27 - 04 - 2024

نجوم الإنشاد الديني | تجليات الشيخ النقشبندي

نجوم الإنشاد الديني | تجليات الشيخ النقشبندي

تحلو مرارة عيش في رضاك 

وما أطيق سخطا على عيش من الرغد

تعود تجليات الإنشاد الديني في مصر إلى بداية القرن الـ 20؛ وتتجلى روعة الإنشاد الديني الذي يبدأ بمحبة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ومحبة آل بيته الأطهار، فيكون همحببا للعديد من طبقات المجتمع، وتنشط ليالي إنشاد قصائد المديح النبوي في ليالي رمضان المبارك، حيث تتوالى مشاركة كبار المنشدين بإحياء الليالي الرمضانية التي تعد السهرة الروحية المفضلة لدى المصريين في هذا الشهرالكريم عقب آذان المغرب وقبل حلول موعد صلاة فجر يوم رمضاني جديد..

تعودنا أن نتذكره مصريون وميديا بمنصاتها المختلفة مع حلول الشهر الكريم، فما أجمل تجليات الشيخ النقشبندي بدءا من أول أيام الشهر مع نفحات قرآن المغرب وما بعده من ابتهالات وتضرعات ومناجاة: "أدعوك يارب..." "عالم أنت بحالي"، "سبحانك ربي".....، هذا العام تحل الذكرى الـ47 لرحيل واحد من أشهر أيقونات المنشدين والمبتهلين في مصر والعالم الإسلامى، الملقب بشيخ المبتهلين الشيخ سيد النقشبندي، صاحب العديد من الابتهالات الشهيرة مثل: "مولاي إني ببابك، ورسولك المختار، وأغيب، ويارب إن عظمت ذنوبى، والنفس تشكو"، إسمه بالكامل الشيخ سيد محمد النقشبندى، مولود فى 7 ينايرعام 1920، بقرية دميرة إحدى قرى محافظة الدقهلية، وهي معلومة غائبة عن كثيرين يعتقدون أنه من مواليد دولة أخرى، ولكن سيرته الذاتية تقول أن أسرته قد انتقلت إلى مدينة طهطا في محافظة سوهاج ولم يكن قد تخطى العاشرة من عمره، وفي مدينة "طهطا" حفظ النقشبندي القرآن الكريم على يد شيخ ورع إسمه الشيخ أحمد خليل، وإن كان تعلم الإنشاد الديني في حلقات الذكر بين مريدي الطريقة النقشبندية، وقد كرمه قبل وفاته مباشرة الرئيس الراحل محمد أنورالسادات حيث دار بينه وبين الشيخ سيد حوارا ودودا يكشف عن كون الرئيس السادات من محبيه. 

