16 - 06 - 2024

"منف" عاصمة مصر الأولى.. ماذا تبقى منها الآن؟

>> عمرها تجاوز أكثر من 5200 عام

>> كانت مقر حكم مقوقس مصر حين فتحها عمرو بن العاص

>> تحوي ثاني أكبر تمثال لأبي الهول، وتمثال لرمسيس يزن 100 طن 

>> اعتمدها اليونسكو ضمن مناطق التراث العالمي

هوميروس صحاب الإلياذة الشهيرة تغنى بها، وزارها إليها الإسكندر الأكبر، ويقال إن نبي الله موسى عليه السلام ولد فيها، وبعث فيها إدريس نبي الله عليه السلام إنها مدينة «منف»، مر أكثر 5200 عام على اختيار «مينا» لها كي تكون عاصمة لمصر الموحدة، مؤسسا به قلعة حربية أحاطها بصور أبيض، تمجيدًا لتاج الصعيد الأبيض (مصر العليا) الذي  جاء منه، موحدا قطري مصر إلى الأبد 3200 ق.م.

الموقع والأهمية

وتقع مدينة منف قرية «مية رهينة» حاليًّا على بعد 20 كيلو من القاهرة، على الضفة الغربية من النيل بمحافظة الجيزة، وظلت عاصمة لمصر لأكثر من 1000 عام، حتى انتقلت العاصمة إلى مدينة «طيبة» الأقصر حاليًّا، ويعني اسم منف الجدار الأبيض، أما  «ممفيس» فهو الاسم  اليوناني لها، وتم اشتقاقه من الاسم القديم «من  نفر» نسبة لمجمع هرم الملك «بيبي الأول» بالأسرة سادسة.

عانت منف كثيرًا من احتلال الهكسوس لها حتى نجح أحمس بعجلاته الحربية من طردهم من مصر، وعادت إلى شيء من مكانتها بعد تأسيس مدينة الإسكندرية سنة 331 ق. م. حيث أصبحت مقرًا للمقوقس زعيم أقباط مصر، عندما كان يتفاوض مع عمرو بن العاص عند قدومه إلى مصر لفتحها، وما زالت بعض أطلال مدينة منف في عصورها المتأخرة قائمة.

عبقرية المكان

ومية رهينة الاسم الحالي للمدينة يعني طريق الكباش، لأن مدينة منف كانت موصولة بمنطقة سقارة بطريق من الكباش، يشبه طريق كباش الأقصر الذي ما زال باقيَّا حتى الآن.

واختار مينا هذا المكان بالتحديد ليكون عاصمة دولته الموحدة لعبقرية المكان، نظرًا للنيل الذي يحصنها من الشرق والجبل من الغرب، بالإضافة إلى موقع المدينة الجغرافي على قمة الدلتا، وملتقى طريق تجارة الصحراء من الشرق، وكونها تربط الجزء الشمالي للدولة بالجزء الجنوبي.

متحف مينة رهينة

ويوجد بمدينة مية رهينة متحف يضم مجموعة من الآثار التي وجدت بالمدينة، مثل بقايا معبد للإله بتاح ومعبد للإلهة حتحور إلهه الجمال، ومعبد لتحنيط العجل أبيس، ومعبد لرمسيس الثاني، ومقصورة تي الأول، قد تأسس هذا المتحف في عام 1962. 

ويتميز المتحف بوجود تمثال ضخم لرمسيس يزن 100 طن، وطوله حتى أعلى مسافة نحو 11 مترا ويرجع للأسرة 19، وهو نسخة من اثنين وجدا بهذا المكان، حيث نصب إحداهما بميدان رمسيس بالقاهرة والذي نقل بعد ذلك المتحف المصري الكبير والثاني باق حتى الآن في مكانه بمتحف مية رهينة.

ويوجد داخل المتحف ثاني أكبر تمثال لأبي الهول مصنوع من المرمر ويزن أكثر من 80 طنا بطول يتعدى 8 أمتار.

وفي الجانب الغربي من المتحف يوجد معبد حتحور كان بني من الحجر الجيري من قبل رمسيس الثاني، اكتشف هذا المعبد في عام 1970م.

ثالوث منف

هو تمثال ثلاثي مصنوع من الجرانيت ارتفاعه أكثر من ثلاثة أمتار وعرضه 165 سم. وهو يمثل ثالوث منف وهم بتاح، وسخمت، ابنهما، نفرتم.

ويصور بتاح على شكل رجل يضع تاجًا على رأسه ويحمل صولجان واعتبر راعي  الحرفيين والعمال. وهو الضمير والعقل والفكرة والقلب عند المصريين القدماء.

أما الإلهة سخمت زوجته التي تصور على شكل سيدة برأس لبؤة جالسة على العرش أو واقفة، فهي سيدة الحرب عند المصريين القدماء، والسيدة العظيمة محبوبة بتاح، عين رع، وهي سيدة الأرضيين «مصر العليا والسفلى»، وسيدة الأرض الليبية، والجبارة.

أما نفرتم الابن هو إله زهرة اللوتس الأزلية، والتي نراها تعلو رأسه عندما يتخذ الشكل الآدمي، أو كطفل فوق هذه الزهر.

ومن الجدير بالذكر هنا أن سخمت هي إلهة البطش والحرب هي أخت الإلهة حتحور إلهة الحب والجمال في الميثولوجيا المصرية القديمة ولها معبد غاية الروعة والإتقان بمدينة دندرة بقنا.

تخريب المدينة

تعرضت مدينة منف عاصمة مصر الأولي لعمليات تدمير بشعة من قبل المحتلين، الذي أغاروا على مصر في العصور القديمة، بهدف مسح هوية وعمق وطبيعة الحضارة المصرية، خاصة في عهد احتلال الملك بعنخى أحد ملوك مملكة نباتا بالسودان القديمة، كما قام الآشوريون بعمليات تخريب كبيرة على يد أسر حدون ثم أشور بنيبال وتعرضت المدينة لعمليات نهب، وكانت أقسى حملات التخريب على يد الفارسي «قمبيز»الذى ضرب المدينة بقواته، وقتل كهنة الإله بتاح كما قتل العجل أبيس، إلا أن المدينة استردت بعض نشاطاتها في العصر البطلمي وأوائل العصر الروماني، حتى جاء الإمبراطور الروماني ثيودسيوس وأصدر أمرا بتخريب المعابد وتحطيم تماثيل الآلهة، وتحولت المدينة إلى محجر تنقل أحجاره لتشييد منشآت أخري.

اليونسكو

وجدير بالذكر أن اليونسكو قد اعتمد هذه المدينة «منف» ضمن مناطق التراث العالمي التي تقع أطلالها على أربع قرى الآن هي ميت رهينة، والعزيزية، وأبو صير، وسقارة






اعلان