27 - 07 - 2024

الكتابة بالمؤنث.. قراءات في مؤلفات نقدية نسائية من المغرب

الكتابة بالمؤنث.. قراءات في مؤلفات نقدية نسائية من المغرب

نظم مختبر السرديات والخطابات الثقافية بالمركز الثقافي بنمسيك - كمال الزبدي بالدار البيضاء، بتنسيق مع فرقة البحث في الإبداع النسائي، وبإشراف علمي لمختبر السرديات، أمس السبت 2 ديسمبر، ندوة حول"الكتابة بالمؤنث، قراءات في مؤلفات نقدية لكاتبات مغربيات"، في لقاء قرأ فيه أربعة باحثين، أربع مؤلفات نقدية، وذلك لاستكشاف الآليات التي تقرأ بها الناقدة المغربية القول الأدبي والفني أو تقترب فيها من المصطلح ومستوياته.

في كلمته التقديمية لهذه الندوة، تحدث إبراهيم أزوغ، منسق اللقاء، عن كون "نادي القلم المغربي" جِسر عبور الباحثين الأكاديميين والمعرفة العلمية من داخل الجامعة إلى المجتمع ومؤسساته وفضاءاته الثقافية، مبرزا أهداف النادي من برنامجه الثقافي السنوي المتنوع، الذي يشمل عقد ندوات حول قضايا الإنسان والمجتمع، ونشر كتب في مختلف مجالات المعرفة، وتقديم أخرى للقارئ المغربي، وهو في رأيه صيغة للاحتفاء بالكاتب والكتاب المغربيين، وتأكيد على ديناميكية الفعل الثقافي في المغرب، وحضور المثقف ودوره في بناء المجتمع والمساهمة في تحولاته.   

افتتحت نادية بوراس جلسة المداخلات بورقة حول سؤال الكتابة عند العالية ماء العينين، من خلال مؤلفها "في متاهات القول، قراءات نقدية"، عبر تتبع السفر النقدي الذي خاضته ماء العينين في متون نقدية وأخرى إبداعية شملت الرواية والقصة القصيرة، والرحلة، والسيرة الذاتية، والرسالة، ثم القصيدة، متحررة في دراستها ونقدها لهذا المتن من المنهج الواحد، عبر إنطاق النصوص وحفزها على البوح بمضمراتها، انطلاقا من مصاحبتها ومحاورتها، بوصفها نصوصا حية لا ميتة؛ فيتم استحضار النصوص وأسباب تنزيلها وورودها، وذكر جوانب قوتها وضعفها، مع دعوة القارئ إلى ضرورة قراءة النص واستكشافه من مداخل أخرى، فكل كتاب يستحق أكثر من قراءة.

الورقة الثانية، قدمتها  لطيفة حدوش تحت عنوان "العيطة موضوعا للنقد قراءة، في كتاب العيطة المرساوية والمسرح الوطني أنموذج الفنان بوشعيب البيضاوي لبشرى خالص، حيث رامت الكاتبة والباحثة بشرى في مؤلفها  البحث في الخطاب الفني ضمن مقدمة وثلاثة فصول، مقاربة فن العيطة المرساوية عبر تسليط الضوء على هذا النمط التراثي الشعبي الشفوي المنسي ورد الاعتبار له؛ بصفته لعب دورا مهما في الدفاع عن الوطنية إبان فترة الحماية الفرنسية بالمغرب وبعد الاستقلال، إضافة إلى إبراز القيمة الفنية للفنان بوشعيب البيضاوي، التي لم يعرها الكُتاب أهمية رغم تجسيدها لمرحلة حاسمة في تاريخ المغرب، وذلك عبر تأليفه لمجموعة من الأغاني والمسرحيات التي قام فيها بدور الكاتب والمغني في الآن نفسه من خلال مسرحياته الوطنية التي شكلت حصنا منيعا ضد العدو وكان لها بالغ الأثر في التحسيس بالقضية الوطنية والدفاع عنها وبهذا، جمع بوشعيب البيضاوي بين الفن والنضال. كما تقف الورقة من خلال قراءة الكتاب على أنواع العيطة وتاريخها، وإبراز دور الباحثة في اضاءة جزء مهم من تراثنا الفني وعملت على تقديمه للباحثين من خلال دراسته.

