27 - 07 - 2024

أحزاب مصر ونوابها يهنئون الرئيس.. فهل سيعارضونه لاحقا؟

أحزاب مصر ونوابها يهنئون الرئيس.. فهل سيعارضونه لاحقا؟

ما أن انتهت مراسم تنصيب الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيسا للفترة الثالثة والأخيرة، بعد أداء اليمين الدستورية أمام مجلس النواب في مقره الجديد بالعاصمة الإدارية، حتى انهالت التهنئات والتبريكات من الأحزاب والنواب والشخصيات العامة.

وتعهد الرئيس السيسي أن تشهد ولايته الثالثة استكمال العمل على 7 محاور رئيسية، وصفها بأنها "ملامح ومستهدفات المرحلة المقبلة"، مشددا على "حماية الأمن القومي للبلاد، وتعزيز قدرة الاقتصاد على مواجهة الأزمات". 

7 محاور للفترة الأخيرة

وأمام أعضاء مجلس النواب بمقره الجديد في العاصمة الإدارية، أدى الرئيس السيسي، الثلاثاء، اليمين الدستورية رئيساً للجمهورية، لفترة ثالثة وأخيرة بموجب الدستور، تمتد حتى 2030.

حدد الرئيس 7 محاور يسعى لاستكمالها خلال فترته، جاء على رأسها محور الأمن القومي لاسيما في ظل التوترات والصراعات التي تعيشها المنطقة، حيث شدد الرئيس على صون وحماية أمن مصر القومي في محيط إقليمي ودولي مضطرب.

وتعهد الرئيس بمواصلة العمل على تعزيز العلاقات المتوازنة مع جميع الأطراف، في عالم جديد تتشكل ملامحه، وتقوم فيه مصر بدور لا غنى عنه لترسيخ الاستقرار، والأمن، والسلام، والتنمية.

واختص المحور الثاني بالأوضاع السياسية في مصر، إذ شدد الرئيس على استكمال وتعميق الحوار الوطني خلال المرحلة المقبلة، وتنفيذ التوصيات التي يتم التوافق عليها على مختلف الأصعدة، بهدف تعزيز دعائم المشاركة السياسية والديمقراطية.

وفي أبريل 2022، خلال إفطار الأسرة المصرية، أعلن السيسي تكليف إدارة المؤتمر الوطنى للشباب لإدارة حوار سياسي مع كل القوى السياسية كافة، باستثناء جماعة «الإخوان» التي تصنِّفها الدولة "جماعة إرهابية". وانطلقت جلسات الحوار في مايو 2023م، ورفعت توصيات الجولة الأولى للرئيس.

ويتعلق المحور الثالث للفترة الرئاسية الثالثة للسيسي بتبني استراتيجيات تعظم من قدرات وموارد مصر الاقتصادية، وتعزز من صلابة ومرونة الاقتصاد في مواجهة الأزمات".

ويعاني الاقتصاد المصري في السنوات الأخيرة أزمة حادة، تجلت مظاهراه في موجة غلاء وتضخم مرعبة وزيادة نسبة الفقر بين المجتمع، وتراجع سعر الجنيه أمام الدولار.

وشدد الرئيس على العمل على تعزيز دور القطاع الخاص، والتركيز على قطاعات الزراعة، والصناعة، والاتصالات، وتكنولوجيا المعلومات، والسياحة. 

كما تعهد بـزيادة مساحة الرقعة الزراعية والإنتاجية، للمساهمة في تحقيق الأمن الغذائي لمصر، وجذب مزيد من الاستثمارات المحلية والأجنبية، لتوفير الملايين من فرص العمل.

أما المحور الرابع من سياسات الرئيس في فترته الأخيرة، فيركز على تبني إصلاح مؤسسي شامل يهدف إلى ضمان الانضباط المالي وتحقيق الحوكمة السليمة، من خلال ترشيد الإنفاق العام، والتحرك باتجاه مسارات أكثر استدامة للدين العام، وتحويل مصر لمركز إقليمي للنقل وتجارة الترانزيت. ولفت إلى تعظيم الدور الاقتصادي لقناة السويس.

فيما يستهدف المحور الخامس تعظيم الاستفادة من ثروات مصر البشرية وزيادة جودة التعليم، ومواصلة تفعيل البرامج والـمبادرات الرامية إلى الارتقاء بالصحة العامة للمواطنين.

