شباب بعد الستين
ولكن (رغم ذلك) فللشيخوخة سحرها الخاص جدا، وكثير من المشاهير هنا وهناك أبدعوا أكثر أو بدأوا إبداعاتهم بعد الستين، وكان العمرعندهم مجرد رقم ليس إلا.
جوزيه سارماجو هو أول كاتب باللغة البرتغالية والحائز على جائزة نوبل، أثبت للجميع أن الفقر ليس له علاقة بالنجاح ؛ فكان يسير حافيا ويعمل فى الحدادة والميكانيكا.
وبعد 40 عاما بدأ فى العمل الوظيفى ثم محررا صحفيا، ولكن بعد طرده من عمله؛ تفرغ للكتابة ثم نشر أول رواية له، وحاز على جائزة نوبل فى الأدب عن روايته العمى ؛ وكان ذلك بعد بلوغه سن الستين بأعوام.
ونستون تشرشل أعظم شخصية بريطانية، والذى صنفته مجلة التايم الأمريكية كأكثر القادة المؤثرين فى التاريخ ؛ وأحد أبرز السياسيين فى القرن العشرين؛ لم يكن ناجحا فى دراسته .. فقد رسب فى اختبارات الفصل السادس الأبتدائى ؛ وخسر فى كل الانتخابات التى ترشح فيها ، والأهم هو إعاقته فى القدرة الكاملة على الكلام ؛ مما اضطره لأستخدام طاقم أسنان صناعى ؛ بعد عمر طويل من حياته.
ولكن بعد عمر الستين .. حينما عاد نيفيل تشامبرلين رئيس الوزراء البريطانى الأسبق من اجتماع ميونيخ الشهير 1938، كان يحمل فى يده ورقة لوح بها بعد نزوله من الطائرة ؛ كانت ورقة اتفاق وقعه مع أدولف هتلر ، ونص على ألا تكون هناك حرب، وظن تشامبرلين أن توقيع الورقة ؛ سيحمى بريطانيا من الأطماع التوسعية لألمانيا النازية ، التى مضت فى بناء واحد من أقوى الجيوش. لكن سرعان ما تبخر هذا الظن مع قيام هتلر بغزو تشيكوسلوفاكيا ؛ مما اضطر تشامبرلين إلى تقديم استقالته ، بعد أن تعرض لانتقادات لاذعة من البرلمان البريطانى ، وكان فى مقدمة منتقديه ونستون تشرشل، الذى قال له: لقد خيرت بين المهانة والحرب ؛ فاخترت المهانة وستواجه الحرب.
وكان صاحب المعجزة لتصدى الجيش الألمانى بقيادة ادولف هتلر فى الحرب العالمية الثانية تحت شعار: لن نستسلم أبدا ؛ ثم كتب عن تلك الحرب وحاز على جائزة نوبل فى الأدب.
كانت أيام ونستون تشرشل الأخيرة أياما حزينة. ولكن ليس بدرجة الحزن الذي صوره بعض الناس. كان يعلم جيدا أن مكانته في التاريخ قد خلدت. وأن أصدقاءه القلائل قد رحلوا عن هذه الدنيا. ولكن الشخص الوحيد الذي كان يتعلق به .. كانت زوجته.
-------------------------------
بقلم: خالد حمزة
[email protected]