أوصى تقرير تحليلي بضرورة يجب الموازنة بين تحقيق نسب اكتفاء ذاتي معقولة في القمح، مع عدم إهمال السلع الأخرى التي تنتجها مصر، وتعتبر الخضروات من هذه المنتجات التي يساهم توفيرها بأسعار مناسبة في تشجيع المواطنين على تغيير أنماط تغذيتهم وبالتالي تقليل الاعتماد على القمح.
وقال التقرير الصادر عن "حلول للسياسات البديلة - عدسة" التابعة للجامعة الأمريكية بالقاهرة: يظل السعي وراء زيادة التوريد المحلي من القمح مهماً لضمان درجة من الأمن الغذائي في مصر، خصوصًا في ظل انخفاض نصيب الفرد من البروتين النباتي والذي يعد القمح مصدرًا رئيسًا له، واعتماد الفئات الفقيرة عليه بسبب وفرته والانخفاض النسبي في أسعاره نتيجة الدعم الحكومي له.
رفع سعر التوريد
ووافق مجلس الوزراء المصري على رفع سعر توريد إردب القمح إلى 2000 جنيه لموسم 2025/2024، ما يوازي 41.32 دولارًا، لتشجيع الفلاحين على زراعة القمح، ورغم أن الموافقة جاءت بناء على طلب المزارعين في نوفمبر 2023، فإنها تأخرت وتزامنت مع قرار تعويم الجنيه الأخير ما يجعلها فارغة المضمون.
وتأتي هذه الخطوة في ظل خطط الحكومة للوصول إلى 70% اكتفاء ذاتي من القمح بحلول 2030، وهو هدف من الصعب تحقيقه مع تحديات الوضع الاقتصادي داخلياً وعالمياً، ومعدلات النمو السكاني وعدم اتساق زيادة الإنتاج المحلي معها.
مصر والاكتفاء الذاتي من القمح
وقال تقرير (عدسة): يعد تقلب سعر القمح عالمياً بسبب الأزمات الدولية وتحديات سلاسل الإمداد، وبالتالي ارتفاع فاتورة الاستيراد، هو المحرك الأساسي وراء هدف الاكتفاء الذاتي، وتسعى الحكومة إلى زيادة الرقعة المزروعة قمحًا من خلال تشجيع الفلاحين بزيادة أسعار التوريد أو من خلال مشاريع الاستصلاح الزراعي.
وأصدرت الحكومة بحد أقصى لنسبة استيراد القمح 5% من فاتورة الواردات، وبالفعل، ارتفع متوسط إنتاج مصر السنوي من القمح بـ 1.9% خلال الفترة من 2000 إلى 2020.
وأضاف التقرير: بينما نجحت مصر في زيادة إنتاجية الفدان المزروع قمحًا اعتمادًا على تكنولوجيات الهندسة الزراعية، فإن هذه الإنتاجية تتسابق مع معدلات النمو السكاني وتوقعات وصول عدد السكان إلى 140 مليونًا بحلول 2050.
وبعد رفع سعر التوريد أصبح سعر طن القمح المحلي 13.3 ألف جنيه، بينما يتراوح سعر طن القمح المستورد من 12.2 إلى 12.5 ألف جنيه، وهذا نتيجة لسياسة الدولة الممتدة لسنوات في زيادة سعر التوريد، حيث وصل الفارق في السعر إلى 84 دولارًا زيادة لصالح القمح المحلي عام 2014.
المعدل السكاني وتحقيق الاكتفاء الذاتي
وقال تقرير عدسة: ليس المعدل السكاني وحده هو المؤثر في عدم القدرة على تحقيق الاكتفاء الذاتي، بل معدل استهلاكنا من القمح، وتأتي مصر في المركز السادس عالمياً في الاستهلاك بعد دول أخرى ذات حجم سكاني أكبر.
وأضاف: تواجه الخطة الحكومية للاكتفاء الذاتي عدة عقبات، منها: ارتفاع تكلفة زراعة القمح محلياً بسبب الشح المائي، وارتفاع درجات الحرارة وتأثيرات التغيرات المناخية، بالإضافة إلى أنه نتيجة للتضخم ارتفعت تكاليف زراعة فدان القمح من 7.5 آلاف جنيه في 2021/2020 إلى 9.9 آلاف في العالم التالي، ووصلت تقديرات التكلفة إلى 17 ألف جنيه في 2023/2022.
وفي ظل الفجوة القمحية المقدرة بـ 6.5% خلال الـ20 سنة السابقة، من المرجح ألا تستطيع مصر الوصول إلى نسبة أعلى من 50% من الاكتفاء الذاتي من القمح.