ويركز المحور السادس على دعم شبكات الأمان الاجتماعي، وزيادة نسبة الإنفاق على برامج الحماية الاجتماعية، ما سيحقق تحسناً هائلاً في مستوى معيشة المواطنين.

آخر المحاور السبعة يتعلق بالاستمرار في تنفيذ المخطط الاستراتيجي للتنمية العمرانية، واستكمال إنشاء المدن الجديدة من الجيل الرابع، مع تطوير المناطق الكبرى غير المخططة.

ما بعد التهنئة

بعد انتهاء مراسم التنصيب، بدأت موجة كبيرة من التهنئات للرئيس على ولايته الثالثة، شملت العديد من الأحزاب وأعضاء مجلسي النواب والشيوخ.

ويمكن تفهم هذه التنهئات ضمن إطار البروتوكولات السياسية، وهي أمر متعارف عليه خاصة عندما لا تكون هناك فرصة متكافئة للمنافسة بين هذه الأحزاب، بينما لا نذكر مثلا أن مثل هذه التهانئ لها سوابق في الدول التي تحظى بتنافسية وديمقراطية، سواء كانت ثنائية الأحزاب مثل بريطانيا (العمال والمحافظين) أو الولايات المتحدة (الديمقراطي والجمهوري)، أو في دول نظام التعددية الحزبية الذي يوجد في كل أوروبا الغربية تقريباً.

وإذا كانت الدولة المصرية قد قطعت شوطا كبيرا من تثبيت الأركان والاستقلال، بعد التوترات التي شهدتها إبان الإطاحة بحكم الإخوان والتيار الإسلامي، وما تلا ذلك من إرهاب استطاعت الدولة أن تقهره بشكل واضح لاسيما في سيناء، ومع تاكيدات الدولة نفسها على انطلاق قاطرة الجمهورية الجديدة، فبالتالي لا معنى مطلقا لحرص الأحزاب المصرية على السير في ظل الحكومة والرئيس، والاكتفاء بالتصفيق دون تقديم حلول وطرح رؤى سياسية واقتصادية هي أحوج ما تحتاجه مصر الآن.

ربما لا يعرف أغلبية الشعب المصري اسم 10 أحزاب من المعترف بهم (في مصر 87 حزبا سياسيا وفق الهيئة العامة للاستعلامات)، وربما لا يعرف قطاع كبير من الشعب المصري أسماء نوابه في غرفتي البرلمان، لكن هذا الجهل كان من الممكن أن يتبدد لو لمس المصريون من الأحزاب المصرية أو نواب البرلمان بغرفتيه قيامهم بالدور المنوط بهم.

وإذا كنا أمام الفترة الرئاسية الأخيرة للسيسي وفق الدستور، فإن هذه الأحزاب مطالبة أكثر من أي وقت مضى بالقيام بدورها في طرح الرؤى والحلول، بعد سنوات من الاكتفاء بالتصديق والتصفيق لسياسات نرى جميعا إلى ماذا أوصلتنا، وهذا الدور في حقيقته يتسق تماما مع المحور الثاني من المحاور التي تعهد الرئيس السيسي باكمالها في فترته الأخيرة.

نفس الأمر ينطبق على أعضاء البرلمان بغرفتيه، الذين لا يعرفهم أغلبية ناخبيهم في دوائرهم الانتخابية، ولا يسمعون عنهم إلا عند كل استحقاق انتخابي. لا نذكر لهم مثلا معارضة واضحة لأي من السياسات الحكومية، لا نعرف لهم استجوابا قويا أو طلب إحاطة ضد رئيس الحكومة او أحد الوزراء الذي نلمس جميعا فشلهم في ملفات عدة.

وإذا كان الرئيس السيسي دوما يتحدث عن أهمية العمل والمثابرة، فمن باب أولى لنواب الشعب والأحزاب التي تزعم أنها تتحدث باسمه ان تحذو حذو الرئيس، وتسارع إلى العمل والنزول إلى الشارع وتقديم الرؤي والحلول، وأن تبرز نفسها خلال الفترة الأخيرة للرئيس، إذا كانت ترغب في أن تقدم نفسها للشعب أو تريد المنافسة على مستقبلا على كرسي الرئاسة بعد 6 سنوات، إلا إذا كانت هذه الأحزاب وهؤلاء النواب لا يثقون في أنفسهم وفي كفاءتهم لتولي مقاليد الأمور.