13 - 10 - 2024

ماذا يريد الشعب (٨)

ماذا يريد الشعب (٨)

الثلاثاء ٢ أبريل ٢٠٢٤ يقسم الرئيس السيسى القسم الدستورى لبداية دورة رئاسية ثالثة، وهذا القسم وتلك الدورة تأتى فى ظروف يمكن أن نطلق عليها بكل وضوح وصراحة أنها ظروف طارئة على المستوى المحلى والاقليمى والعالمي. كما أن لكل دولة ظروفها الخاصة بل لكل مرحلة زمنية معطياتها الخاصة التى تحدد الرؤية السياسية، وتلك الرؤية التى يتم على أساسها تحديد الاختيارات البشرية والسياسية وفى كل المجالات، وذلك لأنه لايوجد مجال سياسي أو اقتصادي أو اجتماعي .. الخ ينفصل عن مجمل المجالات. 

كما أن هذه المرحلة والتى يجب أن تكون مرحلة جديدة بكل ما تحمل هذه الكلمة من معانى. فنحن الآن فى مرحلة غير تلك التى كنا نواجه فيها تنظيما استغل الدين لصالح رؤيته السياسية. وهى مرحلة غير تلك التى واجهنا فيها الإرهاب وعلى كل المستويات، وهى غير مرحلة ماسميت ببناء البنية الأساسية (طرق وكبارى وعاصمة .. الخ) . وذلك لأن تلك المراحل كان قد تنازل فيها شعبنا العظيم عن الكثير والكثير بل دفع الكثير والكثير ومنها غياب المشاركة السياسية الحقيقية فى الشارع ولا أحد ينكر ذلك. ولذا وجب أن تكون هناك متغيرات حقيقية على أرض الواقع بعيدا عن الشعارات والوعود التى لا ولن تكون فى صالح أحد. 

بداية لا يتصور ولو يقبل أحد ببقاء هذه الحكومة بكل تشكيلاتها تصورا أنها أنجزت اخيرا حلا للمشكلة الاقتصادية، فما حدث وما سيحدث مثله لاعلاقة له بحل حقيقى للمشكلة. كما أن التغيير المطلوب ليس فى المجموعة الاقتصادية وفقط بل فى كل المؤسسات، ذلك لأن الفوضى التى يشاهدها الشارع المصرى هى نتيجة لغياب تلك الحكومة ومؤسساتها (وزراء . محافظين . رؤساء محليات ..الخ) عن الشارع فلا رؤية ولا خطة ولا تواجد. فهل ما يصنع ويساهم فى المشكلة يصلح أن يكون جزءا من الحل؟ وكفى اتباعا لسياسة المجاملة لقيادات لاعلاقة لها بتلك المواقع التى تجاملونها على حساب الشعب والوطن!!

وهذا يتطلب أن يكون هناك منذ الآن التزام حقيقى وعملى بالدستور، فكل صاحب موقع (ولا أقول منصب) أن يعى مهام موقعه دون تدخل من الآخر أو اعتمادا على الآخر. فالدستور حدد مهام كل المواقع من رئيس الجمهورية حتى أقل موقع. وهذا فى صالح الموقع وصاحبه والشعب والوطن. فلا وطن حقيقى دون مؤسسات حقيقية تلتزم بالدستور وتعى مهامها السياسية وترتبط بالجماهير عمليا لا نظريا . كما أنه لا وطن دون مشاركة سياسية ، ولا مشاركة سياسية دون الرأى والراى الآخر (فما خاب من استشار). وهذا يتطلب إعادة صياغة للحياة الحزبية والسياسية بعيدا عن أحزاب التأييد المصنوعة والمعارضة المصنوعة أيضا (والأمثلة كثيرة ولا نريد الخوض فيها). ولا حل غير نظام انتخابى يعبر عن الاختيارات الشعبية الحقيقية بعيدا عن انتخابات التعيين المبني على القدرة المالية بدلا من القدرة والتاريخ السياسي. مطلوب أن تتحقق المسؤولية الوزارية بكل المعانى فلا ينصب الاهتمام على وزارة دون الأخرى. فالتعليم لايقل عن الاقتصاد لأن التعليم معنيّ بإعداد المواطن الذى هو الرأسمال البشرى الحقيقى للأوطان. كما أن الثقافة لا تقل عن السياسة، لأنه بدون الثقافة والوعى يسهل الانقياد فيغيب العقل ويتجمد الفكر. والفكر الدينى هو أساس تربية المتدينين على الفهم الصحيح لمقاصد الأديان العليا التى تعلى الإنسانية وتقبل الآخر فتتحقق وحدة الشعب فى إطار الكل فى واحد. ولا تعليم ولا ثقافة ولا فكر دينى بغير توفير حرية ابداء الرأى والرأي الآخر فى كل وبكل الوسائل ولا تكون عليها محاذير غير القانون والقانون وحده. فبحرية الرأى يبنى الوعى وبالوعى يستطيع الإنسان الاختيار السليم وبهذا الاختيار تتقدم وتزدهر الأوطان فالشعب هو المعلم وهو القائد. (وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون) والاتكال غير التواكل. 

كل الأمنيات الجميلة لمصر وشعبها العظيم فى أن نتخطى كل الصعاب وننتصر فى كل المواجهات لصالح مصر كل المصريين.
----------------------------
بقلم: جمال أسعد

مقالات اخرى للكاتب

فلسطين وصراع الحضارات