وقدم محمد الورداشي المداخلة الثالثة في موضوع هوية الضمير الأنثوي في السرد المغربي الحديث: من الأنا الواقعية إلى الأنا السردية قراءة في كتاب الكتابة بالضمير الأنثوي لوفاء مليح.، ذلك أن التطوراتُ الفلسفيةُ التي اهتمت بالفردانية والذاتية في ظهور تيارات فكرية تحررية كثيرة، انصب اهتمامُها على قضايا الإنسان الفرد وسبل تحرره من الأنساق الموروثة عن الجماعة البشرية التي ينتمي إليها، ومن هذه الحركات تأتي الحركةُ النسويةُ التي ناهضت الأيديولوجية الذكورية وما ارتبط بها من أفكار وسلوكيات اجتماعية وثقافية؛ إذ كان هدفها هو تحرير المرأة من القيود والأغلال التي فرضتها الأنساق الثقافية والاجتماعية التي أنتجتها الذات المذكرة حسب أنصار هذه الحركات. وشملتْ هذه الحركاتُ التحرريةُ النسويةُ مجالاتٍ فكريةً وسياسيةً وثقافيةً واجتماعيةً وحقوقيةً تخصُّ مكانةَ المرأةِ باعتبارها ذاتا ذاتَ وضع اعتباري يعادل الوضعَ الاجتماعيَّ للرجل. ومن ثم، الاهتمام بنقد وتفكيك هذه المجالات المختلفة بغية وضع قدَم راسخة للمرأة فيها، فكانت الكتابة الإبداعية مجالا وسبيلا لبناء هوية مؤنثة ذات خصوصيات نفسية وفكرية مختلفة عن الرجل، بغض النظر عن الاختلاف الجنسي والبيولوجي. فأسهم هذا الأمرُ في ظهور ما يسمى "أدب المرأة"، و"الأدب النسائي"، و"النقد النسوي"..إلخ. هكذا، انشغلت الأقلامُ النقديةُ بهذا الأدب الذي يتَّخذُ المرأةَ موضوعا للكتابة تارة، وتكون فيه ذاتا كاتبةً ومكتوبةً تارة أخرى، مُحاوِلةً إبرازَ خصوصياته الفنية الجمالية، وبحثَ أبعاده الفكرية والأيديولوجية. المداخلة الرابعة كانت لأشرف الإدريسي الصغيوري حول "امتداد مصطلح الرواية في حقل النقد الأدبي، في كتاب مصطلح الرواية لسعيدة الرجاني، حيث أضفى الكتاب غنى معرفيا وإجرائيا في مقاربة العمل الأدبي من منظور نقدي، وهذا، حسب ما تضمنته بعض أعمال حميد لحمداني النقدية، التي تعتبر إطارا مرجعيا في النقد العربي، وساهمت بشكل جلي في تطور مصطلح الرواية وتنمية طريقة الاشتغال في هذا الصنف الإبداعي المتعدد الأبعاد. 

وفي نهاية الندوة، تم توقيع آخر مؤلفات صفية أكطاي الشرقاوي والذي يحمل عنوان "مذكرات طفل في أعوامه الثلاثة الأولى"، وقد تحدثت المؤلفة عن هذه التجربة وتفاصيلها التي تربطها بالذاكرة والبوح الأدبي، وقد تفاعل المتداخلون مع المداخلات الأربع ومع حفل التكريم.

--------------------------
متابعة: عائشة بوزرار *
*طالبة باحثة بسلك الماستر المتخصص في الإعلام الجديد والتسويق الرقمي بجامعة ابن طفيل، القنيطرة.