجدية، لأن الهدف مشترك وهو إصلاح حال البلاد بما يصب في خدمة المواطنين وتوفير حياة كريمة لهم في ظل سنوات تشهد الكثير من التحديات التي يتحمل فيها المواطن العبء الأكبر من فاتورتها.
----------------------------
بقلم: محمود الحضري


مقالات اخرى للكاتب

مؤشرات | هل سوريا الأحدث في تفريغ المنطقة لأمن الصهاينة؟!