10 - 11 - 2024

عجاجيات | مال الجميل

عجاجيات | مال الجميل

أعترف بأننى كنت مراهقا فاشلا جدا فى التواصل مع الجنس اللطيف.. بل إننى فشلت فى معاكسة أي فتاة ولم أستطع النطق بأي كلمات جاذبة.. أعتقد أننى كنت أعجب بينى وبين نفسى وكنت أحب فى صمت، وعلى طريقة فريد الاطرش الحب من غير امل .. ولذلك أعترف أننى طوال فترة المراهقة والشباب الأول لم أقل لأي فتاة: مال الجميل أو مال القمر.

واليوم وأنا اقترب من السبعين وقد اشتعل الرأس شيبا أقول: مال الجميل؟!

والجميل الذى أقصده ليس فتاة جميلة ولا سيدة صارخة أو صاروخية الجمال.. ولكن الجميل الذى أقصده وأوجه له السؤال هو ذلك الحى فى محافظة بورسعيد التى أحبها وأحب أهلها وأحترم جدا حبهم للحياة وقدرتهم الرائعة على التكيف والاستمتاع بخيرات البحر الأبيض المتوسط والمعدية وبور فؤاد ومقاهى المدينة الجميلة وأفران السمك والدراجات الهوائية وسيلة النقل الشائعة بين البورسعيديين

بالصدفة البحتة شاهدت فيديوهات على اليوتيوب لعمليات الإزالة التى تتم فى الجميل فى ظل تواجد أمني مكثف...

لفت نظري أن الضاحية اسم على مسمى فهى بالفعل جميلة جدا.. ولفت نظري أن المنطقة أبعد ما تكون عن العشوائية.. ولفت نظري أن البلدوزورات تهاجم بيوت فاخرة وذات جمال وفخامة بل إنها تهاجم فيللات شديدة الأناقة ، ولفت نظري احتجاجات الاهالى وهتافات أطفالهم: "احنا فى مصر مش فى غزة".. ولفت نظري استغاثة سيدة تؤكد أن شقا ٣٠ سنة تحول إلى كوم تراب.. ولفت نظري تذكر بعض المحتجين تهجيرهم عقب نكسة ١٩٦٧.

وأعترف أننى لا أملك أي معلومات موثقة عما يحدث ولماذا يحدث وما الهدف منه.. بل إننى لا أعرف مدي قانونية هذه المبانى ولا أعرف هل سيتم تعويض أصحابها أم لا؟ وهل تم توفير مساكن بديلة لائقة لهم أم لا...

ما أعرفه يقينا أن المنازل لها في القلوب منازل... وأن الجدران سترة.. وأن البيوت عشرة وذكريات وأيام ومواقف لا تنسى.

أتمنى أن تكون إجابة مال الجميل؟! كل خير وأتمنى لأهالى الجميل وكل أهالى بورسعيد كل الخير والأمان والسلام.
-------------------------
بقلم: عبدالغني عجاج

مقالات اخرى للكاتب

عجاجيات | السنوار حي يرزق