ليس هذا هو الوقت المناسب لأحاديث "الشكوى" من الفساد في ظل الجرائم الصهيونية المدعومة من "شياطين" أمريكا وأوروبا ، إلا أن الفساد هنا ربما كان له علاقة بالجرائم هناك.
لن أتحدث عن فساد مالي (رغم بشاعته) إنما عن الفساد الإداري للبيروقراطية الحكومية التي تنتج لنا بانتظام قيادات تتحكم وتسيطر باستبداد وغشامة على كثير من أوجه الأنشطة الاقتصادية والسياحية والرياضية .. اللوائح الإدارية تفتح الباب لكل من هب ودب ليكون "الحاكم بأمره" في موقعه التنفيذي دون مراعاة للمصلحة الوطنية.
الحكاية ليست جديدة على الرأي العام فقد أثارها إعلاميون مرموقون على قنواتنا المحلية، فضلا عن بعض الجرائد القومية (الأخبار ـ الجمهورية) وتتعلق بالفضيحة التي طالت بلدنا بسبب تعنت مسئول في وزارة البيئة .
اتحاد الصيد المصري كان قد وجه خطابات إلى 7 جهات حكومية منذ 3 أشهر، كما تنص الإجراءات، للحصول على موافقة بتنظيم بطولة محلية لصيد الأسماك في مدينة الغردقة، بهدف تنشيط السياحة الداخلية، وبالفعل استجابت الأمانة العامة لوزارة الدفاع، ووافقت المخابرات العامة، ورحبت وزارة الداخلية، ولم يمانع جهاز تنمية البحيرات والثروة السمكية، واستعدت القاعدة البحرية بسفاجا للحدث الذي يساهم في تنشيط السياحة، بينما أيدت مخابرات حرس الحدود الطلب .. لكن جهاز شئون البيئة، الجهة السابعة التي يتحتم الحصول على موافقتها، استخدمت حق الفيتو الذي منحته إياها اللوائح الإدارية، ومتى؟ قبل إقامة البطولة بأربع وعشرين ساعة، وبعد وصول الأندية المتسابقة، وإشغالها لفنادق الغردقة ،وتكبدها لنفقات السفر، وتأجير مراكب الصيد لمرافقة المتسابقين، وتسلم أصحابها تكاليف أجور استئجارها من الفرق المشاركة .. رفض جهاز شئون البيئة، دون مراعاة الأعباء اللوجستية التي تكبدها اتحاد الصيد المصري من مال وتجهيزات وترتيبات، ودون اي اعتبار للتكاليف المالية التي تورط فيها هواة الصيد، ودون النظر إلى "أكل عيش" عشرات الأسر التي تتعيش من مراكب الصيد الرابضة في الموانيء دون عمل .. كل هذا لا يهم جهاز شئون البيئة الذي لم ينظر إلى ما هو أبعد وأهم من تنظيم بطولة صيد أسماك محلية، حتى لو كان ذلك على حساب"سمعة" القوانين واللوائح التنفيذية في مصر.
انتهز المسئول عن إعطاء موافقة جهاز البيئة إنشغال المجتمع المصري بكامله بالجرائم التي يرتكبها المحتل الصهيوني ضد أهالينا في فلسطين وغزة، وانفرد باتحاد الصيد المصري، لتصفية حساباته "الفاسدة" مع اتحاد رياضي وطنى يرفض "تفتيح المخ" ولا يقبل أن يدفع ثمن "الشاي" مقابل تأدية دوره المنوط به منذ تأسيسه.
قد يرى البعض أن "الموضوع" كله لا يستحق الوقوف أمامه، وقد يكون به صورة غير وردية مبالغ في تداعياتها وآثارها، إلا أنه غير ذلك بالمرة، حيث يسلط الضوء على التشوه الذي يصيب الإجراءات واللوائح بما يسمح لأي مسئول في موقعه أن يضع إصبعه في عين "التخين" تحت حماية ومرأي من لوائح تنفيذية، لقوانين تم تشريعها من البرلمان، وهنا تكمن المشكلة في ما يمكن تسميته بـ "الضحك على الذقون" .. يصدر البرلمان أو الحكومة قوانين منظمة للنشاط الأهلي في مصر، وتأتي اللائحة التنفيذية التي تفسر مضمون وهدف القانون وفقا لما يمليه الهدف من التشريع، لتنسف القانون ذاته وتجعله ألعوبة في يد موظفين لا يعنيهم من أمور "الحكومة" إلا " تفتيح المخ" وشوية "شاي".
كل ذلك يحدث ووزارة الشباب والرياضة، مثل الزوج، آخر من يعلم، ولم تحاول إنقاذ الموقف ، فالمشى بجوار الحائط أفضل في جميع الأحوال .. صحيح أن هناك اجتماع مرتقب بين رجال اتحاد الصيد والوزير خلال الساعات المقبلة من أجل تصفية الموقف، لكنه اجتماع لن يسفر عن شىء، حيث أنه يصب في "الشكل" وليس "المضمون" والأخير لا يستطيع مسؤول في مصر تناوله، إلا إذا حافظ على "تفتيح المخ" وشرب الشاي.
------------------------
بقلم: أحمد عادل هاشم