علقت المحكمة البريطانية العليا في لندن / put in hold الحكم في دعوى تسليم جوليان أسانج ناشر ومؤسس موقع ويكيليكس الالكتروني، المسجون في بريطانيا، للولايات المتحدة حتى تزود الادارة الأمريكية الحكومة البريطانية بضمانات تتعلق بعدم التمييز ضده أو اضطهاده كونه استرالي الجنسية وبأنه لن يواجه حكماً بالاعدام، ومنحت أسانج حق الاستئناف ضد أي قرار جديد بتسليمه، لكنها ربطت ذلك بطبيعة الرد الأمريكي على طلبات المحكمة.
ويواجه أسانج، تسليماً وشيكًاً للولايات المتحدة التي وجهت اليه لائحة تهم تصل عقوبتها إلى السجن 175 عاما. وإذا رفضت المحكمة العليا في بريطانيا الاستئناف النهائي منه، سيتم ترحيله واحتجازه في أحد سجون الولايات المتحدة.. بينما يحذر محاموه بأنه يواجه احتمال تلفيق المزيد من التهم، التي تصل عقوبتها إلى الإعدام!!
وقالت السيدة ستيلا زوجة أسانج وأم طفليه للصحفيين خارج المحكمة ان المحكمة اعترفت في قرارها اليوم بمخاطر التعامل العنصري الأمريكي معه وبأنه يواجه خطر الاعدام، لكنها لم تنظر بأدلة قدمناها عن مؤامرة أمريكية جرت لاغتياله أو خطفه.. وكل ما طلبته تدخل سياسي أمريكي ورسالة وكأن كل شيء معهما سيكون على مايرام!
محاكمة معتقل سياسي وصحفي لنشره الحقيقة
وأضافت أن اسانج صحفي ومعتقل سياسي وتمثل قضيته هجوماً على حرية الصحافة وحق التعبير وأنه يُسجن منذ 5 سنوات ويحاكم فقط لنشره تفاصيل جرائم ضد الانسانية، وهذه رسالة لكل من يدافع عن حرية الصحافة وحقوق الانسان!!
وتابعت ستيلا أسانج يتعين أن يُطلب من ادارة بايدن إسقاط دعاواها لا أن تقدم ضمانات وتعهدات.. وأنه عار على الديمقراطية والحريات الصحفية إنكار حق أسانج كصحفي، وكان يجب ألا يبقى يوما واحداً رهناً للاعتقال كونه سجينا سياسيا كل ما فعله هو ممارسة حرية الصحافة ونشر حقائق موثقة .. ومن هنا أدعوكم جميعاً لدعم أسانج والوقوف مع طلبه الحرية والديمقراطية وإسقاط الدعاوى والاتهامات التي تطاله.
وقال جيرمي كوربن الزعيم السابق لحزب العمال البريطاني، خارج مبنى المحكمة، إن القضية بالنسبة لي تتعلق بسجن وتقييد حرية وطلب تسليم ومحاكمة صحفي، فقط لأنه نشر الحقيقة حول حروب الولايات المتحدة وبريطانيا وحلفائهما في العراق وأفغانستان.
" ما ينطوي على رسالة تحذير لكل صحفي بأن يخاف نشر الحقيقة، ولذلك فأن ما نحتاجه هو حشد أقصى الضغوط عبر الولايات المتحدة وأوروبا والعالم الحر لاسقاط الدعاوى ضد أسانج.. فالمسألة هي قضية حرية وديمقراطية وأنا سعيد لتعاظم الدعم الشعبي العالمي والبريطاني لأسانج"
وعندما سألت مذيعة بريطانية كوربن عما يجب فعله لوقف الحرب في غزة، قائلة لو كان أسانج طليقاً لكشف الكثير عن جرائمها وفظائعها فأجاب"ما ىجري في غزة محنة عالمية سببها الاحتلال والاجرام الاسرائيلي المدعوم أمريكياً وبريطانياً وأطلسياً وهو مايجب أن يتوقف فوراً"
وتابع؛ "ما يفعله نتنياهو هو جريمة ابادة ومخطط تهجير واحداث نكبة ثانية للفلسطينيين وخلق غزة جديدة في سيناء "ولذلك يتوجب وقف الحرب على الفور وايجاد حل سياسي نهائي وعادل للقضية الفلسطينية".