وفي عام 1955 استقر الشيخ سيد النقشبندي في مدينة طنطا وذاع صيته في محافظات مصر والدول العربية من هناك من رحاب السيد البدوي؛ حيث كان يتنقل بين القرى والنجوع والمحافظات المختلفة تماما كما كان الحال مع نجمي الطرب الموسيقار محمد عبد الوهاب وكوكب الشرق السيدة أم كلثوم؛ فالبدايات متشابهة إلى حد كبير في الذهاب إلى المستمع في دارهم وأماكنهم بعيدا عن العاصمة، ليس هذا فقط ، بل طاف الشيخ النقشبندي أرجاء عدد من الدول العربية بدعوات رسمية بينها دعوة من الرئيس السورى السابق حافظ الأسد، كما تمكن الشيخ النقشبندي من آداء فريضة الحج 5 مرات خلال زياراته للمملكة العربية السعودية، ومن الرائع أنه كان من بين جمهوره بعض الرهبان والقساوسة، لعل من أشهر ابتهالاته رائعة بليغ حمدي وعبد الفتاح مصطفى "مولاى"، التي يتفاءل بها المصريون ويطربون لآدائه لها خاصة مع حلول أول أيام شهر رمضان الكريم، وكأنها تمهيد بينهم وبين روحانيات الشهر الفضيل، يذكر أنه كان هذا الابتهال بعد قرار الرئيس الراحل أنور السادات الذي طلب أن يجمع عملا بين النقشبندي وبليغ حمدى، حيث روي عنه أنه قال عبارته الشهيرة "احبسوا النقشبندي وبليغ مع بعض لحد مايطلعوا بحاجة"، وكان الشيخ مترددا في التعاون مع الموسيقار الصادق بليغ حمدي بوصفه أحد مبدعي الغناء العاطفي، واتفق مع أحد المقربين منه على رمز إن أعجبه لحن بليغ فإنه سيحرك عمامته إلى الأمام، وإن لم يعجبه سيزيحها إلى الخلف وساعتها عليهم أن ينهوا اللقاء تحت أي حجة، ولكن بليغ المرهف كان قادرا على إبهار الشيخ؛ حيث قال له أنه يعده بلحن يعيش مائة عام، وعندما أسمعه رؤيته لأبتهال "مولاي" رفع الشيخ العمامة ووضعها أمامه على النضدة منفعلا بلحن مولاي، مهللا ومكبرا: الله.. الله..وكانالابتهالالخالد الذي سيعيش ألف عام حتى يرث الله الأرض ومن عليها:

 "مولاى إني ببابك قد بسطت يدي.. من لي ألوذ به إلاك يا سندي"

مولاي اني ببابك قد بسطت يدي من لي الوذ به الاك يا سندي

مولاي يا مولاي مولاي اني ببابك

ماولاي اني ببابك ماولاي اني ببابك

اقوم بالليل والاسحار ساجية ادعو وهمس دعائي

ادعو وهمس دعائي بالدموع ندي بنور وجهك اني عائد وجل

ومن يعذ بك لن يشقى الى الابد مهما لقيت من الدنيا و عارضها

فانت لي شغل عما يرى جسدي تحلو مرارة عيش في رضاك

تحلو مرارة عيش في رضاك 

و ما اطيق سخطا على عيش من الرغد

من لي سواك و من سواك ومن سواك يرى قلبي ويسمعه

كل الخلائق ظل في يد الصمد ادعوك يا رب ادعوك يا ربي

فاغفر زلتي كرما و اجعل شفيع دعائي حسن مرتقبي

و انظر لحالي و انظر لحالي

في خوف في طمع هل يرحم العبد الله من أحد

قد بسطت يدي من لي الوذ به الاك يا سندي مولاي

تم اعتماد الشيخ النقشبندي بالإذاعة عن جدارة وانبهار العام 1967، وترك للإذاعة ثروة وتراثا شديد الندرة والروعة من الأناشيد والابتهالات، حتى توفي الشيخ سيد النقشبندي إثر نوبة قلبية فى 14 فبراير 1976، وقبل وفاته بيوم واحد كتب وصيته لشقيقه من والدته سعد المواردي ليرثه فى مسكنه بحي العباسية.

كرمته الدولة المصرية بداية من الرئيس الراحل محمد أنور السادات إسم النقشبندي، الذي قيل أنه كان يتفاءل برائعته مع بليغ حمدي "مولاي"، كرم الشيخ العام 1979م بمنحه وسام الدولة من الدرجة الأولى بعد وفاته، كما كرمه الرئيس المصري الأسبق مبارك إسم الشيخ في الاحتفال بليلة القدر عام 1989م بمنحه وسام الجمهورية من الدرجة الأولى، وذلك بعد وفاته أيضا.

يا من له ستر علي جميل .. هل لي إليك إذا اعتذرت قبول

أدنيتني ورحمتني وسترتني .. كرما فأنت لمن رجاك كفيل

وعصيت ثم رأيت عفوك واسعا .. وعلي سترك دائما مسبول

فلك المحامد والممادح في الثناء .. يامن هو المقصود والمسئول.
--------------------------
استمع إليهم: طاهــر البهــي






اعلان