تشي جيفارا ثورة الاعلام
مثلما جاءت شبكة الانترنت كاسرة لقيود الحدود الجغرافية.. وأوجدت تقنيات التواصل الاجتماعي الصحفي المواطن.. أنهى موقع ويكيليكس سلطات الرقابة السلطوية والأمنية العسكرية والمخابراتية.. هنا برز الاسترالي جوليان أسانج كأيقونة ثورة إعلامية مثل الثوري الأممي تشي جيفارا.. وهو بات مستهدفاً بسبب صحافة "ويكيليكس" التي أسقطت دعاية الطغاة الامبرياليين وأكاذيبهم وفضحت جرائمهم بحق الانسانية، ولأنه كشف بالوثائق تفاصيل النشاط الإجرامي والمؤامرات المناهضة للديمقراطية -التي دبرها البيت الأبيض والبنتاغون ووكالة المخابرات المركزية الامريكية بالتعاون مع توني بلير رئيس الحكومة البريطانية الأسبق وأجهزة المخابرات البريطانية- لتبرير جرائم حروب الولايات المتحدة وبريطانيا في العراق وأفغانستان وهي حروب، اعتبرها أسانج جريمة بحق شعوب العالم بأسره.
جوليان أسانج يقبع سجيناً في معتقل بيلمارش Belmarsh البريطاني الحصين بعدما تم استدراجه خارج ملجئه بسفارة الاكوادور في لندن في ابريل 2019، بمؤامرة أمريكية بريطانية شاركت فيها المخابرات المركزية والبنتاجون وكافة أذرع الدولة البريطانية المخابراتية والشرطية والقانونية والبرلمانية.
وتجسد قضية أسانج النضال ضد الحروب ومحاولات قمع الحركات المناهضة لها من خلال الإجراءات الاستبدادية والأكاذيب الدعائية التي تراكمها الطبقات الحاكمة إذ عمل كصحفي من خلال صفحات "ويكيليكس" مثل "وكالة استخبارات لصالح الشعوب"، والآن تتأكد هذه الحقيقة بشكل مروع، في غيابه، مع أحداث الإبادة الجماعية الإسرائيلية في غزة، والحرب بين حلف شمال الأطلسي وروسيا في أوكرانيا، وكلاهما متجذر في سعي القوى الإمبريالية لإعادة تقسيم العالم وشعوبه ونهب ثرواته وموارده، ما يمثل انحدارًا نحو حرب عالمية ثالثة.
الشهود الشهداء .. 137 صحافيا فلسطينياً
محاولة إسكات الصحفيين بوحشية، التي بدأت مع أسانج، قادت مع صمت النقابات والمؤسسات الاقليمية والدولية المعنية والمتخصصة، إلى قتل جماعي متدرج طال أكثر من 137 صحافياً وإعلامياً والعديد من أفراد أسرهم على يد قوات الاحتلال الإسرائيلية في غزة ضمن حملة لتغييب شهود الحقيقة، بينما يتم حالياً توظيف التشريعات والتهديدات لتجريم حتى الاحتجاجات الطلابية الجامعية المناهضة في معظم الدول.
لقد قال أسانج، ذات يوم، في تجمع حاشد ضد احتلال أفغانستان في ميدان الطرف الأغر في لندن العام 2011: "إذا كان من الممكن أن تبدأ الحروب بالأكاذيب... فإن السلام يمكن أن يبدأ بكشف الحقيقة". وفي الواقع تراكمت الأكاذيب وانتشرت الحروب منذ ذلك الحين..
إن مصير أسانج، أي النضال من أجل حريته، يعتمد على تطور حركة جماهيرية مناهضة للحرب ضد مهووسي الحرائق الإمبرياليين ومن هنا دعونا كصحافيين ومتضامنين مع حركة التضامن الجماهيرية العالمية لوضع المطالبة بحرية أسانج في قلب معركتنا ضد الامبريالية وقوى الاستعمار والاستغلال والهيمنة ومروجي الحروب.